٢٧

إن الذين لا . . . . .

{ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَآئِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ الَّلمَمَ } أما كبائر الإثم ففيها . خمسة أقاويل ؛

أحدها : أنه الشرك باللّه ، حكاه الطبري .

الثاني : أنه ما زجر عنه بالحد ، حكاه بعض الفقهاء .

الثالث : ما لا يكفر إلا بالتوبة ، حكاه ابن عيسى .

الرابع : ما حكاه شرحبيل عن ابن مسعود قال : سئل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) عن الكبائر فقال : { أن تدعو للّه نداً وهو خلقك وأن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك وأن تزاني حليلة جارك } الخامس : ما روى سعيد بن جبير أن رجلاً سأل ابن عباس عن الكبائر أسبع هي ؟ قال : إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبعة ، لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار ، فكأنه يذكر أن كبائر الإثم ما لم يستغفر منه .

وأما الفواحش ففيها قولان :

أحدهما : أنها جميع المعاصي .

الثاني : أنها الزنى . وأما اللمم المستثنى ففيه ثمانية أقاويل :

أحدها : إلا اللمم الذي ألموا به في الجاهلية من الإثم والفواحش فإنه معفو عنه في الإسلام ، قاله ابن زيد بن ثابت .

الثاني : هو أن يلم بها ويفعلها ثم يتوب منها ، قاله الحسن ومجاهد .

الثالث : هو أن يعزم على المواقعة ثم يرجع عنها مقلعاً وقد روى عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) قال :

إِنْ تَغْفِرِ اللّهمْ تغفر جَمَّاً

وَأَي عَبْدٍ لَّكَ لاَ أَلَمَّا

الرابع : أن اللمم ما دون الوطء من القبلة والغمزة والنظرة والمضاجعة ، قاله ابن مسعود ، روى طاووس عن ابن عباس قال : ما رأيت أشبه باللمم من قول أبي هريرة عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { كَتَبَ اللّه عَلَى كلِّ نَفْسٍ خَطَّهَا مِن الزّنَى أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ ، فَزِنَى الْعَيْنَينِ النَّظَرُ وَزِنَى الِلَّسَانِ المَنطِقُ وَهِيَ النَّفْسُ تُمَنّي وَتَشْتَهِى ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوُ يُكَذِّبُه } الخامس : أن اللمم الصغائر من الذنوب

. السادس : أن اللمم ما لم يجب عليه حد في الدنيا ولم يستحق عليه في الآخرة عذاب ، قاله ابن عباس ، وقتادة .

السابع : أن اللمم النظرة الأولى فإن عاد فليس بلمم ، قاله بعض التابعين ، فجعله ما لم يتكرر من الذنوب ، واستشهد بقول الشاعر :

وما يستوي من لا يرى غير لمة

ومن هو ناو غيرها لا يريمها

والثامن : أن اللمم النكاح ، وهذا قول أبي هريرة .

وذكر مقاتل بن سليمان أن هذه الآية نزلت في رجل كان يسمى نبهان التمار كان له حانوت يبيع فيه تمراً ، فجاءته امرأة تشتري منه تمراً ، فقال لها : إن بداخل الدكان ما هو خير من هذا ، فلما دخلت راودها عن نفسها ، فأبت وانصرفت ، فندم نبهان وأتى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) فقال : يا رسول اللّه ما من شيء يصنعه الرجل إلا وقد فعلته إلا الجماع ، فقال : { لَعَلَّ زَوْجَهَا غَازٍ } فنزلت هذه الآية .

﴿ ٢٧