سورة يس

مكية في قول الجميع ، إلا ابن عباس وقتادة فإنهما قالا إلا آية منها وهي قوله : { وإذا قيل لهم أنفقوا } [ يس : ٤٧ ] الآية . ؟

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

يس

قوله عز وجل : { يس } فيه خمسة تأويلات :

أحدها : أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله قتادة .

الثاني : أنه اسم من أسماء اللّه تعالى أقسم به ، قاله ابن عباس .

الثالث : أنه فواتح من كلام اللّه تعالى افتتح به كلامه ، قاله مجاهد .

الرابع : أنه : يا محمد ، قاله محمد بن الحنفية ، وروى علي رضي اللّه عنه قال : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) يقول : { إنَّ اللّه تَعَالَى سَمَّانِي في القُرآنِ بِسَبْعَةِ أَسْمَاءَ : مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَطه وَيس وَالمُزَّمِّلِ وَالْمُدَّثِّرِ وَعَبدَ اللّه } . الخامس : أنه يا إنسان : قاله الحسن ، وعكرمة ، والضحاك ، وسعيد ابن جبير . ثم اختلفوا فيه فقال سعيد بن جبير وعكرمة هي بلغة الحبشة . وحكى الكلبي

أنه بالسريانية وقال الشعبي : هو بلغة طيىء . وقال آخرون : هي بلغة كلب .

ويحتمل سادساً : يئس من كذب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) أن يكون مؤمناً باللّه ، نفياً للإيمان أن يكون إلا بالشهادتين ، واليأس أبلغ في النفي من جميع ألفاظه ، ثم أثبت رسالته بقسَمه فقال :

٢

٣

٤

٥

{ وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ . إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ . عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } يحتمل وجهين :

أحدهما : على شريعة واضحة .

الثاني : على حجة بينة .

٦

قوله عز وجل : { لِّتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ } فيه وجهان :

أحدهما : أنهم قريش أنذروا بنبوة محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) ولم ينذر آباؤهم من قبلهم ، قاله قتادة .

الثاني : أنه عام ومعناه لتنذر قوماً كما أنذر آباؤهم ، قاله السدي . { فَهُمْ غَافِلُونَ } يحتمل وجهين

: أحدهما : عن قبول الإِنذار . الثاني : عن استحقاق العذاب .

٧

قوله عز وجل : { لَقَدْ حَقَّ الْقَولُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ } فيه وجهان :

أحدهما : معناه لقد وجب العذاب على أكثرهم ، قاله السدي .

الثاني : لقد سبق علم اللّه في أكثرهم ، قاله الضحاك .

وفي هذا القول الذي حق عليهم وجهان :

أحدهما : أنه الوعيد الذي أوجبه اللّه تعالى عليهم من العذاب .

الثاني : أنه الإِخبار عنهم بأنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم .

{ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } يعني الأكثرية الذين حق القول عليهم ، وهم الذين عاندوا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) من كفار قريش ، وأكثرهم لم يؤمنوا فكان المخبر كالخبر .

٨

قوله عز وجل : { إنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِِهِمْ أَغْلاَلاً } فيها ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه مثل ضربه اللّه تعالى لهم في امتناعهم من الهدى كامتناع المغلول من التصرف ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : ما حكاه السدي أن ناساً من قريش ائتمروا بالنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) فجاءوا يريدون ذلك فجعلت أيديهم إلى أعناقهم فلم يستطيعوا أن يبسطوا إليه يداً .

الثالث : أن المراد به جعل اللّه سبحانه لهم في النار من الأغلال في أعناقهم ويكون الجعل ها هنا مأخوذاً من الجُعالة التي هي الأجرة كأن جعالتهم في النار الأغلال ، حكاه ابن بحر .

وفي قوله : { فِي أَعْنَاقِهِمْ } قولان :

أحدهما : في أيديهم ، فكنى بالأعناق عن الأيدي لأن الغُل يكون في الأيدي ، قاله الكلبي ، وحكى قطرب أنها في قراءة ابن عباس : { إنَّا جَعَلْنَا فِي أَيْمَانِهِم أَغْلاَلاً }

الثاني : أنها في الأعناق حقيقة ، لأن الأيدي تجمع في الغل إلى الأعناق ، قاله ابن عباس { فَهِيَ إلَى الأَذْقَانِ } فيه وجهان :

أحدهما : إلى الوجوه فكنى عنها بالأذقان لأنها منها ، قاله قتادة ، أي قد غلت يده عند وجهه .

الثاني : أنها الأذقان المنحدرة عن الشفة في أسفل الوجه لأن أيديهم تماسها إذا علت .

{ فَهُم مُّقْمَحُونَ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : رفع رؤوسهم ووضع أيديهم على أفواههم ، قاله مجاهد .

الثاني : هو الطامح ببصره إلى موطىء قدمه ، قاله الحسن .

الثالث : هو غض الطرف ورفع الرأس مأخوذ من البعير المقمح وهو أن يرفع

رأسه ويطبق أجفانه في الشتاء إذا ورد ماء كريهاً ، حكاه النقاش . وقال المبرد ، وأنشد قول الشاعر :

ونحن على جوانبها قعود

نغض الطرف كالإبل القماح

الرابع : هو أن يجذب ذقنه إلى صدره ثم يرفعه مأخوذ من القمح وهو رفع الشيء إلى الفم ، حكاه عليّ بن عيسى وقاله أبو عبيدة .

٩

قوله عز وجل : { وَجَعَلْنَا مِن بَينِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : يعني ضلالاً ، قاله قتادة .

الثاني : سداً عن الحق ، قاله مجاهد .

الثالث : ظلمة سدت قريشاً عن نبي اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) حين ائتمروا لقتله قاله السدي . قال عكرمة : ما صنع اللّه تعالى فهو السُدُّ بالضم ، وما صنع الإنسان فهو السد بالفتح .

١٠

{ فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : فأغشيناهم بظلمة الكفر فهم لا يبصرون الهدى ، قاله يحيى بن سلام ، ومعنى قول مجاهد .

الثاني : فأغشيناهم بظلمة الليل فهم لا يبصرون محمداً ( صلى اللّه عليه وسلم ) حين ائتمروا على قتله ، قاله السدي ، ومحمد بن كعب .

١١

قوله عز وجل : { إِنَّمَا تُنذِرُ مَن اتَّبَعَ الذِّكرَ } يعني القرآن . { وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ } فيه وجهان :

أحدهما : ما يغيب به عن الناس من شر عمله ، قاله السدي .

الثاني : ما غاب من عذاب اللّه وناره ، قاله قتادة .

{ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ } لذنبه .

{ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } لطاعته ، وفيه وجهان :

أحدهما : أنه الكثير . الثاني : الذي تنال معه الكرامة .

١٢

قوله عز وجل : { إنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى } فيه وجهان :

أحدهما : نحييهم بالإيمان بعد الكفر ، قاله الضحاك .

الثاني : بالبعث للجزاء ، قاله يحيى بن سلام .

{ ونَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَارَهُمْ } فيه تأويلان : أحدهما : ما قدموا هو ما عملوا من خير أو شر ، وآثارهم ما أثروا من سنة حسنة أو سيئة يعمل بها بعدهم ، قاله سعيد بن جبير .

الثاني : ما قدموا : أعمالهم ، وآثارهم : خطاهم إلى المساجد ، قاله مجاهد .

روى سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : كانت بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قريب من المسجد ، فنزلت : { إنَّا نَحْنُ نُحِيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَارَهُمْ } وقال لهم النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { إن آثَارَكُمْ تُكْتَبُ فَلَمْ يَنتَقِلُوا } . ويحتمل إن لم يثبت نقل هذا السبب تأويلاً ثالثاً أن آثارهم هو أن يصلح من صاحبهم بصلاحهم ، أو يفسد بفسادهم .

{ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ } فيه وجهان :

أحدهما : علمناه .

الثاني : حفظناه .

{ في إمَامٍ مُّبِينٍ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدهما : اللوح المحفوظ ، قاله السدي . الثاني : أم الكتاب قاله مجاهد .

الثالث : معناه طريق مستقيم ، قاله الضحاك .

١٣

قوله عز وجل : { وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ } هذه القرية هي أنطاكية من قول جميع المفسرين .

١٤

{ إذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا } اختلف في اسميهما على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنهما شمعون ويوحنا ، قاله شعيب .

الثاني : صادق وصدوق ، قاله ابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبه .

الثالث : سمعان ويحيى ، حكاه النقاش .

{ فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : فشددنا ، قاله مجاهد .

الثاني : فزدنا ، قاله ابن جريج .

الثالث : قوينا مأخوذ من العزة وهي القوة المنيعة ، ومنه قولهم : من عز وبز : واختلف في اسمه على قولين :

أحدهما : يونس قاله شعيب .

الثاني : شلوم ، قاله ابن عباس وكعب ووهب . وكان ملك أنطاكية أحد الفراعنة يعبد الأصنام مع أهلها ، وكانت لهم ثلاثة أصنام يعبدونها ، ذكر النقاش أن أسماءها رومس وقيل وارطميس .

واختلف في اسم الملك على قولين :

أحدهما : أن اسمه أنطيخس ، قاله ابن عباس وكعب ووهب .

الثاني : انطرا ، قاله شعيب .

١٥

قوله عز وجل : { مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } وهذا القول منهم إنكار لرسالته ، ويحتمل وجهين :

أحدهما : أنكم مثلنا غير رسل وإن جاز أن يكون البشر رسلاً .

الثاني : إن مثلكم من البشر لا يجوز أن يكونوا رسلاً .

{ وَمَآ أَنزَلَ الرَّحْمنُ مِن شَيْءٍ } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون ذلك منهم إنكاراً للرحمن أن يكون إلهاً مرسلاً .

الثاني : أن يكون ذلك إنكاراً أن يكونوا للرحمن رسلاً .

{ إنْ أَنتُمْ إِلاَّ تُكْذِبُونَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : تكذبون في أن لنا إلهاً .

الثاني : تكذبون في أن تكونوا رسلاً .

١٦

قوله عز وجل : { قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إنَّا إلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } فإن قيل يعلم اللّه تعالى أنهم لا تكون حجة عند الكفار لهم .

قيل يحتمل قولهم ذلك وجهين :

أحدهما : معناه ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون بما يظهره لنا من المعجزات ، وقد قيل إنهم أحيوا ميتاً وأبرؤوا زمِناً .

الثاني : أن تمكين ربنا لنا إنما هو لعلمه بصدقنا .

واختلف أهل العلم فيهم على قولين :

أحدهما : أنهم كانوا رسلاً من اللّه تعالى إليهم .

الثاني : أنهم كانوا رسل عيسى عليه السلام من جملة الحواريين أرسلهم إليهم فجاز ، لأنهم رسل رسول اللّه ، أن يكونوا رسلاً للّه ، قاله ابن جريج .

١٧

{ وَمَا عَلَيْنَآ إلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ } يعني بالإعجاز الدال على صحة الرسالة أن الذي على الرسل إبلاغ الرسالة وليس عليهم الإجابة ، وإنما الإجابة على المدعوين دون الداعين .

١٨

قوله عز وجل : { قَالُواْ إنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : تشاءَمنا بكم ، وعساهم قالوا ذلك لسوء أصابهم ، قاله يحيى بن سلام . قيل إنه حبس المطر عن أنطاكية في أيامهم .

الثاني : معناه إن أصابنا شر فإنما هو من أجلكم ، قاله قتادة : تحذيراً من الرجوع عن دينهم .

الثالث : استوحشنا منكم فيما دعوتمونا إليه من دينكم .

{ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ } فيه ثلاثة أوجه :

 أحدها : لنرجمنكم بالحجارة ، قاله قتادة .

الثاني : لنقتلنكم ، قاله السدي .

الثالث : لنشتمنكم ونؤذيكم ، قاله النقاش .

{ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } فيه وجهان :

أحدهما : أنه القتل .

الثاني : التعذيب المؤلم قبل القتل .

١٩

قوله عز وجل : { قَالُواْ طَآئِرَكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُمْ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أن أعمالكم معكم أئن ذكرناكم باللّه تطيرتم بنا ، قاله قتادة .

الثاني : أن الشؤم معكم إن أقمتم على الكفر إذا ذكرتم ، قاله ابن عيسى .

الثالث : معناه أن كل من ذكركم باللّه تطيرتم به ، حكاه بعض المتأخرين .

الرابع : أن عملكم ورزقكم معكم ، حكاه ابن حسام المالكي .

{ بَل أَنتُمْ قومٌ مُّسْرفُونَ } فيه وجهان :

أحدهما : في تطيركم ، قاله قتادة .

الثاني : مسرفون في كفركم ، قاله يحيى بن سلام . وقال ابن بحر : السرف ها هنا الفساد ومعناه بل أنتم قوم مفسدون ، ومنه قول الشاعر :

إن امرأ سرف الفؤاد يرى

عسلاً بماءِ غمامة شتمي

وقيل : إن شمعون من بينهم أحيا بنت ملك أنطاكية من قبرها ، فلم يؤمن أحد منهم غير حبيب النجار فإنه ترك تجارته حين سمع بهم وجاءهم مسرعاً فآمن ، وقتلوا جميعاً وحبيب معهم ، وألقوا في بئر . قال مقاتل : هم أصحاب الرس : ولما عرج بروح حبيب إلى الجنة تمنى فقال { يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بَمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ }

٢٠

قوله عز وجل : { وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى } اختلف فيه على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه كان إسكافاً ، قاله عمربن عبد الحكيم .

الثاني : أنه كان قصاراً ، قاله السدي .

الثالث : أنه كان حبيب النجار ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد .

{ قَالَ يَا قَومِ اتَّبِعُواْ الْمُرْسَلِينَ } وفي علمه بنبوتهم وتصديقه لهم قولان :

أحدهما : لأنه كان ذا زمانة أو جذام فأبرؤوه ، قاله ابن عباس .

الثاني : لأنهم لما دعوه قال أتأخذون على ذلك أجراً ؟ قالوا لا ، فاعتقد صدقهم وآمن بهم ، قاله أبو العالية .

٢١

قوله عز وجل : { اتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون قال ذلك تنبيهاً على صدقهم .

الثاني : أن يكون قال ذلك ترغيباً في أجابتهم .

{ وُهُم مُّهْتَدُونَ } يحتمل وجهين :

أحدهما : مهتدون لهدايتكم .

الثاني : مهتدون فاهتدوا بهم .

٢٢

قوله عز وجل : { وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي } أي خلقني { وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ }

أي تبعثون . فإن قيل : فلم أضاف الفطرة إلى نفسه والبعث إليهم وهو معترف أن اللّه فطرهم جميعاً ويبعثهم إليه جميعاً ؟

قيل : لأنه خلق اللّه تعالى له نعمة عليه توجب الشكر ، والبعث في القيامة وعيد يقتضي الزجر ، فكان إضافة النعمة ، إلى نفسه إضافة شكر ، وإضافة الزجر إلى الكافر أبلغ أثراً .

قال قتادة : بلغني أنهم لما قال لهم : وما لي لا أعبد الذي فطرني وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه وهو يقول : يا رب اهدِ قومي ، أحسبه قال : فإنهم لا يعلمون .

٢٣

أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِي الرَّحْمَانُ بِضُرٍّ لاَ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنْقِذُونِ (٢٣)

٢٤

إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ (٢٤)

٢٥

قوله عز وجل : { إِنِّي ءَامَنتُ بِرَبِّكُم فَاسْمَعُونِ } فيه قولان :

أحدهما : أنه خاطب الرسل بذلك أنه يؤمن باللّه ربهم { فَاسْمَعُونِ } أي فاشهدوا لي ، قاله ابن مسعود .

الثاني : أنه خاطب قومه بذلك ، ومعناه إني آمنت بربكم الذي كفرتم به فاسمعوا قولي ، قاله وهب بن منبه .

٢٦

قوله عز وجل : { قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ } فيه قولان :

أحدهما : أنه أمر بدخول الجنة .

الثاني : أنه أخبر بأنه قد استحق دخول الجنة لأن دخولها يستحق بعد البعث .

{ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ } في هذا التمني منه قولان :

أحدهما : أنه تمنى أن يعلموا حاله ليعلموا حسن مآله وحميد عاقبته .

الثاني : أنه تمنى ذلك ليؤمنوا مثل إيمانه فيصيروا إلى مثل حاله . قال ابن عباس : نصح قومه حياً وميتاً .

٢٧

ويحتمل قوله : { وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكرَمِينَ } وجهين :

أحدهما : ممن أكرمه بقبول عمله . الثاني : ممن أحله دار كرامته .

٢٨

قوله عز وجل { وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء } فيه قولان : أحدهما : معنى جند من السماء أي رسالة ، قاله مجاهد ، لأن اللّه تعالى قطع عنهم الرسل حين قتلوا رسله .

الثاني : أن الجند الملائكة الذين ينزلون الوحي على الأنبياء ، قاله الحسن .

{ وما كنا منزلين } أي فاعلين .

٢٩

{ إن كانت إلا صيحة واحدةً } فيها قولان :

أحدهما : أنَّ الصيحة هي العذاب .

الثاني : أنها صيحة من جبريل عليه السلام ليس لها مثنوية ، قاله السدي .

{ فإذا هم خامدون } أي ميتون تشبيهاً بالرماد الخامد .

٣٠

قوله عز وجل : { يا حسرةً على العباد ما يأتيهم } فيه ثلاثة أوجه :

 أحدها : يا حسرة العباد على أنفسها ، قال قتادة ، وحكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم في بعض القراءات متلوٍّا .

الثاني : أنها حسرتهم على الرسل الثلاثة ، قاله أبو العالية .

الثالث : أنها حسرة الملائكة على العباد في تكذيبهم الرسل ، قاله الضحاك .

وفيه وجه رابع : عن ابن عباس أنهم حلوا محل من يتحسر عليهم .

{ ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءُون } الاستهزاء منهم قبل العذاب .

وفي الحسرة منهم قولان :

أحدهما : بعد معاينة العذاب .

الثاني : في القيامة ، قاله ابن عباس .

٣١

أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ (٣١)

٣٢

قوله عز وجل : { وإن كلُّ لما جميعٌ } يعني الماضين والباقين .

{ لدينا محضرون } فيه وجهان :

أحدهما : معذبون ، قاله السدي .

الثاني : مبعثون ، قاله يحيى بن سلام .

٣٣

وآية لهم الأرض . . . . .

قوله عز وجل : { وفجرنا فيها مِن العيون ليأكلوا من ثمَرِه وما عَمِلتْهُ أيديهم } فيه وجهان :

أحدهما : أنها إثبات وتقديره : ومما عملته أيديهم ، قاله الكلبي والفراء وابن قتيبة .

والوجه الثاني : أنها جحد وفيها على هذا القول وجهان :

أحدهما : وما لم تعمله أيديهم من الأنهار التي أجراها اللّه سبحانه لهم . قال الضحاك يعني الفرات ودجلة ونهر بلخ ونيل مصر .

الثاني : وما لم تعمله أيديهم من الزرع الذي أنبته اللّه تعالى لهم .

٣٤

وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤)

٣٥

لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ (٣٥)

٣٦

قوله عز وجل : { سبحان الذي خَلَق الأزواج كلها } فيه وجهان :

أحدهما : يعني الأصناف كلها ، قاله السدي .

الثاني : يعني من النخل والشجر والزرع كل صنف منه زوج .

{ ومن أنفسهم } وفي ذلك دليل على مشاكلة الحيوان لهم في أنها زوج ذكر وأنثى .

{ ومما لا يَعْلمون } فيه وجهان :

أحدهما : يعني الروح التي يعلمها اللّه ولا يعلمها غيره .

الثاني : ما يرى نادراً من حيوان ونبات .

ويحتمل ثالثاً : مما لا تعلمون من تقلب الولد في بطن أمه .

٣٧

وآية لهم الليل . . . . .

قوله عز وجل : { وآيةٌ لهم الليل نسلخ منه النهار } أي نخرج منه النهار يعني ضوءه ، مأخوذ من سلخ الشاة إذا خرجت من جلدها .

{ فإذا هم مظلمون } أي في ظلمة لأن ضوء النهار يتداخل في الهواء فيضىء ، فإذا خرج منه أظلم .

٣٨

{ والشمس تجري لمستقر لها } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : يعني لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا ، حكاه ابن عيسى .

الثاني : لوقت واحد لا تعدوه ، قاله قتادة .

الثالث : أي أبعد منازلها في الغروب ، ثم ترجع إلى أدنى منازلها ، قاله الكلبي . وروى عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأها : والشمس تجري لا مستقر لها . وتأويل هذه القراءة أنها تجري في الليل والنهار ولا وقوف لها ولا قرار .

٣٩

قوله عز وجل : { والقمر قدرناه منازل } فيه وجهان :

أحدهما : جعله في كل ليلة على مقر له ، يزيد في كل ليلة من أول الشهر حتى يستكمل ثم ينقص بعد استكماله حتى يعود كما بدأ ، وهو محتمل .

الثاني : أنه يطلع كل ليلة في منزل حتى يستكمل جميع المنازل في كل شهر ، ولذلك جعل بعض الحساب السنة الشمسية ثلاثة عشر شهراً قمرياً .

{ حتى عَادَ كالعرجون القديم } فيه قولان :

أحدهما : أنه العذق اليابس إذا استقوس ، وهو معنى قول ابن عباس ، ومنه قول أعشى قيس :

شرق المسك والعبير بها

فهي صفراء كعرجون القمر

الثاني : أنه النخل إذا انحنى مائلاً ، قاله الحسن .

٤٠

{ لا الشمس ينبغي لها أن تُدْرِك القَمر } فيه خمسة تأويلات :

أحدها : أي لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر ، قاله مجاهد .

الثاني : لا يجتمع ضوء أحدهما مع ضوء الآخر ، لأن ضوء القمر ليلاً وضوء الشمس نهاراً ، فإذا جاء سلطان أحدهما ذهب سلطان الآخر ، قاله قتادة .

الثالث : معناه أنهما إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر في منازل لا يشتركان فيها ، قاله ابن عباس .

الرابع : أنهما لا يجتمعان في السماء ليلة الهلال خاصة ، قاله الحسن .

الخامس : أنه لا تدرك الشمس القمر ليلة البدر خاصة لأنه يبادر بالمغيب قبل طلوعها ، حكاه يحيى بن سلام .

{ ولا الليلُ سابق النهار } فيه وجهان :

أحدهما : يعني أنه لا يتقدم الليل قبل استكمال النهار وهو معنى قول يحيى بن سلام .

الثاني : أنه لا يأتي ليل بعد ليل متصل حتى يكون بينهما نهار منفصل ، وهو معنى قول عكرمة .

ومن الناس من يجعل هذا دليلاً على أن أول الشهر النهار دون الليل ، لأنه إذا لم يسبق الليل النهار واستحال اجتماعهما وجب أن يكون النهار سابقاً . وهذا قول يدفعه الشرع ويمنع منه الإجماع .

{ وكلٌّ في فلك يسْبَحون } قال الحسن : الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض غير ملتصقة بالسماء ، ولو كانت ملتصقة ما جرت .

وفي قوله تعالى : { يسبحون } ثلاثة أقاويل :

أحدها : يجرون ، قاله ابن عباس .

الثاني : يدورون كما يدور المغزل في الفلكة ، قاله عكرمة ومجاهد .

الثالث : يعملون ، قاله الضحاك .

٤١

وآية لهم أنا . . . . .

قوله عز وجل : { وآية لهم } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : عبرة لهم لأن في الآيات اعتباراً .

الثاني : نعمة عليهم لأن في الآيات إنعاماً .

الثالث : إنذار لهم لأن في الآيات إنذاراً .

{ أنَّا حَملْنا ذُرّيتَهم في الفلك المشحون } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن الذرية الآباء حملهم اللّه تعالى في سفينة نوح عليه السلام ، قاله أبان بن عثمان ، وسمى الآباء ذرية لأن منهم ذرء الأبناء .

الثاني : أن الذرية الأبناء والنساء لأنهم ذرء الآباء حملوا في السفن ، والفلك هي السفن الكبار ، قاله السدي .

الثالث : أن الذرية النطف حملها اللّه تعالى في بطون النساء تشبيهاً بالفلك المشحون ، قاله عليّ رضي اللّه عنه .

وفي { المشحون } قولان :

أحدهما : الموقر ، قاله ابن عباس .

الثاني : المملوء ، حكاه ابن عباس أيضاً .

٤٢

{ وخلقنا لهم من مثله ما يركبون } فيه أربعة تأويلات :

 أحدها : أنه خلق مثل سفينة نوح مما يركبونها من السفن ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنها السفن الصغار خلقها لهم مثل السفن الكبار ، قاله أبو مالك .

الثالث : أنها سفن الأنهار خلقها لهم مثل سفن البحار ، قاله السدي .

الرابع : أنها الإبل خلقها لهم للركوب في البر مثل السفن المركوبة في البحر ، قاله الحسن وعبد اللّه بن شداد . والعرب تشبه الإبل بالسفن ، قال طرفة :

كأنَّ حدوج المالكية غدوةً

خلايا سَفينٍ بالنواصِف من رَدِ

ويجيء على مقتضى تأويل عليّ رضي اللّه عنه في أن الذرية في الفلك المشحون هي النطف في بطون النساء . قولٌ خامس في قوله : { وخلقنا لهم من مثله ما يركبون } :

أن يكون تأويله النساء خلقن لركوب الأزواج ، لكن لم أره محكياً .

٤٣

قوله عز وجل : { وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم } فيه وجهان :

أحدهما : فلا مغيث لهم ، رواه سعيد عن قتادة .

الثاني : فلا منعة لهم ، رواه شيبان عن قتادة .

{ ولا هم ينقذون } فيه وجهان :

أحدهما : من الغرق .

الثاني : من العذاب .

٤٤

{ إلا رحمة منا } فيه وجهان :

أحدهما : إلا رحمتنا ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : إلا نعمة منا ، قاله مقاتل .

{ ومتاعاً إلى حين } فيه وجهان :

أحدهما : إلى الموت ، قاله قتادة .

الثاني : إلى القيامة ، قاله يحيى .

٤٥

قوله عز وجل : { وإذا قيل لهم اتَّقوا ما بين أيديكم وما خلْفكم } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : ما بين أيديكم ما مضى من الذنوب ، وما خلفكم ما يأتي من الذنوب ، قاله مجاهد .

الثاني : ما بين أيديكم من الدنيا ، وما خلفكم من عذاب الآخرة ، قاله سفيان .

الثالث : ما بين أيديكم عذاب اللّه لمن تقدم من عاد وثمود ، وما خلفكم من أمر الساعة ، قاله قتادة .

ويحتمل تأويلاً رابعاً : ما بين أيديكم ما ظهر لكم ، وما خلفكم ما خفي عنكم .

{ لعلكم ترحمون } معناه لكي ترحموا فلا تعذبوا . ولهذا الكلام جواب محذوف تقديره : إذا قيل لهم هذا أعرضوا عنه .

٤٦

قوله عز وجل : { وما تأتيهم مِن آيةٍ مِنْ آيات ربِّهم } فيها ثلاثة تأويلات :

أحدها : من آية من كتاب اللّه ، قاله قتادة .

الثاني : من رسول ، قاله الحسن .

الثالث : من معجز ، قاله النقاش .

ويحتمل رابعاً : ما أنذروا به من زواجر الآيات والعبر في الأمم السالفة .

٤٧

قوله عز وجل : { وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم اللّه قال الذين كفروا } الآية . فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنهم اليهود أمروا بإطعام الفقراء فقالوا { أنطعم من لو يشاء اللّه أطعمه } قال الحسن .

الثاني : أنهم الزنادقة أمروا فقالوا ذلك ، قاله قتادة .

الثالث : أنهم مشركو قريش جعلوا لأصنامهم في أموالهم سهماً فلما سألهم الفقراء أجابوهم بذلك ، قاله النقاش .

ويحتمل هذا القول منهم وجهين :

أحدهما : إنكارهم وجوب الصدقات في الأموال .

الثاني : إنكارهم على إغناء من أفقره اللّه تعالى ومعونة من لم يعنه اللّه تعالى .

{ إن أنتم إلا في ضلال مبين } فيه قولان :

أحدهما : أنه من قول الكفار لمن أمرهم بالإطعام ، قاله قتادة .

الثاني : أنه من قول اللّه تعالى لهم حين ردوا بهذا الجواب ، حكاه ابن عيسى .

٤٨

قوله عز وجل : { ويقولون متى هذا الوعدُ إن كنتم صادقين } فيه وجهان :

أحدهما : ما وعدوا به من العذاب ، قاله يحيى بن سلام . الثاني : ما وعدوا به من الظفر بهم ، قاله قتادة .

٤٩

قوله عز وجل : { ما ينظرون إلا صيحةً واحدة تأخذهم } قال السدي : هي النفخة الأولى من إسرافيل ينتظرها آخر هذه الأمة من المشركين ، وروى نعيم عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) { تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتى تقوم ، والرجل يخفض ميزانه فما يرفعه حتى تقوم ، والرجل يليط حوضه ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم ، والرجل يرفع أكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم } . { وهم يخصمون } فيه وجهان :

أحدهما : يتكلمون في معايشهم ومتاجرهم ، قاله السدي .

الثاني : يخصمون في دفع النشأة الثانية ، حكاه ابن عيسى .

٥٠

{ فلا يستطيعون توصية } أي يستطيع بعضهم أن يوصي إلى بعض بما في يديه من حق .

ويحتمل وجهاً ثانياً : أنه لا يستطيع أن يوصي بعضهم بعضاً بالتوبة والإقلاع .

{ ولا إلى إهلهم يرجعون } أي إلى منازلهم ، قال قتادة لأنهم أعجلوا عن ذلك .

٥١

قوله عز وجل : { ونفخ في الصور } وهذه هي النفخة الثانية للنشأة وقيل إن بينهما أربعين سنة . روى المبارك بن فضالة عن الحسن قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) { بين النفختين أربعون : الأولى يميت اللّه سبحانه بها كل حي ، والآخرة يحيي اللّه بها كل ميت } والنفخة الثانية من الآخرة . وفي الأولى قولان : أحدهما : أنها من الدنيا ، قاله عكرمة .

الثاني : أنها من الآخرة ، قاله الحسن .

{ فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } والأجداث القبور ، وأحدها جدث . وفي قوله تعالى { ينسلون } ثلاثة تأويلات :

أحدها : يخرجون ، قاله ابن عباس وقتادة ، قال الشاعر :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي

الثاني : يسرعون ، كقول الشاعر :

عسلان الذئب أمسى قاربا

بَرَدَ الليلُ عليه فنسل

الثالث : يتخلصون من السلو ، قاله ابن بحر .

٥٢

قوله عز وجل : { قالوا يا ويلنا من بعثنا مِن مَرقدنا } قال قتادة : هي النومة بين النفختين لا يفتر عنهم عذاب القبر إلا فيها . وفي تأويل هذا القول قولان :

أحدهما : أنه قول المؤمنين ثم يجيبون أنفسهم فيقولون :

{ هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } حكاه ابن عيسى .

الثاني : أنه قول الكفار لإنكارهم البعث فيقال لهم : { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } .

وفي قائل ذلك لهم قولان :

أحدهما : أنه قول المؤمنين لهم عند قيامهم من الأجداث معهم ، قاله قتادة .

الثاني : أنه قول الملائكة لهم ، قاله الحسن .

وفي { هذا } وجهان :

أحدهما : أنه إشارة إلى المرقد تماماً لقوله تعالى { من بعثنا من مرقدنا هذا } وعليه يجب أن يكون الوقف .

الثاني : أنه ابتداء { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } فيكون إشارة إلى الوعد ويكون الوقف قبله والابتداء منه .

٥٣

إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٥٣)

٥٤

فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤)

٥٥

قوله عز وجل : { إن أصحاب الجنة اليوم في شُغُل فاكهون } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : في افتضاض الأبكار ، قاله الحسن وسعيد بن جبير وابن مسعود وقتادة .

الثاني : في ضرب الأوتار ، قاله ابن عباس ومسافع بن أبي شريح .

الثالث : في نعمة ، قاله مجاهد .

الرابع : في شغل مما يَلقى أهل النار ، قاله إسماعيل بن أبي خالد وأبان بن تغلب . وروي بضم الغين وقرىء بتسكينها وفيها وجهان :

أحدهما : أن الشغل بالضم المحبوب .

الثاني : الشغل بالإسكان يعني المروة ، فعلى هذا لا يجوز أن يقرأ بالإسكان في أهل الجنة ولا يقرأ بالضم في أهل النار .

{ فاكهون } ويقرأ : فكهون ، بغير ألف . وفي اختلاف القراءتين وجهان :

أحدهما : أنها سواء ومعناهما واحد يقال فاكه وفكه كا يقال حاذر وحذر قاله الفراء .

الثاني : أن معناهما في اللغة مختلف فالفكه الذي يتفكه بأعراض الناس . والفاكه ذو الفاكهة ، قاله أبو عبيد وأنشد :

فكه إلى جنب الخوان إذا عدت

نكْباء تقلع ثابت الأطنابِ

وفيه ها هنا أربعة تأويلات :

أحدها : فرحون ، قاله ابن عباس .

الثاني : ناعمون ، قاله قتادة .

الثالث : معجبون ، قاله مجاهد .

الرابع : ذو فاكهة كما يقال شاحم لاحم أي ذو شحم ولحم ، وكما قال الشاعر :

وغررتني وزعمت أنَّك لابنٌ بالصيف تامر

أي ذو لبن وتمر .

٥٦

قوله عز وجل : { هم وأزواجُهم في ظلال } فيه وجهان :

أحدهما : وأزواجهم في الدنيا من وافقهم على إيمانهم .

الثاني : أزواجهم اللاتي زوّجهم اللّه تعالى بهن في الجنة من الحور العين .

{ في ظِلال } يحتمل وجهين :

أحدهما : في ظلال النعيم .

الثاني : في ظلال تسترهم من نظر العيون إليهم .

٥٧

قوله عز وجل : { لهم فيها فاكهةٌ ولهُم ما يَدَّعون } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : ما يشتهون ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : ما يسألون ، قاله ابن زياد .

الثالث : ما يتمنون ، قاله أبو عبيدة .

الرابع : ما يدعونه فيأتيهم ، قاله الكلبي قال الزجاج : وهو مأخوذ من الدعاء .

ويحتمل خامساً : ما يدّعون أنه لهم فهو لهم لا يدفعون عنه ، وهم مصروفون عن دعوى ما لا يستحقون .

٥٩

قوله عز وجل : { سلامٌ قولاً مِن رَبِّ رحيم } فيه وجهان :

أحدهما : أنه سلام اللّه تعالى عليهم إكراماً لهم ، قاله محمد بن كعب .

الثاني : أنه تبشير اللّه تعالى لهم بسلامتهم .

٥٩

قوله عز وجل : { وامتازوا اليوم أيُّها المجرمون } فيه وجهان :

أحدهما : قاله الكلبي ، لأن المؤمنين والكفار يحشرون مع رسلهم فلذلك يؤمرون بالامتياز .

الثاني : يمتاز المجرمون بعضهم من بعض ، فيمتاز اليهود فرقة ، والنصارى فرقة ، والمجوس فرقة ، والصابئون فرقة ، وعبدة الأوثان فرقة ، قاله الضحاك .

فيحتمل وجهين :

أحدهما : أن يكون الامتياز عند الوقوف .

الثاني : عند الانكفاء إلى النار .

قال دواد بن الجراح : فيمتاز المسلمون من المجرمين إلا صاحب الهوى فيكون مع المجرمين .

٦٠

أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠)

٦١

وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)

٦٢

قوله عز وجل : { ولقد أَضَلَّ منكم جبلاً كثيراً } فيه ثلاثة أوجه :

 أحدها : جموعاً كثيرة ، قاله قتادة .

الثاني : أمماً كثيرة ، قاله الكلبي .

الثالث : خلقاً كثيراً ، قاله مجاهد ومطرف . وحكى الضحاك أن الجِبِلّ الواحد عشرة آلاف ، والكثير ما لا يحصيه إلاّ اللّه تعالى .

٦٣

هذه جهنم التي . . . . .

قوله عز وجل : { اليوم نختم على أفواههم } فيه وجهان :

أحدهما : أن يكون منعها من الكلام هو الختم عليها .

الثاني : أن يكون ختماً يوضع عليها فيرى ويمنع من الكلام .

وفي سبب الختم أربعة أوجه :

أحدها : لأنهم قالوا { واللّه ربنا ما كنا مشركين } " فختم اللّه تعالىعلى أفواههم حتى نطقت جوارحهم ، قاله أبو موسى الأشعري .

الثاني : لِيَعرفهم أهل الموقف فيتميزون منهم ، قاله ابن زياد .

الثالث : لأن إقرار غير الناطق أبلغ في الإلزام من إقرار الناطق لخروجه مخرج الإعجاز وإن كان يوماً لا يحتاج فيه إلى الإعجاز .

الرابع : ليعلم أن أعضاءه التي كانت لهم أعواناً في حق نفسه صارت عليه شهوداً في حق ربه .

{ وتُكلِّمنا أيديهم وتشهدُ أرجلهم بما كانوا يكسبون } وفي كلامها ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه يظهر منها سِمة تقوم [ مقام ] كلامها كما قال الشاعر :

وقد قالت العينان سمعاً وطاعة

وحَدَّرنا كالدر لما يثَقّبِ

الثاني : أن الموكلين بها يشهدون عليها .

الثالث : أن اللّه تعالى يخلق فيها ما يتهيأ معه الكلام منها . روى الشعبي عن أنس أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) قال : { يقال لأركانه انطقي فتنطق بعمله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول : بُعداً لكنَّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل } . فإن قيل فلم قال { وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم } فجعل ما كان من اليد . كلاماً ، وما كان من الرجل شهادة ؟

قيل لأن اليد مباشرة لعمله والرجل حاضرة ، وقول الحاضر على غيره شهادة ، وقول الفاعل على نفسه إقرار ، فلذلك عبّر عما صدر من الأيدي بالقول ، وعما صدر من الأرجل بالشهادة . وقد روى شريح بن عبيد عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) يقول : { أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل اليسرى } . فاحتمل أن يكون تقدم الفخذ بالكلام على سائر الأعضاء لأن لذة معاصيه يدركها بحواسه التي في الشطر الأعلى من جسده ، وأقرب أعضاء الشطر الأسفل منها الفخذ ، فجاز لقربه منها أن يتقدم في الشهادة عليها ، وتقدمت اليسرى لأن الشهوة في

ميامن الأعضاء أقوى منها في مياسرها ، فلذلك تقدمت اليسرى على اليمنى لقلة شهوتها .

٦٤

اِصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤)

٦٥

اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥)

٦٦

قوله عز وجل : { ولو نشاءُ لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصِّراطَ } فيه وجهان :

أحدهما : لأعمينا أبصار المشركين في الدنيا فضلوا عن الطريق فلا يبصرون عقوبة لهم ، قاله قتادة .

الثاني : لأعمينا قلوبهم فضلوا عن الحق فلم يهتدوا إليه ، قاله ابن عباس .

قال الأخفش وابن قتيبة : المطموس هو الذي لا يكون بين جفنيه شق مأخوذ من طمس الريح الأثر .

٦٧

{ ولو نشاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ } فيه ثلاث تأويلات :

أحدها : لأقعدناهم على أرجلهم ، قاله الحسن وقتادة .

الثاني : لأهلكناهم في مساكنهم ، قاله ابن عباس .

الثالث : لغيّرنا خلْقهم فلا ينقلبون ، قاله السدي .

{ فما استطاعوا مُضِيّاً ولا يرجعون } فيه وجهان :

أحدهما : فما استطاعوا لو فعلنا ذلك بهم أن يتقدموا ولا يتأخروا ، قاله قتادة .

الثاني : فما استطاعوا مُضِيّاً في الدنيا ، ولا رجوعاً فيها ، قاله أبو صالح .

٦٨

قوله عز وجل : { ومَن نعمِّره ننكِّسهُ في الخَلْق } في قوله { نعمره } قولان :

أحدهما : بلوغ ثمانين سنة ، قاله سفيان .

الثاني : هو الهرم ، قاله قتادة . وفي قوله تعالى { ننكِّسْه } تأويلان :

أحدهما : نردُّه في الضعف إلى حال الضعف فلا يعلم شيئاً ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : نغير سمعه وبصره وقوته ، قاله قتادة .

و { في الخلق } وجهان :

أحدهما : جميع الخلق ويكون معناه : ومن عمرناه من الخلق نكسناه في الخلق .

والوجه الثاني : أنه عنى خلقه ، ويكون معنى الكلام : من أطلنا عمره نكسنا خلقه ، فصار مكان القوة الضعف ، ومكان الشباب الهرم ، ومكان الزيادة النقصان .

{ أفلا تعقلون } أن من فعل هذا بكم قادر على بعثكم .

٦٩

قوله عز وجل : { وما علّمْناه الشِّعر وما ينبغي له } يحتمل وجهين :

أحدهما : أي ليس الذي علمناه من القرآن شعراً .

الثاني : أي لم نعلم رسولنا أن يقول الشعر .

{ وما ينبغي له } يحتمل وجهين :

أحدهما : وما ينبغي له أن يقول شعراً .

الثاني : وما ينبغي لنا أن نعلمه شعراً .

{ إنْ هو لا ذكر وقرآن مُبين } يحتمل وجهين :

أحدهما : إنْ علّمناه إلا ذكراً وقرآناً مبيناً .

الثاني : إنْ هذا الذي يتلوه عليكم إلا ذكر وقرآن مبين .

٧٠

قوله عز وجل : { لينذر من كان حَيّاً } فيه قولان :

أحدهما : لتنذر يا محمد من كان حياً ، وهذا تأويل من قرأ بالتاء .

الثاني : لينذر القرآن من كان حياً ، وهو تأويل من قرأ بالياء .

وفي { مَن كان حَيّاً } ها هنا أربعة تأويلات :

أحدها : من كان غافلاً ، قاله الضحاك .

الثاني : من كان حي القلب حي البصر ، قاله قتادة .

الثالث : من كان مؤمناً ، قاله يحيى بن سلام .

الرابع : من كان مهتدياً ، قاله السدي .

{ ويحِقَّ القَوْل على الكافرين } معناه : ويجب العذاب على الكافرين .

٧١

أو لم يروا . . . . .

قوله عز جل : { أو لم يروا أَنا خلقنا لهم مما عَمِلتْ أيدينا أنعاماً } فيه وجهان :

أحدهما يعني بقوتنا : قاله الحسن كقوله تعالى { والسماء بنيناها بأيد } " [ الذاريات : ٤٧ ] أي بقوة .

الثاني : يعني من فعلنا وعملنا من غير أن نكله إلى غيرنا ، قاله السدي . والأنعام : الإبل والبقر والغنم .

{ فهم لها مالكون } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : ضابطون ، قاله قتادة ، ومنه قول الشاعر :

أصبحت لا أحمل السِّلاح ولا

أملِك رأس البعير إن نَفَرا

الثاني : مطبقون رواه معمر .

الثالث : مقتنون وهو معنى قول ابن عيسى .

٧٢

قوله عز وجل : { وذللناها لهم } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : وطيبناها لهم ؛ قاله ابن عيسى .

الثاني : سخرناها لهم ، قاله ابن زيد .

الثالث : ملكناها لهم .

{ فمنها ركوبُهم } والركوب بالضم مصدر ركب يركب ركوباً ، والركوب بالفتح الدابة التي تصلح أن تركب .

{ ومنها يأكلون } يعني لحوم المأكول منها .

٧٣

{ ولهم فيها منافع } قال قتادة : هي لبس أصوافها .

{ ومشارب } يعني شرب ألبانها { أفلا يشكرون } يعني رب هذه النعمة بتوحيده وطاعته .

٧٤

واتخذوا من دون . . . . .

قوله عز وجل : { . . . وهم لهم جندٌ محضرون } يعني أن المشركين لأوثانهم جند ، وفي الجند ها هنا وجهان :

أحدهما : شيعة ، قاله ابن جريج .

الثاني : أعوان .

{ محضرون } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : محضرون عند الحساب ، قاله مجاهد .

الثاني : محضرون في النار ، قاله الحسن .

الثالث : محضرون للدفع عنهم والمنع منهم ، قاله حميد . قال قتادة : يغضبون لآلهتهم ، وآلهتهم لا تنصرهم .

٧٥

لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)

٧٦

فَلاَ يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٦)

٧٧

أو لم ير . . . . .

قوله عز وجل : { أو لَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خلقناه مِن نفطةٍ } فيه قولان :

أحدهما : أنها نزلت في أبيّ بن خلف الجمحي أتى النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) يجادله في بعث الموتى ، قاله عكرمة ومجاهد والسدي .

الثاني : أنها نزلت في العاص بن وائل أخذ عظماً من البطحاء ففته بيده ثم قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أيحيي اللّه هذا بعدما أرمّ ؟ فقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) { نعم ويميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم } فنزلت هذه الآيات فيه ، قاله ابن عباس .

{ فإذا هو خصيمٌ مبينٌ } أي مجادل في الخصومة مبين للحجة ، يريد بذلك أنه صار بعد أن لم يكن شيئاً خصيماً مبيناً ، فاحتمل ذلك أمرين :

أحدهما : أن ينبهه بذلك على نعمه عليه .

الثاني : أن يدله بذلك على إحياء الموتى كما ابتدأه بعد أن لم يكن شيئاً .

٧٨

قوله عز وجل : { وضَرب لنا مثلاً ونَسي خلقه } وهو من قدمنا ذكره ويحتمل وجهين :

أحدهما : أي ترك خلقه أن يستدل به .

الثاني : سها عن الاعتبار به .

{ قال مَن يُحْيِ العظَامَ وهي رَميمٌ } استبعاداً أن يعود خلقاً جديداً . فأمر اللّه نبيه ( صلى اللّه عليه وسلم ) أن يجيبه بما فيه دليل لأولي الألباب .

٧٩

{ قل يحييها الذي أنشأها أول مَرَّة } أي من قدر عل إنشائها أول مرة من غير شيءٍ فهو قادرعلى إعادتها في النشأة الثانية من شيء .

{ وهو بكل خَلقٍ عليم } أي كيف يبدىء وكيف يعيد .

قوله عز وجل : { الذي جَعَلَ لكم مِنَ الشجر الأخضر ناراً } الآية أي الذي جعل النار المحرقة في الشجر الرطب المَطفي وجمع بينهما مع ما فيهما من المضادة ، لأن النار تأكل الحطب ، وأقدركم على استخراجها هو القادر على إعادة الموتى وجمع الرفات .

ويحتمل ذلك منه وجهين :

أحدهما : أن ينبه اللّه تعالى بذلك على قدرته التي لا يعجزها شيء .

الثاني : أن يدل بها على إحياء الموتى كما أحييت النار بالإذكاء .

قال الكلبي : كل الشجر يقدح منه النار إلا العناب .

وحكى أبو جعفر السمرقندي عن أحمد بن معاذ النحوي في

٨٠

 قوله تعالى { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر } يعني به إبراهيم ، { ناراً } أي نوراً يعني محمداً ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

{ فإذا أنتم منه توقِدون } أي تقتبسون الدين .

٨١

أو ليس الذي . . . . .

٨٢

قوله عز وجل : { إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون } فيه وجهان :

أحدهما : معناه أن يأمر فيوجد .

الثاني : ما قاله قتادة أنه ليس شيء أخف في الكلام من { كن } ولا أهون على لسان العرب من ذلك ، فجعله اللّه تعالى مثلاُ لأمره في السرعة .

٨٣

{ فسبحان الذي بيده ملكوت كلِّ شيءٍ } فيه وجهان :

أحدهما : خزائن كل شيء .

الثاني : ملك كل شيء إلا أن فيه مبالغة .

{ وإليه ترجعون } يعني يوم القيامة ، فيجازي المحسن ويعاقب المسيء .

وروى الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { إن لكل شيءٍ قلْباً وإنَّ قلْبَ القرآن يس ، ومن قرأها في ليلة أعطي يُسْر تلك الليلة ، ومن قرأها في يوم أعطي يُسْرَ ذلك اليوم ، وإنّ أهل الجنة يرفع عنهم القرآن فلا يقرأون منه شيئاً إلا طه ويس } .

﴿ ٠