٦

{ وما أفاء اللّه على رسوله منهم } يعني ما رده اللّه على رسوله من أموال بني النضير .

{ فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } والإيجاف الإيضاع في السير وهو الإسراع ، والركاب : الإبل ، وفيهما يقول نصيب :

ألارب ركب قد قطعت وجيفهم

إليك ولولا أنت لم توجف الركب

{ ولكن اللّه يسلط رسله على من يشاء } ذلك أن مال الفيء هو المأخوذ من المشركين بغير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب ، فجعل اللّه لرسوله أن يضعه حيث يشاء لأنه واصل بتسليط الرسول عليهم لا بمحاربتهم وقهرهم . فجعل اللّه ذلك طعمة لرسوله خالصاً دون الناس ، فقسمه في المهاجرين إلا سهل بن حنيف وأبا دجانة فإنهما ذكرا فقراً فأعطاهما .

{ كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم } يقال دولة بالضم وبالفتح وقرىء بهما ، وفيهما قولان :

أحدهما : أنهما واحد ، قاله يونس ، والأصمعي .

الثاني : أن بينهما فرقاً ، وفيه أربعة أوجه :

أحدها : أنه بالفتح الظفر في الحرب ، وبالضم الغنى عن فقر ، قاله أبو عمرو ابن العلاء .

الثاني : أنه بالفتح في الأيام ، وبالضم في الأموال ، قاله عبيدة .

الثالث : أن بالفتح ما كان كالمستقر ، وبالضم ما كان كالمستعار ، حكاه ابن كامل .

الرابع : أنه بالفتح الطعن في الحرب ، وبالضم أيام الملك وأيام السنين التي تتغير ، قاله الفراء ، قال حسان :

ولقد نلتم ونلنا منكم

وكذاك الحرب أحياناً دول

{ وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } فيه أربعة أوجه

 أحدها : يعني ما أعطاكم من مال الفيء فاقبلوه ، وما منعكم منه فلا تطلبوه ، قاله السدي .

الثاني : ما آتاكم اللّه من مال الغنيمة فخذوه ، وما نهاكم عنه من الغلو فلا تفعلوه ، قاله الحسن .

الثالث : وما آتاكم من طاعتي فافعلوه ، وما نهاكم عنه من معصيتي فاجتنبوه ، قاله ابن جريج .

الرابع : أنه محمول على العموم في جميع أوامره ونواهيه لأنه لا يأمر إلا بصلاح ولا ينهى إلا عن فساد .

وحكى الكلبي أنها نزلت في رؤساء المسلمين قالوا فيما ظهر عليه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) من أموال المشركين ، يا رسول اللّه صفيك والربع ودعنا والباقي فهكذا كنا نفعل في الجاهلية وأنشدوه :

لك المرباع منها والصفايا

وحكمك والنشيطة والفضول .

فأنزل اللّه هذه الآية .

﴿ ٦