سورة المؤمنون

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قد أفلح المؤمنون

{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } فيه ثلاثة أوجه

 أحدها : معناه قد سعد المؤمنون ومنه قول لبيد :

فاعقلي إن كنت لم تعقلي

إنما أفلح من كان عقل

الثاني : أن الفلاح البقاء ومعناه قد بقيت لهم أعمالهم ، وقيل : إنه بقاؤهم في الجنة ، ومنه قولهم في الأذان : حي على الفلاح أي حي على بقاء الخير قال طرفة بن العبد :

أفبعدنا أو بعدهم . .

. يرجى لغابرنا الفلاح

الثالث : أنه إدْراك المطالب قال الشاعر :

لو كان حي مدرك الفلاح

أدركه ملاعب الرماح

قال ابن عباس : المفلحون الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا . روى عمر بن الخطاب قال كان النبي صل اللّه عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن يسمع عند وجهه دويٌ كدوي النحل ، فنزل عليه يوماً فلما سرى عنه استقبل القبلة ورفع يديه ثم قال : { اللّهمَّ زِدْنَا وَلاَ تُنْقِصْنَا ، وَأَكْرِمْنَا وَلاَ تُهِنَّا ، وَأَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا ، وَآثِرْنَا وَلاَ تُؤْثِرْ عَلَينَا ، وَأَرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا } ثم قال : { لَقَدْ أَنْزَلَ عَلَيَّ عَشْرَ أَيَاتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ } ثم قرأ علينا { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } حتى ختم العشر . روى أبو عمران الجوني قال قيل لعائشة ما كان خُلُق رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم ؟ ، قالت أتقرأُون سورة المؤمنون ؟ قيل : نعم ، قالت اقرأُوا فقرىء عليها { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } حتى بَلَغَ { يَحَافِظُونَ } .

فقالت : هكذا كان خلق رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

﴿ ١