سورة الانفطارمكية في قول الجميع بسم اللّه الرحمن الرحيم ١إذا السماء انفطرت قوله تعالى : { إذا السماءُ انْفَطَرتْ } فيه وجهان : أحدهما : انشقت . الثاني : سقطت ، قال الشاعر : كانوا سعوداً سماءَ الناس فانفطرت فأصبح الشمل لم ترفع له عُمُد ٢{ وإذا البحار فُجِّرَتْ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يبست ، قاله الحسن . الثاني : خلطت فصارت بحراً واحداً ، وهذا معنى قول ابن عباس ، قال : وهو سبعة أبحر فتصير بحراً واحداً . الثالث : فجر عذبها في مالحها : ومالحها في عذبها ، قاله قتادة . ويحتمل رابعاً : أي فاضت . ٣وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣) ٤{ وإذا القبور بُعْثِرتْ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : بحثت وثوّرت ، قاله ابن عباس وعكرمة ، وقال الفراء : فيخرج ما في بطنها من الذهب والفضة ، وذلك من أشراط الساعة أن تخرج الأرض ذهبها وفضتها ثم تخرج الموتى . الثاني : حركت للبعث ، قاله السدي . الثالث : بعث من فيها من الأموات ، قاله قتادة . ٥{ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قدَّمَتْ وأَخرَتْ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : ما عملت وما تركت ، قاله أبو رزين . الثاني : ما قدمت من طاعة ، وأخرت من حق اللّه ، قاله ابن عباس . الثالث : ما قدمت من الصدقات وما أخرت من الميراث . ويحتمل ما قدمت من معصية وأخرت من طاعة ، لأنه خارج مخرج الوعيد ، وهذا جواب { إذا السماء انفطرت } لأنه خبر ، وجعلها الحسن قَسَماً وقعت على قوله { علمت نفس } الآية . والأظهر ما عليه الجماعة من أنه خبر وليس بقسم . ٦{ يا أيها الإنسان ما غّرَّك بربِّكَ الكريم } في الإنسان ها هنا ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه إشارة إلى كل كافر . الثاني : أنه أبي بن خلف ، قاله عكرمة . الثاث : أنه أبو الأشد بن كلدة بن أسد الجمحي ، قاله ابن عباس . وفي الذي غرَّه قولان : أحدهما : عدوه الشيطان ، قاله قتادة . الثاني : جهله ، وهو قول عمر بن الخطاب . ويحتمل قولاً ثالثاً : إنه إمهاله . { الكريم } الذي يتجاوز ويصفح ، وروى الحسن أن عمر بن الخطاب لما قرأ { يا أيها الإنسان } . . . . . الآية ، قال : حمقه وجهله . ٧{ الذي خَلَقَك فسَوَّاك فَعدَلك } يحتمل ثلاثة أوجه : أحدها : فسوى خلقك وعدل خلقتك . الثاني : فسوَّى أعضاءك بحسب الحاجة وعدلها في المماثلة لا تفضل يد على يد ، ولا رجل على رجل . الثالث : فسواك إنساناً كريماً وعدل بك عن أن يجعلك حيواناً بهيماً . قال أصحاب الخواطر : سوّاك بالعقل وعدلك بالإيمان . ٨{ في أَيِّ صورَةٍ ما شاءَ رَكّبَكَ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : ما شاء ركبك من شبه أم أو أب أو خال أو عم ، قاله مجاهد . الثاني : من حسن أو قبح أو طول أو قصر أو ذكر أو أنثى ، قاله ابن عيسى . الثالث : في أي صورة من صور الخلق ركبك حتى صرت على صورتك التي أنت عليها أيها الإنسان لا يشبهك شيء من الحيوان . وروى موسى بن علي بن رباح اللخمي عن أبيه عن جده أن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قال لجده : ما ولِدَ لك ؟ قال : يا رسول اللّه وما عسى أن يولد لي إما غلام وإما جارية ، قال رسول اللّه : ومن عسى أن يشبه ؟ قال : إما أباه وإما أمه ، فقال عليه السلام عندها : مه لا تقولن هكذا ، إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها اللّه كل نسب بينها وبين آدم أما قرأت في كتاب اللّه : في أي صورة ما شاء ركبك . ٩{ كلاّ بَلْ تُكّذِّبونَ بالدِّين } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : بالحساب والجزاء ، قاله ابن عباس . الثاني : بالعدل و القضاء ، قاله عكرمة . الثالث : بالدين الذي جاء به محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، حكاه ابن عيسى . ١٠{ وإنَّ عليكم لحافِظِينَ } يعني الملائكة ، يحفظ كلَّ إنسان ملكان ، أحدهما عن يمينه يكتب الخير ، والآخر عن شماله يكتب الشر . ١١{ كِراماً كاتِبينَ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : كراماً على اللّه ، قاله يحيى بن سلام . الثاني : كراماً بالإيمان ، قاله السدي . الثالث : لأنهم لا يفارقون ابن آدم إلا في موطنين عند الغائط وعند الجماع يعرضان عنه ويكتبان ما تكلم به ، فلذلك كره الكلام عند الغائط والجماع . ويحتمل رابعاً : كراماً لأداء الأمانة فيما يكتبونه من عمله فلا يزيدون فيه ولا ينقصون منه . ١٢يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢) ١٣وفي قوله تعالى : { إنّ الأبرارَ لفي نَعيم ١٤وإن الفُجّارَ لقي جَحيمٍ } قولان : أحدهما : في الآخرة فيكون نعيم الأبرار في الجنة بالثواب ، وجحيم الفجار في النار بالعقاب . والقول الثاني : أنه في الدنيا ، فعلى هذا فيه أربعة أوجه ذكرها أصحاب الخواطر . أحدها : النعيم القناعة ، والجحيم الطمع . الثاني : النعيم التوكل ، والجحيم الحرص . الثالث : النعيم الرضا بالقضاء ، والجحيم السخط فيما قدر وقضى . الرابع : النعيم بالطاعة ، والجحيم بالمعيصية . ١٥يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥) ١٦{ وما هُمْ عنها بغائبين } فيه وجهان : أحدهما : عن القيامة تحقيق للبعث فعلى هذا يجوز أن يكون هذا الخطاب متوجهاً إلى الأبرار والفجار جميعاً . الثاني : عن النار ، ويكون الخطاب متوجهاً إلى الفجار دون الأبرار ، والمراد بأنهم لا يغيبون عنها أمران : أحدهما : تحقيق الوعيد . الثاني : تخليد الفجار . ١٧{ وما أدْراك ما يومُ الدِّين ١٨ثُمَّ ما أدْراكَ ما يومُ الدِّين } يعني يوم الجزاء ، وهو يوم القيامة ، وفي تكراره وجهان : أحدهما : تفخيماً لشأنه وتعظيماً لأمره . الوجه الثاني : أن الأول خطاب للفجار والثاني خطاب للأبرار ترغيباً . ١٩{ يومَ لا تَمْلِك نفسٌ لنَفْسٍ شيئاً } يعني لا يملك مخلوق لمخلوق نفعاً ولا ضراً . { والأمر يومئذٍ للّه } فيه وجهان : أحدهما : في الجزاء بالثواب والعقاب . الثاني : في العقوبة والانتقام . |
﴿ ٠ ﴾