٩قوله عز وجل : { وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا } اختلف في سبب نزولها على أربعة أقاويل : أحدها : ما رواه عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير أن الأوس والخزرج كان بينهم على عهد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قتال بالسعف والنعال ونحوه فنزلت هذه الآية فيهم . الثاني : ما رواه سعيد عن قتادة أنها نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مدارأة في حق بينهما ، فقال أحدهما للآخر : لآخذنه عنوة لكثرة عشيرته ، وأن الآخر دعاه ليحاكمه إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) فأبى أن يتبعه ، فلم يزل بهما الأمر حتى تواقعوا وتناول بعضهم بعضاً بالأيدي والنعال ، فنزلت فيهم . الثالث : ما رواه أسباط عن السدي أن رجلاً من الأنصار كانت له امرأة تدعى أم زيد وأن المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في علية له لا يدخل عليها أحد من أهلها ، وأن المرأة بعثت إلى أهلها ، فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها ، فخرج الرجل فاستعان أهله ، فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وأهلها فتدافعوا واجتلدوا بالنعال ، فنزلت هذه الآية فيهم . الرابع : ما حكاه الكلبي ومقاتل والفراء أنها نزلت في رهط عبد اللّه بن أبي بن سلول من الخزرج ورهط عبد اللّه بن رواحة من الأوس ، وسببه أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) وقف على حمار له على عبد اللّه بن أبي ، وهو في مجلس قومه ، فراث حمار النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، فأمسك عبد اللّه أنفه وقال : إليك حمارك ، فغضب عبد اللّه بن رواحة ، وقال : أتقول هذا لحمار رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، فواللّه هو أطيب ريحاً منك ومن أبيك ، فغضب قومه ، وأعان ابن رواحة قومه حتى اقتتلوا بالأيدي والنعال فنزلت هذه الآية فيهم ، فأصلح رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) بينهم . { فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى } البغي التعدي بالقوة إلى طلب ما ليس بمستحق . { فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي } فيه وجهان : أحدهما : تبغي في التعدي في القتال . الثاني : في العدول عن الصلح ، قاله الفراء . { حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللّه } فيه وجهان : أحدهما : ترجع إلى الصلح الذي أمر اللّه به ، قاله سعيد بن جبير . الثاني : ترجع إلى كتاب اللّه وسنة رسوله فيما لهم وعليهم ، قاله قتادة . { فَإِن فَآءَتْ } أي رجعت . { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ } فيه وجهان : أحدهما : يعني بالحق . الثاني : بكتاب اللّه ، قاله سعيد بن جبير . { وَأَقْسِطُواْ } معناه واعدلوا . ويحتمل وجهين : أحدهما : اعدلوا في ترك الهوى والممايلة . الثاني : في ترك العقوبة والمؤاخذة . { إِنَّ اللّه يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } أي العادلين قال أبو مالك : في القول والفعل . |
﴿ ٩ ﴾