سورة الشورىمكية في قول الحسن ، وعكرمة ، وعطاء ، وجابر ، وقاله ابن عباس ، وقتادة ، إلا أربع آيات منها نزلت بالمدينة { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة } إلى آخرها . بسم اللّه الرحمن الرحيم ١حم قوله عز وجل : { حم عسق } فيه سبعة تأويلات . أحدها : أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله قتادة . الثاني : أنه اسم من أسماء اللّه أقسم به ، قاله ابن عباس . الثالث : فواتح السور ، قاله مجاهد . الرابع : أنه اسم الجبل المحيط بالدنيا ، قاله عبد اللّه بن بريدة . الخامس : أنها حروف مقطعة من أسماء اللّه فالحاء والميم من الرحمن والعين من العليم ، والسين من القدوس ، والقاف من القاهر ، قاله محمد بن كعب . السادس : أنها حروف مقطعة من حوادث آتية ، فالحاء من حرب والميم من تحويل ملك ، والعين من عدو مقهور ، والسين من استئصال سنين كسني يوسف ، والقاف من قدرة اللّه في ملوك الأرض ، قاله عطاء . السابع : ما حُكي عن حذيفة بن اليمان أنها نزلت في رجلٍ يقال له عبد الإله كان في مدينة على نهر بالمشرق خسف اللّه بها ، فذلك قوله حم يعني عزيمة من اللّه تعالى ، عين يعني عدلاً منه : سين يعني سكون ، قاف يعني واقعاً بهم . ٢وكان ابن عباس يقرؤها : { حم سق } بغير عين ، وهي في مصحف ابن مسعود كذلك حكاه الطبري . ٣كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ٤لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي اْلأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) ٥قوله عز وجل : { تَكَادُ السَّمَواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ } فيه أربعة أوجه : أحدها : يتشققن فَرَقاً من عظمة اللّه ، قاله الضحاك والسُّدي ، قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : ليت السماء تفطرت أكنافها وتناثرت منها نجوم الثاني : من علم اللّه ، قاله قتادة . الثالث : ممن فوقهن ، قاله ابن عباس . الرابع : لنزول العذاب منهن . { وَالْمَلآئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } فيه وجهان : أحدهما : بأمر ربهم ، قاله السدي . الثاني : بشكر ربهم . وفي تسبيحهم قولان : أحدهما : تعجباً مما يرون من تعرضهم لسخط اللّه ، قاله علي رضي اللّه عنه . الثاني : خضوعاً لما يرون من عظمة اللّه ، قاله ابن عباس . { وَيَسْتَغْفِرُونَ لَمَن فِي الأَرْضِ } فيه قولان : أحدهما : لمن في الأرض من المؤمنين ، قاله الضحاك والسدي . الثاني : للحسين بن علي رضي اللّه عنهما ، رواه الأصبغ بن نباتة عن علي كرم اللّه وجهه . وسبب استغفارهم لمن في الأرض ما حكاه الكلبي أن الملائكة لما رأت الملكين اللذين اختبرا وبعثا إلى الأرض ليحكما بينهم ، فافتتنا بالزهرة وهربا إلى إدريس وهو جد أبي نوح عليه السلام ، وسألاه أن يدعو لهما سبحت الملائكة بحمد ربهم واستغفرت لبني آدم . وفي استغفارهم قولان : أحدهما : من الذنوب والخطايا . وهو ظاهر قول مقاتل . الثاني : أنه طلب الرزق لهم والسعة عليهم ، قاله الكلبي . وفي هؤلاء الملائكة قولان : أحدهما : أنهم جميع ملائكة السماء وهو الظاهر من قول الكلبي . الثاني : أنهم حملة العرش . قال مقاتل وقد بين اللّه ذلك من حم المؤمن فقال { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَن حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ } " وقال مطرف : وجدنا أنصح عباد اللّه لعباد اللّه الملائكة ، ووجدنا أغش عباد اللّه لعباد اللّه الشياطين . ٧وكذلك أوحينا إليك . . . . . ٨قوله عز وجل : { وَلَوْ شَآءَ اللّه لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } قال الضحاك أهل دين واحد أهل ضلالة أو أهل هدى . { وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } قال أنس بن مالك : في الإسلام . { وَالْظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ } يمنع { وَلاَ نَصِيرٍ } يدفع . ٩أم اتخذوا من . . . . . قوله عز وجل : { جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } يعني ذكوراً وإناثاً . { وَمِنَ الأَنْعَامِ أزْوَاجاً } يعني ذكوراً وإناثاً . { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } وفيه ستة تأويلات : أحدها : يخلقكم فيه ، قاله السدي . الثاني : يكثر نسلكم فيه ، قاله الفراء . الثالث : يعيشكم فيه ، قاله قتادة . الرابع : يرزقكم فيه ، قاله ابن زيد . الخامس : يبسطكم فيه ، قاله قطرب . السادس : نسلاً من بعد نسل من الناس والأنعام ، قاله مجاهد . ١١{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } فيه وجهان : أحدهما : ليس كمثل الرجل والمرأة شيء ، قاله ابن عباس ، والضحاك . الثاني : ليس كمثل اللّه شيء وفيه وجهان : أحدهما : ليس مثله شيء والكاف زائدة للتوكيد ، قال الشاعر : سعد بن زيد إذا أبصرت فضلهم ما إن كمثلهم في الناس من أحد الثاني : ليس شيء ، والمثل زائد للتوكيد ، قاله ثعلب . ١٢قوله عز وجل : { لَهُ مَقَالِيدُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ } فيه قولان : أحدهما : خزائن السموات والأرض ، قاله السدي . الثاني : مفاتيح السموات والأرض ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك . ثم فيهما قولان : أحدهما : أنه المفاتيح بالفارسية ، قاله مجاهد . الثاني : أنه عربي جمع واحده إقليد ، قاله ابن عيسى . وفيما هو مفاتيح السموات والأرض خمسة أقاويل : أحدها : أن مفاتيح السماء المطر ومفاتيح الأرض النبات . الثاني : أنها مفاتيح الخير والشر . الثالث : أن مقاليد السماء الغيوب ، ومقاليد الأرض الآفات . الرابع : أن مقاليد السماء حدوث المشيئة ، ومقاليد الأرض ظهور القدرة . الخامس : أنها قول لا إله إلا اللّه واللّه أكبر وسبحان اللّه وبحمده ، وأستغفر اللّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه ، هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، بيده الخير يحيي ويميت وهوعلى كل شيء قدير ، رواه ابن عمر عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أنه قاله وعلمه لعثمان بن عفان وقد سأله عن مقاليد السماء والأرض . { يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } فيه وجهان : أحدهما : يوسع ويضيق . الثاني : يسهل ويعسر . { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } من البسط والقدرة ١٣قوله عز وجل : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً } وفي { شَرَعَ لَكُم } أربعة أوجه : أحدها : سن لكم . الثاني : بيَّن لكم . الثالث : اختار لكم ، قاله الكلبي . الرابع : أوجب عليكم . { مِنَ الدِّينِ } يعني الدين ومن زائدة في الكلام . وفي { مَا وَصَّى بِهِ نوحاً } وجهان : أحدهما : تحريم الأمهات والبنات والأخوات ، لأنه أول نبي أتى أمته بتحريم . ذلك ، قاله الحكم . الثاني : تحليل الحلال وتحريم الحرام ، قاله قتادة . { وَالَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ } فيه وجهان : أحدهما : اعملوا به ، قاله السدي . الثاني : ادعوا إليه . قال مجاهد : دين اللّه في طاعته وتوحيده واحد . ويحتمل وجهاً ثالثاً : جاهدوا عليه من عانده . { وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ } وفيه وجهان : أحدهما : لا تتعادوا عليه ، وكونوا عليه إخواناً ، قاله أبو العالية . الثانية : لا تختلفوا فيه فإن كل نبي مصدق لمن قبله ، قاله مقاتل . { كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } قاله قتادة : من شهادة أن لا إله إلا اللّه. ويحتمل أن يكون من الاعتراف بنبوته ، لأنه عليهم أشد وهم منه أنفر . { اللّه يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ } الآية . فيه وجهان : أحدهما : يجتبي إليه من يشاء هو من يولد على الإسلام . { وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } هو من يسلم من الشرك ، قاله الكلبي . الثاني : يستخلص إليه من يشاء . قاله مجاهد ويهدي إليه من يقبل على طاعته ، قاله السدي . ١٤قوله عز وجل : { وَمَا تَفَرَّقُواْ } فيه وجهان : أحدهما : عن محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) . الثاني : في القرآن . { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءهُمُ الْعِلْمُ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : إلا من بعد ما تبحروا في العلم ، قاله الأعمش . الثاني : إلا من بعد ما علمواْ أن الفرقة ضلال ، قاله ابن زياد . الثالث : إلا من بعد ما جاءهم القرآن ، وسماه علماً لأنه يتعلم منه . { بَغْياً بَيْنَهُمْ } فيه وجهان : أحدهما : لابتغاء الدنيا وطلب ملكها ، قاله أُبي بن كعب . الثاني : لبغي بعضهم على بعض ، قاله سعيد بن جبير . { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِكَّ } فيه وجهان : أحدهما : في رحمته للناس على ظلمهم . الثاني : في تأخير عذابهم ، قال قتادة . { إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } إلى قيام الساعة لأن اللّه تعالى يقول : { بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُم } الآية . ويحتمل إلى الأجل الذي قُضِيَ فيه بعذابهم . { لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي لعجل هلاكهم . { وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُواْ الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ } فيهم قولان : أحدهما : أنهم اليهود والنصارى ، قاله السدي . الثاني : أنهم نبئوا من بعد الأنبياء ، قاله الربيع . { لفِي شَكٍ مِّنْهُ مُريبٍ } فيه ثلاثة أوجه أحدها : لفي شك من القرآن ، قاله الربيع . الثاني : لفي شك من الإخلاص ، قاله أبو العالية . الثالث : لفي شك من صدق الرسول ، قاله السدي . ١٥فلذلك فادع واستقم . . . . . قوله عز وجل : { فَلِذَالِكَ فَادْعُ } معناه فإلى ذلك فادع ، وفي المراد بذلك وجهان : أحدهما : القرآن ، قاله الكلبي . الثاني : التوحيد ، قاله مقاتل . وفي قوله : { فَادْعُ } وجهان : أحدهما : فاعتمد . الثاني : فاستدع . { وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ . . . } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : واستقم على أمر اللّه ، قاله قتادة . الثاني : على القرآن ، قاله سفيان . الثالث : فاستقم على تبليغ الرسالة ، قاله الضحاك . وفي قوله : { . . . وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُم } وجهان : أحدهما : في الأحكام . الثاني : في التبليغ . وفي قوله : { لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } ثلاثة أوجه : أحدها : لا خصومة بيننا وبينكم ، قاله مجاهد ، قال السدي : وهذه قبل السيف ، وقبل أن يؤمر بالجزية . الثاني : معناه فإنكم بإظهار العداوة قد عدلتم عن طلب الحجة ، قاله ابن عيسى . الثالث : معناه إنا قد أعذرنا بإقامة الحجة عليكم فلا حجة بيننا وبينكم نحتاج إلى إقامتها عليكم . وقيل إن هذه الآية نزلت في الوليد ابن المغيرة وشيبة بن ربيعة وقد سألا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) أن يرجع عن دعوته ودينه إلى دين قريش على أن يعطيه الوليد نصف ماله ويزوجه شيبة بابنته . ١٦قوله عز وجل : { وَالَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي اللّه } فيه قولان : أحدهما : في توحيد اللّه عز وجل . الثاني : أنهم اليهود قالوا : كتابنا قبل كتابكم ، ونبينا قبل نبيكم ، ونحن خير منكم ، قاله قتادة . { مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : من بعد ما أجابه اللّه إلى إظهاره من المعجزات . الثاني : من بعد ما أجاب اللّه الرسول من المحاجة . الثالث : من بعد ما استجاب المسلمون لربهم وآمنوا بكتابه ورسوله ، قاله ابن زيد . { حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ } فيه وجهان : أحدهما : باطلة ، قاله ابن عيسى . الثاني : خاسرة ، قاله ابن زيد . ١٧قوله عز وجل : { اللّه الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } فيه وجهان : أحدهما : بالمعجز الدال على صحته . الثاني : بالصدق فيما أخبر به من ماض ومستقبل . { وَالْمِيزَانَ } فيه ثلاثة أوجه أحدها : أنه الجزاء على الطاعة بالثواب وعلى المعصية بالعقاب . الثاني : أنه العدل فيما أمر به ونهى عنه ، قاله قتادة . الثالث : أنه الميزان الذي يوزن به ، أنزله اللّه من السماء وعلم عباده الوزن به لئلا يكون بينهم تظالم وتباخس ، قال قتادة : الميزان العدل . { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } فلم يخبره بها ، ولم يؤنث قريب لأن الساعة تأنيثها غير حقيقي لأنها كالوقت . ١٨يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ (١٨) ١٩اللّه لطيف بعباده . . . . . ٢٠قوله عز وجل : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } الآية . فيه وجهان : أحدهما : أن اللّه تعالى يعطي على نية الآخرة من شاء من أمر الدنيا ، ولا يعطي على نية الدنيا إلا الدنيا ، قاله قتادة . الثاني : معناه من عمل للآخرة أعطاه اللّه بالحسنة عشر أمثالها ، ومن عمل للدنيا لم يزد على من عمل لها . { وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةَ مِن نَّصِيبٍ } في الجنة وهذا معنى قول ابن زيد وشبه العامل الطالب بالزارع لاجتماعهما في طلب النفع . ٢١أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢١) ٢٢تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (٢٢) ٢٣ذلك الذي يبشر . . . . . قوله عز وجل : { قُل لاَّ أسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } فيه خمسة أوجه : أحدها : معناه ألا تؤذوني في نفسي لقرابتي منكم ، وهذا لقريش خاصة لأنه لم يكن بطن من قريش إلا بينهم وبين رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قرابة ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، وأبو مالك . الثاني : معناه إلا أن تؤدوا قرابتي ، وهذا قول علي بن الحسين وعمرو بن شعيب والسدي . وروى مقسم عن ابن عباس قال : سمع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) سيئاً فخطب فقال للأنصار { أَلَمْ تَكُونُواْ أَذِلاَّءَ فَأعِزَّكُمُ اللّه بِي ؟ أَلَمْ تَكُونُوا ضُلاَّلاً فَهَداَكُمْ اللّه بِي ؟ أَلَمْ تَكُونُوا خأَئِفِينَ فَأَمَّنَكُمُ اللّه بِي ؟ أَلاَ تَردُواْ عَلَيَّ } فقالواْ : بم نجيبك ؟ فقال تَقُولُونَ : { أَلَمْ يَطْرُدْكَ قَوْمُكَ فَآوَيَنَاكَ ؟ أَلَمْ يُكَذِّبْكَ قَومَكَ فَصَدَّقْنَاكَ ؟ } فعد عليهم ، قال : فجثوا على ركبهم وقالواْ : أنفسنا وأموالنا لك {. فنزلت { قُل لاَّ أَسْأَلَكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } . الثالث : معناه إلا أن توادوني وتؤازروني كما توادون وتؤازرون قرابتكم ، قاله ابن زيد . الرابع : معناه إلا أن تتوددوا وتتقربوا إلى اللّه بالطاعة والعمل الصالح ، قاله الحسن ، وقتادة . الخامس : معناه إلا أن تودوا قرابتكم وتصلوا أرحامكم ، قاله عبد اللّه بن القاسم . { وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنةً } أي يكتسب ، وأصل القرف الكسب . { نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً } أي نضاعف له بالحسنة عشراً . { إِنَّ اللّه غَفُورٌ شَكُورٌ } فيه وجهان : أحدهما : غفور للذنوب ، شكور للحسنات ، قاله قتادة . الثاني : غفور لذنوب آل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، شكور لحسناتهم ، قاله السدي . ٢٤قوله عز وجل : { فَإِن يَشَإِ اللّه يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أي ينسيك ما قد آتاك من القرآن ، قاله قتادة . الثاني : معناه يربط على قلبك فلا يصل إليه الأذى بقولهم افترى على اللّه كذباً ، قاله مقاتل . الثالث : معناه لو حدثت نفسك أن تفتري على اللّه كذباً لطبع اللّه على قلبك ، قاله ابن عيسى . { وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } يحتمل وجهين : أحدهما : ينصر دينه بوعده . الثاني : يصدق رسوله بوحيه . ٢٥قوله عز وجل : { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعدِ مَا قَنَطُواْ } والقنوط الإياس ، قاله قتادة . قيل لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه : جدبت الأرض وقنط الناس فقال : مطروا إذن . والغيث ما كان نافعاً في وقته ، والمطر قد يكون ضاراً ونافعاً في وقته وغير وقته . { ويَنشُرُ رَحْمَتَهُ } بالغيث فيما يعم ويخص ٢٦وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (٢٦) ٢٧وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي اْلأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) ٢٨. { وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ } فيه وجهان : أحدهما : الولي المالك ، والحميد مستحق الحمد . الثاني : الولي المنعم والحميد المستحمد . ٢٩ومن آياته خلق . . . . . قوله عز وجل : { وَمَآ أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } فيه قولان : أحدهما : أنه الحدود على المعاصي ، قاله الحسن . الثاني : أنها البلوى في النفوس والأموال عقوبة على المعاصي والذنوب . قال النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { مَا يُصِيبُ ابنَ آدَمَ خَدْشُ عُوْدٍ وَلاَ عَثْرَةُ قَدَمٍ وَلاَ اخْتِلاَجُ عِرْقٍ إِلاَّ بِذَنبٍ وَمَا يَعْفُو عَنهُ أَكْثَرَ } وقال ثابت البناني . كان يقال ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا . ثم فيها قولان : أحدهما : أنها خاصة في البالغين أن تكون عقوبة لهم ؛ وفي الأطفال أن تكون مثوبة لهم . الثاني : عقوبة عامة للبالغين في أنفسهم وللأطفال في غيرهم من والدٍ أو والدة ، قاله العلاء بن زيد . ٣٠{ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } فيه وجهان : أحدهما : عن كثير من المعاصي أن لا يكون عليها حدود ، وهو مقتضى قول الحسن . الثاني : عن كثير من العصاة وأن لا يعجل عليهم بالعقوبة . قال علي رضي اللّه عنه : ما عاقب اللّه به في الدنيا فاللّه أحلم من أن يثني عليه العقوبة يوم القيامة ، وما عفا اللّه عنه في الدنيا فاللّه أكرم من أن يعود في عفوه يوم القيامة . ٣١وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي اْلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ (٣١) ٣٢ومن آياته الجوار . . . . . قوله عز وجل : { وَمِن ءَايَاتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلاَمِ } قال مجاهد هي السفن في البحر { كَالأَعْلاَمِ } أي كالجبال ، ومنه قول الخنساء : وإنَّ صَخْراً لتأتَمُّ الهُدَاةُ به كأنَّه علمٌ في رأسِه نار ٣٣{ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ } أي وقوفاً على ظهر الماء ، قال قتادة : لأن سفن هذا البحر تجري بالريح . فإذا أمسكت عنها ركدت . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } صبار على البلوى ، شكور على النعماء . قال قطرب : نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعْطِي شكر ، وإذا ابتُلِيَ صبر . قال عون بن عبد اللّه : فكم من منعم عليه غير شاكر ، وكم من مبتلٍ غير صابر . ٣٤{ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ } معناه يغرقهن بذنوب أهلها . { ويَعْفُ عَن كَثِيرٍ } من أهلها فلا يغرقهم معها ٣٥. { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } فيه وجهان : أحدهما : من فرار ومهرب ، قاله قطرب . الثاني : ملجأ ، قاله السُدي مأخوذ من قولهم حاص به البعير حيصة إذا مال به ، ومنه قولهم فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه . ٣٦فما أوتيتم من . . . . . قوله عز وجل : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ } قال عبد الرحمن بن زيد : هم الأنصار بالمدينة استجابوا إلى الإيمان بالرسول حين أنفذ إليهم قبل الهجرة اثني عشر نقيباً منهم . ٣٨{ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ } فيها وجهان : أحدهما : أنه المحافظة على مواقيتها ، قاله قتادة . الثاني : إتمامها بشروطها ، قاله سعيد بن جبير . { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } فيه أربع أوجه : أحدها : أنهم كانوا قبل قدوم النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) إليهم إذا أرادوا أمراً تشاوروا فيه ثم عملواْ عليه فمدحهم اللّه تعالى به ، قاله النقاش . الثاني : يعني أنهم لانقيادهم إلى الرأي في أمورهم متفقون لا يختلفون فمدحوا على اتفاق كلمتهم . قال الحسن : ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم . الثالث : هو تشاورهم حين سمعوا بظهور رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) وورود النقباء إليهم حتى اجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصرة له ، قاله الضحاك . الرابع : أنهم يتشاورون فيما يعرض لهم فلا يستأثر بعضهم بخير دون بعض . { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنفِقُونَ } فيه وجهان : أحدهما : يريد به أداء الزكاة من أموالهم ، قاله السدي . الثاني : إنفاق الحلال من أكسابهم ، وهو محتمل . ٣٩قوله عز وجل : { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُم الْبَغْيُ هُم يَنتَصِرُونَ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أصابهم يعني المشركين على دينهم انتصروا بالسيف منهم . قاله ابن جريج . الثاني : أصابهم يعني باغ عليهم كره لهم أن يستذلوا ، فإذا قدروا عفوا ، قاله إبراهيم . الثالث : إذا أصابهم البغي تناصروا عليه حتى يزايلوه عنهم ويدفعوه عنهم ، قاله ابن بحر . ٤٠قوله عز وجل : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } فيه قولان : أحدهما : أنه محمول على الجراح التي تتمثل في القصاص دون غيرها من سب أو شتم ، قاله الشافعي ، وأبو حنيفة ، وسفيان . الثاني : أنه محمول على مقابلة الجراح ، وإذا قال أخزاه اللّه أو لعنه اللّه أن يقول مثله ، ولا يقابل القذف بقذف ولا الكذب بكذب ، قاله ابن أبي نجيح والسدي . وسمي الجزاء سيئة لأنه في مقابلتها وأنها عند المعاقب بها سواء . { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللّه } فأذن في الجزاء وندب إلى العفو . وفي قوله : { وأَصْلَحَ } وجهان : أحدهما : أصلح العمل ، قاله سعيد بن جبير . الثاني : أصلح بينه وبين أخيه ، قاله ابن زياد ، وهذا مندوب إليه في العفو عن التائب دون المصرّ . روى أنس عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أنه قال : { إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ . مَن كَانَ أَجْرُهُ عَلَى اللّه فَلْيَدْخُلِ الجَنَّةَ ، فَيُقَالُ مَن ذَا الَّذي أَجْرُهُ عَلَى اللّه فَيَقُولُونَ العَافُونَ عَنِ النَّاسِ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ } . { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظّالِمِينَ } فيه وجهان : أحدهما : الظالمين في الابتداء ، قاله سعيد بن جبير . الثاني : المعتدي في الجزاء ، قاله ابن عيسى . ٤١قوله عز وجل : { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } أي استوفى حقه بنفسه . { فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ } وهذا ينقسم ثلاثة أقسام أحدها : أن يكون قصاصاً في بدن يستحقه آدمي فلا حرج عليه فيه إذا استوفاه من غير عدوان ، وثبت حقه عند الحكام ، لكن يزجره الإمام في تفرده بالقصاص لما فيه من الجرأة على سفك الدماء ، وإن كان حقه غير ثابت عند الحكام فليس عليه فيما بينه وبين اللّه حرج وهو في الظاهر مطالب وبفعله مؤاخذ . والقسم الثاني : أن يكون حداً للّه لا حق فيه لآدمي كحد الزني وقطع السرقة . فإن لم يثبت ذلك عند حاكم أخذ به وعوقب عليه ، وإن ثبت عند حاكم نظر فإن كان قطعاً في سرقة سقط به الحد لزوال العضو المستحق قطعه ، ولم يجب عليه في ذلك حق إلا التعزير أدباً ، وإن كان جلداً لم يسقط به الحد لتعديه به مع بقاء محله وكان مأخوذاً بحكمه . القسم الثالث : أن يكون حقاً في مال فيجوز لصاحبه أن يغالب على حقه حتى يصل إليه إن كان من هو عليه عالماً به ، وإن كان غير عالم نظر ، فإن أمكنه الوصول إليه عند المطالبة لم يكن له الاستسرار بأخذه ، وإن كان لا يصل إليه بالمطالبة لجحود من هو عليه مع عدم بينة تشهد به ففي جواز الاستسرار بأخذه مذهبان : أحدهما : جوازه ، وهو قول مالك ، والشافعي . الثاني : المنع ، قاله أبو حنيفة . ٤٢قوله عز وجل : { إِنَّما السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ } فيه قولان : أحدهما : يظلمون الناس بعدوانهم عليهم وهو قول كثير منهم . الثاني : يظلمونهم بالشرك المخالف لدينهم ، قاله ابن جريج . { وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه بغيهم في النفوس والأموال ، وهو قول الأكثرين . الثاني : عملهم بالمعاصي ، قاله مقاتل . الثالث : هو ما يرجوه كفار قريش أن يكون بمكة غير الإسلام ديناً ، قاله أبو مالك . ٤٣قوله عز وجل : { وَلَمِنَ صَبَرَ وَغَفَرَ } يحتمل وجهين : أحدهما : صبر على الأذى وغفر للمؤذي . الثاني : صبر عن المعاصي وستر المساوىء . ويحتمل قوله : { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } وجهين : أحدهما : لمن عزائم اللّه التي أمر بها . الثاني : لمن عزائم الصواب التي وفق لها . وذكر الكلبي والفراء أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه مع ثلاث آيات قبلها وقد شتمه بعض الأنصار فرد عليه ثم أمسك ، وهي المدنيات من هذه السورة . ٤٤ومن يضلل اللّه . . . . . ٤٥قوله عز وجل : { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضَونَ عَلَيهَا } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنهم المشركون جميعاً يعرضون على جهنم عند إطلاقهم إليها ، قاله الأكثرون . الثاني : آل فرعون خصوصاً تحبس أرواحهم في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح ، فهم عرضهم ، قاله ابن مسعود . الثالث : أنهم عامة المشركين ويعرضون على العذاب في قبورهم ، وهذا معنى قول أبي الحجاج . { خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ } قال السدي : خاضعين من الذل . { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ } فيه ثلاثة تأويلات أحدها : ينظرون بأبصار قلوبهم دون عيونهم لأنهم يحشرون عمياً ، قاله أبو سليمان . الثاني : يسارقون النظر إلى النار حذراً ، قاله محمد بن كعب . الثالث : بطرفٍ ذليل ، قاله ابن عباس . ٤٦وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦) ٤٧استجيبوا لربكم من . . . . . قوله عز وجل : { مَا لَكُم مِّن مَّلْجَإِ يَوْمَئِذٍ } فيه وجهان : أحدهما : من منج . الثاني : من حرز ، قاله مجاهد . { وَمَا لَكُم مِّن نِّكيرٍ } فيه وجهان : أحدهما : من ناصر ينصركم ، قاله مجاهد . الثاني : من منكر يغير ما حل بكم ، حكاه ابن أبي حاتم وقاله الكلبي . ٤٨قوله عز وجل : { وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحخَ بِهَا } فيها وجهان : أحدهما : أن الرحمة المطر ، قاله مقاتل . الثاني : العافية ، قاله الكلبي . { وَإِن تُصِبْهُمْ سِّيئةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } فيها وجهان : أحدهما : أنه السنة القحط ، قاله مقاتل . الثاني : المرض ، قاله الكلبي . { فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ } يحتمل وجهين : أحدهما : بالنعمة . الثاني : باللّه . ٤٩للّه ملك السماوات . . . . . قوله عز وجل : { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ } قال عبيدة : يهب لمن يشاء إناثاً لا ذكور فيهن ، ويهب لمن يشاء ذكوراً لا إناث فيهم . وأدخل الألف على الذكور دون الإناث لأنهم أشرف فميزهم بسمة التعريف . ٥٠{ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً } فيه وجهان : أحدهما : هو أن تلد غلاماً ثم تلد جارية ثم تلد غلاماً ثم تلد جارية ، قاله مجاهد . الثاني : هو أن تلد توأمين غلاماً وجارية ، قاله محمد بن الحنفية ، والتزويج هنا الجمع بين البنين والبنات . قال ابن قتيبة : تقول العرب زوجني إبلي إذا جمعت بين الصغار والكبار . { وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً } أي لا يولد له . يقال عقم فرجه عن الولادة أي منع . وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في الأنبياء خصوصاً وإن عم حكمها ، فوهب للوط البنات ليس فيهن ذكر ، ووهب لإبراهيم الذكور ليس معهم أنثى ، ووهب لإسماعيل وإسحاق الذكور والإناث ، وجعل عيسى ويحيى عقيمين . ٥١قوله عز وجل : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللّه إِلاَّ وَحْياً } الآية . سبب نزولها ما حكاه النقاش أن اليهود قالوا للنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ألا تكلم اللّه وتنظر إليه إن كنت نبياً صادقاً كما كلمه موسى ونظر إليه ؟ فنزلت هذه الآية . وفي قوله : { وَحْياً } وجهان : أحدهما : أنه نفث ينفث في قلبه فيكون إلهاماً ، قاله مجاهد . الثاني : رؤيا يراها في منامه ، قاله زهير بن محمد . { أَوْ مِن وَرَآءِي حِجَابٍ } قال زهير : كما كلم موسى . { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً } قال زهير : هو جبريل . { فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ } وهذا الوحي من الرسل خطاب منهم للأنبياء يسمعونه نطقاً ويرونه عياناً . وهكذا كانت حال جبريل إذا نزل بالوحي على النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) . قال ابن عباس : نزل جبريل على كل نبي فلم يره منهم إلا محمد وعيسى وموسى وزكريا صلوات اللّه عليهم أجمعين ، فأما غيرهم فكان وحياً إلهاماً في المنام . ٥٢قوله عز وجل : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : رحمة من عندنا ، قاله قتادة . الثاني : وحياً من أمرنا ، قاله السدي . الثالث : قرآناً من أمرنا ، قاله الضحاك . { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ } فيه وجهان : أحدهما : ما كنت تدري ما الكتاب لولا الرسالة ، ولا الإيمان لولا البلوغ ، قاله ابن عيسى . الثاني : ما كنت تدري ما الكتاب لولا إنعامنا عليك ، ولا الإيمان لولا هدايتنا لك وهو محتمل . وفي هذا الإيمان وجهان : أحدهما : أنه الإيمان باللّه ، وهذا يعرفه بعد بلوغه وقبل نبوته . الثاني : أنه دين الإٍسلام ، وهذا لا يعرفه إلا بعد النبوة . { وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً . . . } فيه قولان أحدهما : جعلنا القرآن نوراً ، قاله السدي . الثاني : جعلنا الإيمان نوراً . حكاه النقاش وقاله الضحاك . { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } فيه قولان : أحدهما : معناه : وإنك لتدعو إلى دين مستقيم ، قاله قتادة . الثاني : إلى كتاب مستقيم ، قاله علي رضي اللّه عنه . وقرأ عاصم الجحدري : وإنك لتُهدى ، بضم التاء أي لتُدْعَى . ٥٣قوله عز وجل : { صِرَاطِ اللّه } فيه وجهان : أحدهما : أن صراط اللّه هو القرآن ، قاله علي كرم اللّه وجهه . الثاني : الإٍسلام ، رواه النواس بن سمعان الأنصاري عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) . { أَلاَ إِلَى اللّه تَصِيرُ الأُمُورُ } يحتمل وجهين : أحدهما : أنه وعيد بالبعث . الثاني : أنه وعيد بالجزاء ، واللّه أعلم . |
﴿ ٠ ﴾