٧إذ قال موسى . . . . . قوله تعالى : { إِنِّي ءَانَسْتُ نَاراً } فيه وجهان : أحدهما : رأيت ناراً ، قاله أبو عبيدة ومنه سمي الإنساء إنساً لأنهم مرئيون . الثاني : أحسست ناراً ، قاله قتادة ، والإيناس : الإحساس من جهة يؤنس بها . { سَئَاتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ } فيه وجهان : أحدهما : سأخبركم عنها بعلم ، قاله ابن شجرة . الثاني : بخبر الطريق ، لأنه قد كان ضل الطريق ، قاله ابن عباس . { أَوْ ءاتِيكُم بِشهَابٍ قَبَسٍ } والشهاب الشعاع المضي ، ومنه قيل للكوكب الذي يمر ضوؤه في السماء شهاب ، قال الشاعر : في كفِّهِ صعدة مثقفة فيها سنان كشعلة القبسِ والقبس هو القطعة من النار ، ومنه اقتبست النارَ ، أخذت منها قطعة ، واقتبست منه علماً إذا أخذت منه علماً ، لأنك تستضيء به كما تستضيء بالنار . { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي لكي تصطلون من البرد ، قال قتادة : وكان شتاء . قوله تعالى { فَلَمَّا جَاءَهَا } يعني ظن أنها نار ، وهي نور ، قال وهب بن منبه : فلما رأى موسى وقف قريباً منها فرآها تخرج من فرع شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق ، لا تزداد النار إلا تضرماً وعظماً ، ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسناً ، فعجب منها ودنا وأهوى إليها بضغث في يده ليقتبس منها ، فمالت إليه فخافها فتأخر عنها ، ثم لم تزل تطمعه ويطمع فيها إلى أن وضع أمْرها على أنها مأمورة ولا يدري ما أمرها ، إلى أن : { نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا } . وفي { بُورِكَ } ثلاثة أوجه : أحدها : يعني قُدِّس ، قاله ابن عباس . الثاني : تبارك ، حكاه النقاش . الثالث : البركة في النار ، حكاه ابن شجرة ، وأنشد لعبد اللّه بن الزبير : فبورك في بنيك وفي بنيهم إذا ذكروا ونحن لك الفداء وفي النار وجهان : أحدهما : أنها نار فيها نور . الثاني : أنها نور ليس فيها نار ، وهو قول الجمهور . وفي { بُورِكَ مَن فِي النَّارِ } خمسة أقاويل : أحدها : بوركت النار ، و { مَن } زيادة ، وهي في مصحف أُبي : { بُورِكَتِ النَّارُ وَمَن حَوْلَهَا } قاله مجاهد . الثاني : بورك النور الذي في النار ، قاله ابن عيسى . الثالث : بورك اللّه الذي في النور ، قاله عكرمة ، وابن جبير . الرابع : أنهم الملائكة ، قاله السدي . الخامس : الشجرة لأن النار اشتعلت فيها وهي خضراء لا تحترق . |
﴿ ٧ ﴾