٢٣

قوله عز وجل : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أفرأيت من اتخذ دينه ما يهواه ، فلا يهوى شيئاً إلا ركبه ، قاله ابن عباس .

الثاني : أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه ويستحسنه ، فإذا استحسن شيئاً وهو به اتخذه إلهاً ، قاله عكرمة ، قاله سعيد بن جبير : كان أحدهم يعبد الحجر . فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخر .

الثالث : أفرأيت من ينقاد لهواه انقياده لإلهه ومعبوده تعجباً لذوي العقول من هذا الجهل .

{ وَأَضَلَّهُ اللّه عَلَى عِلْمٍ } فيه تأويلان

: أحدهما : وجده ضالاً ، حكاه ابن بحر .

الثاني : معناه ضل عن اللّه . ومنه قول الشاعر :

هبوني امرأً منكم اضلَّ بعيره

له ذمة إن الذمام كثير

أي ضل عنه بعيره

. وفي قوله : { عَلَى عِلْمٍ } وجهان :

أحدهما : على علم منه أنه ضال ، قاله مقاتل .

الثاني : قاله ابن عباس أي في سابق علمه أنه سيضل . { وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ } أي طبع على سمعه حتى لا يسمع الوعظ وطبع على قلبه حتى لا يفقه الهدى .

{ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غَشَاوَةً } حتى لا يبصرالرشد

. ثم في هذا الكلام وجهان :

أحدهما : أنه خارج مخرج الخبر عن أحوالهم .

الثاني : أنه خارج مخرج الدعاء بذلك عليهم .

وحكى ابن جريج أنها نزلت في الحارث بن قيس من الغياطلة ، وحكى الضحاك أنها نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف .

﴿ ٢٣