٨{ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } النجوى السرار ، ومن ذلك قول جرير : من النفر البيض الذين إذا انتجوا أقرت بنجواهم لؤي بن غالب والنجوى مأخوذة من النجوة وهي ما له ارتفاع وبعد ، لبعد الحاضرين عنه ، وفيها وجهان : أحدهما : أن كل سرار نجوى ، قاله ابن عيسى . الثاني : أن السرار ما كان بن اثنين ، والنجوى ما كان بين ثلاثة ، حكاه سراقة . وفي المنهي عنه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنهم اليهود ، كانوا يتناجون بما بين المسلمين ، فنهوا عن ذلك ، قاله مجاهد . الثاني : أنهم المنافقون ، قاله الكلبي . الثالث : أنهم المسلمون . روى أبو سعيد الخدري قال : كنا ذات ليلة نتحدث إذ خرج علينا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) فقال : { ما هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى } . فقلنا تبنا إلى اللّه يا رسول اللّه إنا كنا في ذكر المسيح يعني الدَّجال فرَقاً منه ، فقال : { ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه ؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : الشرك الخفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان الرجل } . { وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به اللّه } كانت اليهود إذا دخلت على رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قالوا : السام عليك ، وكان النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) يرد عليهم فيقول : { وعليكم } ويروى أن عائشة حين سمعت ذلك منهم قالت : وعليكم السام والذام ، فقال عليه السلام : { إن اللّه لا يحب الفحش والتفحش } . وفي السام الذي أرادوه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه الموت ، قاله ابن زيد . الثاني : أنه السيف . الثالث : أنهم أرادوا بذلك أنكم ستسأمون دينكم ، قاله الحسن ، وكذا من قال هو الموت لأنه يسأم الحياة . وحكى الكلبي أن اليهود كانوا إذا رد النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) جواب سلامهم قالوا : لو كان هذا نبياً لاستجيب له فينا قوله وعليكم ، يعني السام وهو الموت وليس بنا سامة وليس في أجسادنا فترة ، فنزلت فيهم { ويقولون في أنفسهم ولولا يعذبنا اللّه بما نقول } الآية . |
﴿ ٨ ﴾