٣

أحدهما : قوله تعالى { كم أهلكنا من قبلهم من قرن } قاله الفراء .

الثاني : من قوله تعالى { إن ذلك لحق تخاصم أهل النار } وهو قول مقاتل .

أحدها : يعني في حمية وفراق ، قاله قتادة .

الثاني : في تعزز واختلاف ، قاله السدي .

الثالث : في أنفة وعداوة .

ويحتمل رابعاً : في امتناع ومباعدة .

{ كم أهلكنا مِن قَبْلِهم } يعني قبل كفار هذه الأمة .

{ من قرن } فيه قولان :

أحدهما : يعني من أمة ، قاله أبو مالك .

الثاني : أن القرن زمان مقدور وفيه سبعة أقاويل :

أحدها : أنه عشرون سنة ، قاله الحسن .

الثاني : أربعون سنة ، قاله إبراهيم .

الثالث : ستون سنة ، رواه أبو عبيدة الناجي .

الرابع : سبعون سنة ، قاله قتادة .

الخامس : ثمانون سنة ، قاله الكلبي .

السادس : مائة سنة ، رواه عبد اللّه بن بشر عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) .

السابع : عشرون ومائة سنة ، قاله زرارة بن أوفى .

قوله عز وجل : { فنادوا ولات حين مناص } يحتمل وجهين :

أحدهما : استغاثوا .

الثاني : دعوا . ولات حين مناص التاء من لات مفصولة من الحاء وهي كذلك في المصحف ، ومن وصلها بالحاء فقد أخطأ . وفيها وجهان :

أحدها : أنها بمعنى لا وهو قول أبي عبيدة .

الثاني : أنها بمعنى ليس ولا تعمل إلا في الحين خاصة ، قال الشاعر :

تذكر حب ليلى لات حيناً

وأضحى الشيب قد قطع القرينا

وفي تأويل قوله تعالى { ولات حين مناص } خمسة أوجه :

أحدها : وليس حين ملجأ ، قاله زيد بن أسلم .

الثاني : وليس حين مَغاث ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، ومنه قول علي رضي اللّه عنه في رجز له :

لأصبحنّ العاصي بن العاصي

سبعين ألفاً عاقِدي النواصي

قد جنبوا الخيل على الدلاصِ

آساد غيل حين لا مناص

الثالث : وليس حين زوال ، وراه أبو قابوس عن ابن عباس ، ومنه قول الشاعر :

فهم خشوع لدية لا مناص لهم

يضمهم مجلس يشفي من الصيد

الرابع : وليس حين فرار ، قاله عكرمة والضحاك وقتادة قال الفراء مصدر من ناص ينوص . والنوص بالنون التأخر ، والبوص بالباء التقدم وأنشد قول امريء القيس :

أمِن ذكر ليلى إن نأتك تنوص

فتقصر عنها خطوة وتبوص

فجمع في هذا البيت بين البوص والنوص فهو بالنون التأخر وبالباء التقدم .

الخامس : أن النوص بالنون التقدم ، والبوص بالباء التأخر ، وهو من الأضداد ، وكانوا إذا أحسوا في الحرب بفشل قال بعضهم لبعض : مناص : أي حملة واحدة ، فينجو فيها من نجا ويهلك فيها من هلك ، حكاه الكلبي : فصار تأويله على هذا الوجه ما قاله السدي أنهم حين عاينوا الموت لم يستطيعوا فراراً من العذاب ولا رجوعاً إلى التوبة .

﴿ ٣