سورة القيامة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى : { لا أُقسِم بيومِ القيامةِ } اختلفوا في { لا } المبتدأ بها في أول الكلام على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنها صلة دخلت مجازاً ومعنى الكلام أقسم بيوم القيامة ، قاله ابن عباس وابن جبير وأبو عبيدة ، ومثله قول الشاعر :

تَذكّرْت ليلى فاعْتَرْتني صَبابةٌ

وكاد ضمير القلْبِ لا يتَقطّع .

الثاني : أنها دخلت توكيداً للكلام كقوله : لا واللّه ، وكقول امرىء القيس :

فلا وأبيكِ ابنةَ العامريّ

لا يدّعي القوم أني أَفِرْ .

قاله أبو بكر بن عياش .

الثالث : أنها رد لكلام مضى من كلام المشركين في إنكار البعث ، ثم ابتدأ

القسم فقال : أقسم بيوم القيامة ، فرقاً بين اليمين المستأنفة وبين اليمين تكون مجدداً ، قاله الفراء .

وقرأ الحسن : لأقْسِمُ بيوم القيامة ، فجعلها لاماً دخلت على ما أُقسم إثباتاً للقسم ، وهي قراءة ابن كثير .

٢

{ ولا أُقْسِم بالنّفْسِ اللوّامةِ } فيه وجهان :

أحدهما : أنه تعالى أقسم بالنفس اللوامة كما أقسم بيوم القيامة فيكونان قَسَمَيْن ، قاله قتادة .

الثاني : أنه أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة ، قاله الحسن ، ويكون تقدير الكلام : أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة . وفي وصفها باللوامة قولان :

أحدهما : أنها صفة مدح ، وهو قول من جعلها قسماً :

الثاني : أنها صفة ذم ، وهو قول من نفى أن يكون قسماً .

فمن جعلها صفة مدح فلهم في تأويلها ثلاثة أوجه :

أحدها : أنها التي تلوم على ما فات وتندم ، قاله مجاهد ، فتلوم نفسها على الشر لم فعلته ، وعلى الخير أن لم تستكثر منه .

الثاني : أنها ذات اللوم ، حكاه ابن عيسى .

الثالث : أنها التي تلوم نفسها بما تلوم عليه غيرها .

فعلى هذه الوجوه الثلاثة تكون اللوامة بمعنى اللائمة .

ومن جعلها صفة ذم فلهم في تأويلها ثلاثة أوجه :

أحدها : أنها المذمومة ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنها التي تلام على سوء ما فعلت .

الثالث : أنها التي لا صبر لها على محن الدنيا وشدائدها ، فهي كثيرة اللوم فيها ، فعلى هذه الوجوه الثلاثة تكون اللوامة بمعنى الملومة .

٣

{ أيَحْسَب الإنسان } يعني الكافر .

{ أنْ لن نَجْمَعَ عِظامَه } فنعيدها خلقاً جديداً بعد أن صارت رفاتاً .

٤

{ بلى قادِرينَ على أنْ نُسوّيَ بَنانه } في قوله { بلى } وجهان :

أحدهما : أنه تمام قوله { أن لن نجمع عظامه } أي بلى نجمعها ، قاله الأخفش .

الثاني : أنها استئناف بعد تمام الأول بالتعجب بلى قادرين ، الآية وفيه وجهان :

أحدهما : بلى قادرين على أن نسوي مفاصله ونعيدها للبعث خلقاً جديداً ، قاله جرير بن عبد العزيز .

الثاني : بلى قادرين على أن نجعل كفه التي يأكل بها ويعمل حافر حمار أو خف بعير ، فلا يأكل إلا بفيه ، ولا يعمل بيده شيئاً ، قاله ابن عباس وقتادة .

٥

 { بل يريد الإنسان ليَفْجُرَ أمامَه } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : معناه أن يقدم الذنب ويؤخر التوبة ، قاله القاسم بن الوليد .

الثاني : يمضي أمامه قدُماً لا ينزع عن فجور ، قاله الحسن .

الثالث : بل يريد أن يرتكب الآثام في الدنيا لقوة أمله ، ولا يذكر الموت ، قاله الضحاك .

الرابع : بل يريد أن يكذب بالقيامة ولا يعاقب بالنار ، وهو معنى قول ابن زيد .

ويحتمل وجهاً خامساً : بل يريد أن يكذب بما في الآخرة كما كذب بما في الدنيا ، ثم وجدت ابن قتيبة قد ذكره وقال إن الفجور التكذيب واستشهد بأن أعرابياً قصد عمر بن الخطاب وشكا إليه نقب إبله ودبرها ، وسأله أن يحمله على غيرها ، فلم يحمله ، فقال الأعرابي :

أقسم باللّه أبو حفصٍ عُمَرْ

ما مسّها مِن نَقَبٍ ولا دَبَرْ

فاغفر له اللّهم إنْ كان فجَرْ

يعني إن كان كذبني بما ذكرت .

٦

{ فإذا بَرِقَ البصرُ } فيه قراءتان :

إحداهما : بفتح الراء ، وقرأ بها أبان عن عاصم ، وفي تأويلها وجهان :

أحدهما : يعني خفت وانكسر عند الموت ، قاله عبد اللّه بن أبي إسحاق .

الثاني : شخص وفتح عينه عند معاينة ملك الموت فزعاً ، وأنشد الفراء :

فنْفسَكَ فَانْعَ ولا تْنعَني

وداوِ الكُلومَ ولا تَبْرَقِ .

أي ولا تفزع من هول الجراح .

الثانية : بكسر الراء وقرأ بها الباقون ، وفي تأويلها وجهان :

أحدهما : عشى عينيه البرق يوم القيامة ، قاله أشهب العقيلي ، قال الأعشى :

وكنتُ أرى في وجه مَيّةَ لمحةً

فأبرِق مَغْشيّاً عليّ مكانيا .

الثاني : شق البصر ، قاله أبو عبيدة وأنشد قول الكلابي :

لما أتاني ابن عمير راغباً أعطيتُه عيساً صِهاباً فبرق .

٨

{ وخَسَفَ القمرُ } أي ذهب ضوؤه ، حتى كأنّ نوره ذهب في خسفٍ من الأرض .

٩

{ وجُمِعَ الشمسُ والقمرُ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أنه جمع بينهما في طلوعهما من المغرب [ أسودين مكورين ] مظلمين مقرنين .

الثاني : جمع بينهما في ذهاب ضوئهما بالخسوف لتكامل إظلام الأرض على أهلها ، حكاه ابن شجرة .

الثالث : جمع بينهما في البحر حتى صارا نار اللّه الكبرى .

١٠

{ يقولُ الإنسانُ يومئذٍ أين المفرُّ } أي أين المهرب ، قال الشاعر :

أين أفِرّ والكباشُ تنتطحْ

وأيّ كبشٍ حاد عنها يفتضحْ .

ويحتمل وجهين :

أحدهما : { أين المفر } من اللّه استحياء منه .

الثاني : { أين المفر } من جهنم حذراً منها .

ويحتمل هذا القول من الإنسان وجهين :

أحدهما : أن يكون من الكافر خاصة من عرصة القيامة دون المؤمن ، ثقة المؤمن ببشرى ربه .

الثاني : أن يكون من قول المؤمن والكافر عند قيام الساعة لهول ما شاهدوه منها .

ويحتمل هذا القول وجهين :

أحدهما : من قول اللّه للإنسان إذا قاله { أين المفر } قال اللّه له

١١

 { كلاّ لا وَزَرَ }

الثاني : من قول الإنسان إذا علم أنه ليس له مفر قال لنفسه { كلا لا وَزَرَ } { كلاّ لا وَزَرَ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أي لا ملجأ من النار ، قاله ابن عباس .

الثاني : لا حصن ، قاله ابن مسعود .

الثالث : لا جبل ، [ قاله الحسن ] .

الرابع : لا محيص ، قاله ابن جبير .

١٢

{ إلى ربِّك يومئذٍ المُسْتَقَرُّ } فيه وجهان :

أحدهما : أن المستقر المنتهى ، قاله قتادة .

الثاني : أنه استقرار أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، قاله ابن زيد .

١٣

{ يُنَبّأ الإنسان يوميئذٍ بما قدَّمَ وأَخّرَ } يعني يوم القيامة وفي { بما قدم وأخر } خمسة تأويلات :

أحدها : ما قدم قبل موته من خير أو شر يعلم به بعد موته ، قاله ابن عباس وابن مسعود .

الثاني : ما قدم من معصية ، وأخر من طاعة ، قاله قتادة .

الثالث : بأول عمله وآخره ، قاله مجاهد .

الرابع : بما قدم من الشر وأخر من الخير ، قال عكرمة .

الخامس : بما قدم من فرض وأخر من فرض ، قاله الضحاك .

ويحتمل سادساً : ما قدم لدنياه ، وما أخر لعقباه .

١٤

{ بل الإنسانُ على نَفْسِه بَصيرةٌ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنه شاهد على نفسه بما تقدم به الحجة عليه ، كما قال تعالى : { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } .

الثاني : أن جوارحه شاهدة عليه بعمله ، قاله ابن عباس ، كما قال تعالى : { اليوم نَخْتِمُ على أفواههم وتُكَلِّمنا أيْديهم وتشْهدُ أرجُلُهم بما كانوا يكْسِبون } .

الثالث : معناه بصير بعيوب الناس غافل عن عيب نفسه فيما يستحقه لها وعليها من ثواب وعقاب .

والهاء في { بصيرة } للمبالغة .

١٥

{ ولو أَلْقَى معاذيرَه } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : معناه لو اعتذر يومئذ لم يقبل منه ، قاله قتادة .

الثاني : يعني لو ألقى معاذيره أي لو تجرد من ثيابه ، قاله ابن عباس .

الثالث : لو أظهر حجته ، قاله السدي وقال النابغة :

لدىّ إذا ألقى البخيلُ معاذِرَه .

الرابع : معناه ولو أرخى ستوره ، والستر بلغة اليمن معذار ، قاله الضحاك ، قال الشاعر :

ولكنّها ضَنّتْ بمنزلِ ساعةٍ

علينا وأطّت فوقها بالمعاذرِ

ويحتمل خامساً : أنه لو ترك الاعتذار واستسلم لم يُترك .

١٦

{ لا تُحرِّكْ به لسانَكَ لِتعْجَلَ به } فيه وجهان :

أحدهما : أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) كان إذا نزل عليه القرآن حرك به لسان يستذكره . مخافة أن ينساه ، وكان ناله منه شدة ، فنهاه اللّه تعالى عن ذلك وقال : { إنّ علينا جَمْعَه وقرآنه } ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنه كان يعجل بذكره إذا نزل عليه من حبه له وحلاوته في لسانه ، فنهي عن ذلك حتى يجتمع ، لأن بعضه مرتبط ببعض ، قاله عامر الشعبي .

١٧

{ إنّ علينا جَمْعَهُ وقُرْآنَه } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : إن علينا جمعه في قلبك لتقرأه بلسانك ، قاله ابن عباس .

الثاني : عيلنا حفظه وتأليفه ، قاله قتادة .

الثالث : عيلنا أن نجمعه لك حتى تثبته في قلبك ، قاله الضحاك .

١٨

{ فإذا قرأناه فاتّبعْ قُرْآنَه } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : فإذا بيّناه فاعمل بما فيه ، قاله ابن عباس .

الثاني : فإذا أنزلناه فاستمع قرآنه ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً .

الثالث : فإذا تلي عليك فاتبع شرائعه وأحكامه ، قاله قتادة .

١٩

{ ثم إنْ علينا بَيانَه } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : بيان ما فيه من أحكام وحلال وحرام ، قاله قتادة .

الثاني : علينا بيانه بلسانك إذا نزل به جبريل حتى تقرأه كما أقرأك ، قاله ابن عباس .

الثالث : علينا أن نجزي يوم القيامة بما فيه من وعد أو وعيد ، قاله الحسن .

٢٠

{ كلاّ بل تُحِبُّونَ العاجلةَ وتذَرُونَ الآخِرَة } فيه وجهان :

أحدهما : تحبون ثواب الدنيا وتذرون ثواب الآخرة ، قاله مقاتل .

الثاني : تحبون عمل الدنيا وتذرون عمل الآخرة .

٢٢

{ وُجوهٌ يومئذٍ ناضِرةٌ } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : يعني حسنة ، قاله الحسن .

الثاني : مستبشرة ، قاله مجاهد .

الثالث : ناعمة ، قاله ابن عباس .

الرابع : مسرورة ، قاله عكرمة .

٢٣

{ إلى رَبِّها ناظرةٌ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : تنظر إلى ربها في القيامة ، قاله الحسن وعطية العوفي .

الثاني : إلى ثواب ربها ، قاله ابن عمر ومجاهد .

الثالث : تنتظر أمر ربها ، قاله عكرمة .

٢٤

{ ووجوهُ يومئذٍ باسرةٌ } فيه وجهان :

أحدهما : كالحة ، قاله قتادة .

الثاني : متغيرة ، قاله السدي .

٢٥

{ تَظُنُّ أنْ يُفْعَلَ بها فاقِرةٌ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أن الفاقرة الداهية ، قاله مجاهد .

الثاني : الشر ، قاله قتادة .

الثالث : الهلاك ، قاله السدي .

الرابع : دخول النار ، قاله ابن زيد .

٢٦

{ كلا إذا بَلَغَتِ التّراقِيَ } يعني بلوغ الروح عند موته إلى التراقي ، وهي أعلى الصدر ، واحدها ترقوه .

٢٧

{ وقيلَ مَنْ راقٍ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : قال أَهْله : من راقٍ يرقيه بالرُّقى وأسماء اللّه الحسنى ، قاله ابن عباس .

الثاني : مَنْ طبيبٌ شافٍ ، قاله أبو قلابة ، قال الشاعر :

هل للفتى مِن بنات الدهرِ من واقى

أم هل له من حمامِ الموتِ من راقي

الثالث : قال الملائكة : مَن راقٍ يرقى بروحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس .

٢٨

{ وظَنَّ أنّه الفِراق } أي تيقن أنه مفارق الدنيا .

٢٩

{ والْتَفّتِ الساقُ بالساقِ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : اتصال الدنيا بالآخرة ، قاله ابن عباس .

الثاني : الشدة بالشدة والبلاء بالبلاءِ ، وهو شدة كرب الموت بشدة هول المطلع ، قاله عكرمة ومجاهد ، ومنه قول حذيفة بن أنس الهذلي :

أخو الحرب إن عضّت به الحربُ عضّها

وإن شمّرتْ عن ساقها الحرب شمّرا .

الثالث : التفّت ساقاه عند الموت ، وحكى ابن قتيبة عن بعض المفسرين أن التفاف الساق بالساق عند الميثاق ، قال الحسن :

ماتت رجلاه فلم تحملاه وقد كان عليهما جوّالاً .

الرابع : أنه اجتمع أمران شديدان عليه : الناس يجهزون جسده ، والملائكة يجهزون روحه ، قاله ابن زيد .

٣٠

{ إلى ربِّك يومئذٍ المساقُ } فيه وجهان :

أحدهما : المنطلق ، قاله خارجة .

الثاني : المستقر ، قاله مقاتل .

٣١

{ فلا صَدَّقَ ولا صَلَّى } هذا في أبي جهل ، وفيه وجهان :

أحدهما : فلا صدّق بكتاب اللّه ولا صلّى للّه ، قاله قتادة .

الثاني : فلا صدّق بالرسالة ولا آمن بالمرسل ، وهو معنى قول الكلبي .

ويحتمل ثالثاً : فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه .

٣٢

{ ولكن كَذَّبَ وتَوَلَّى } فيه وجهان :

أحدهما : كذب الرسول وتولى عن المرسل .

الثاني : كذب بالقرآن وتولى عن الطاعة .

٣٣

{ ثم ذَهَبَ إلى أَهْلِه يَتَمَطَّى } يعني أبا جهل ، وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها : يختال في نفسه ، قاله ابن عباس .

الثاني : يتبختر في مشيته ، قال زيد بن أسلم وهي مشية بني مخزوم .

الثالث : أن يلوي مطاه ، والمطا : الظهر ، وجاء النهي عن مشية المطيطاء وذلك أن الرجل يلقي يديه مع الكفين في مشيه .

٣٤

{ أوْلَى لك فأوْلَى

٣٥

 ثم أوْلَى لك فأوْلَى } حكى الكلبي ومقاتل : أن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) لقي أبا جهل ببطحاء مكة وهو يتبختر في مشيته ، فدفع في صدره وهمزه بيده وقال :

{ أوْلى لك فأولى } فقال أبو جهل :

إليك عني أوعدني يا ابن أبي كبشة ما تستطيع أنت ولا ربك الذي أرسلك شيئاً ، فنزلت هذه الآية .

وفيه وجهان :

أحدهما : وليك الشر ، قال قتادة ، وهذا وعيد على وعيد .

الثاني : ويل لك ، قالت الخنساء : هَممْتُ بنفسي بعض الهموم

فأوْلى لنَفْسيَ أوْلَى لها .

سأحْمِلُ نَفْسي على آلةٍ فإمّا عليها وإمّا لها .

الآلة : الحالة ، والآلة : السرير أيضاً الذي يحمل عليه الموتى .

٣٦

{ أيَحْسَبُ الإنسانُ أنْ يُتْرَك سُدىً } فيه أربعة أوجه :

أحدها : فهل لا يفترض عليه عمل ، قاله ابن زيد .

الثاني : يظن ألا يبعث ، قاله السدي .

الثالث : ملغى لا يؤمر ولا ينهى ، قاله مجاهد .

الرابع : عبث لا يحاسب ولا يعاقب ، قال الشاعر :

فأُقسِم باللّه جهدَ اليمين

ما ترك اللّه شيئاً سُدى

٣٧

{ ألمْ يكُ نُطْفةً مِنْ مَنيٍّ يُمْنَى } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن معنى يُمنى يراق ، ولذلك سميت منى لإراقة الدماء فيها .

الثاني : بمعنى ينشأ ويخلق ، ومنه قول يزيد بن عامر :

فاسلك طريقك تمشي غير مختشعٍ

حتى تلاقيَ ما يُمني لك الماني .

الثالث : أنه بمعنى يشترك أي اشتراك ماء الرجل بماء المرأة .

٣٨

{ ثم كان عَلَقَةً } يعني أنه كان بعد النطفة علقة .

{ فخَلَقَ فسوَّى } يحتمل وجهين .

أحدهما : خلق من الأرحام قبل الولادة وسوي بعدها عند استكمال القوة وتمام الحركة .

الثاني : خلق الأجسام وسواها للأفعال ، فجعل لكل جارحة عملاً ، واللّه أعلم .

٣٩

فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣٩)

٤٠

أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (٤٠)

﴿ ٠