سورة الفتح

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله عز وجل : { إِنَّا فَتحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } فيه قولان :

أحدهما : إنا أعلمناك علماً مبيناً فيما أنزلناه عليك من القرآن وأمرناك به من الدين . وقد يعبر عن العلم بالفتح كقوله { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ } " [ الأنعام : ٥٩ ] أي علم الغيب ، قاله ابن بحر . وكقوله { إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الْفَتْحُ } " [ الأنفال : ١٩ ] أي إن أردتم العلم فقد جاءكم العلم .

الثاني : إنا قضينا لك قضاء بيناً فيما فتحناه عليك من البلاد .

وفي المراد بهذا الفتح قولان :

أحدهما : فتح مكة ، وعده اللّه عام الحديبية عند انكفائه منها .

الثاني : هو ما كان من أمره بالحديبية .

قال الشعبي : نزلت { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } " [ الفتح : ١ ] في وقت الحديبية أصاب فيها ما لم يصب في غيرها .

بويع بيعة الرضوان ، وأطعموا نخل خيبر ، وظهرت الروم على فارس تصديقاً لخبره ، وبلغ

الهدي محله ، فعلى هذا في الذي أراده بالفتح يوم الحديبية ، قال جابر : ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية .

الثاني : أنه بيعة الرضوان . قال البراء بن عازب : أنتم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية .

الثالث : أنه نحره وحلقه يوم الحديبية حتى بلغ الهدي محله بالنحر .

والحديبية بئر ، وفيها تمضمض رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، وقد غارت فجاشت بالرواء .

﴿ ١