سورة الطلاق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى { يا أيها النبي إذا طَلّقْتُمُ النّساءَ } الآية . هذا وإن كان خطاباً للنبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) [ فهو شامل لأمته فروى قتادة عن أنس قال : { طلق رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) حفصة رضي اللّه عنها فأتت أهلها فأنزل اللّه تعالى عليه : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساءَ فطلِّقوهُنَّ لعدَّتهنَّ } وقيل له راجعها فإنها قوّأمة صوّامة ، وهي من أزواجك في الجنة } . ] { لعدتهن } يعني في طهر من غير جماع ، وهو طلاق السنة .

وفي اعتبار العدد في طلاق السنة قولان :

أحدهما : أنه معتبر وأن من السنة أن يطلق في كل قرء واحدة ، فإن طلقها ثلاثاً معاً في قرء كان طلاق بدعة ، وهذا قول أبي حنيفة ومالك رحمهما اللّه .

الثاني : أنه غير معتبر ، وأن السنة في زمان الطلاق لا في عدده ، فإن طلقها ثلاثاً في قرء كان غير بدعة ، قاله الشافعي رحمه اللّه ، وقد روي أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) كان يقرأ : فطلّقوهن لقُبُلِ عدّتهن . وإن طلقها حائضاً أو طهر جماع كان بدعة ، وهو واقع ، وزعم طائفة أنه غير واقع لخلاف المأذون فيه فأما طلاق الحامل وغير المدخول بها والصغيرة واليائسة والمختلعة فلا سنة فيه ولا بدعة .

ثم قال تعالى : { وأَحْصُوا العِدَّةَ } يعني في المدخول بها ، لأن غير المدخول بها لا عدة عليها وله أن يراجعها فيما دون الثلاث قبل انقضاء العدة ، ويكون بعدها كأحد الخطاب ، ولا تحل له في الثلاث إلا بعد زوج .

{ واتَّقوا اللّه ربَّكم } يعني في نساءكم المطلقات .

{ لا تُخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن } يعني في زمان عدّتهن ، لوجود السكنى لهن .

{ إلاَّ أنْ يأتِينَ بفاحشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : أن الفاحشة يعني الزنا ، والإخراج هو إخراجها لإقامة الحد ، قاله ابن عمر والحسن ومجاهد .

والثاني : أنه البذاء على أحمائها ، وهذا قول عبد اللّه بن عباس والشافعي .

الثالث : كل معصية للّه ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً .

الرابع : أن الفاحشة خروجهن ، ويكون تقدير الآية : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة بخروجهن من بيوتهن ، قاله السدي .

{ وتلك حُدودُ اللّه } يعني وهذه حدود اللّه ، وفيها ثلاثة أوجه :

أحدها : يعني طاعة اللّه ، قاله ابن عباس .

الثاني : سنَّة اللّه وأمره ، قاله ابن جبير .

الثالث : شروط اللّه ، قاله السدّي .

{ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدودَ اللّه } فيه تأويلان :

أحدهما : من لم يرض بها ، قاله ابن عباس .

الثاني : من خالفها ، قاله ابن جبير .

{ فقدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } فيه وجهان :

أحدهما : فقد ظلم نفسه في عدم الرضا ، باكتساب المأثم .

الثاني : في وقوع الطلاق في غير الطهر للشهور لتطويل هذه العدة والإضرار بالزوجة .

{ لا تدري لعلَّ اللّه يُحْدِثُ بَعْد ذلك أَمْراً } يعني رجعة ، في قول جميع المفسرين إن طلق دون الثلاث .

﴿ ١