٢

{ لِيَغْفِرَ لَكَ اللّه مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } فيه وجهان

: أحدهما : ليغفر لك اللّه استكمالاً لنعمه عندك .

الثاني : يصبرك على أذى قومك .

وفيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : ما تقدم قبل الفتح وما تأخر بعد الفتح .

الثاني : ما تقدم قبل النبوة وما تأخر بعد النبوة .

الثالث : ما وقع وما لم يقع على طريق الوعد بأنه مغفور إذا كان .

ويحتمل رابعاً : ما تقدم قبل نزول هذه الآية وما تأخر بعدها .

{ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } فيه قولان :

أحدهما : بفتح مكة والطائف وخيبر .

الثاني : بخضوع من استكبر . وطاعة من تجبر .

{ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً وَيَنصُرَكَ اللّه نَصْراً عَزِيزاً } يحتمل وجهين : أحدهما : أنه الأسر والغنيمة كما كان يوم بدر .

الثاني : أنه الظفر والإسلام وفتح مكة .

وسبب نزول هذه الآية ، ما حكاه الضحاك عن ابن عباس أنه لما نزل قوله : { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } قال أهل مكة : يا محمد كيف ندخل في دينك وأنت لا تدري ما يفعل بك ولا بمن اتبعك فهلا أخبرك بما يفعل بك وبمن اتبعك كما

أخبر عيسى ابن مريم ؟ فاشتد ذلك على النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) وعلى أصحابه حتى قدم المدينة ، فقال عبد اللّه بن أبي بن سلول - رأس المنافقين - للأنصار : كيف تدخلون في دين رجل لا يدري ما يفعل به ولا بمن اتبعه ؟ هذا واللّه الضلال المبين . فقال أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما ، يا رسول اللّه ألا تسأل ربك يخبرك بما يفعل بك وبمن اتبعك ؟ فقال : إن له أجلاً فأبشرا بما يقر اللّه به أعينكما . إلى أن نزلت عليه هذه الآي وهو في دار أبي الدحداح على طعام مع أبي بكر وعمر فخرج وقرأها على أصحابه ، قال قائل منهم : هنيئاً مريئاً يا رسول اللّه قد بين اللّه لنا ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل اللّه { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } الآية .

﴿ ٢