سورة البروجبسم اللّه الرحمن الرحيم ١والسماء ذات البروج قوله تعالى { والسماءِ ذاتِ البُروجِ } هذا قَسَمٌ ، وفي البروج أربعة أقاويل : أحدها : ذات النجوم ، قاله الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك . الثاني : ذات القصور ، قاله ابن عباس . الثالث : ذات الخلْق الحسن ، قاله المنهال بن عمرو . الرابع : ذات المنازل ، قاله يحيى بن سلام وهي اثنا عشر برجاً رصدتها العرب والعجم ، وهي منازل الشمس والقمر . ٢{ واليومِ الموْعُودِ } روى أبو هريرة عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أنه يوم القيامة ، وسمي بذلك لأنهم وعدوا فيه بالجزاء بعد البعث . ٣{ وشاهدٍ ومَشْهودٍ } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أن الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة ، روى ذلك أبو عرفة ، روى ذلك أبو هريرة عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) . الثاني : أن الشاهد يوم النحر ، والمشهود يوم عرفة ، قاله إبراهيم . الثالث : أن الشاهد الملائكة ، والمشهود الإنسان ، قاله سهل بن عبد اللّه . الرابع : أن الشاهد الجوارح ، والمشهود النفس ، وهو محتمل . الخامس : أن المشهود يوم القيامة . وفي الشاهد على هذا التأويل خمسة أقاويل : أحدها : هو اللّه تعالى ، حكاه ابن عيسى . الثاني : هو آدم عليه السلام ، قاله مجاهد . الثالث : هو عيسى ابن مريم ، رواه ابن أبي نجيح . الرابع : هو محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، قاله الحسن بن علي وابن عمر وابن الزبير ، ل قوله تعالى : { فكيفَ إذا جِئْنا من كلِّ أمَّةٍ بشهيد وجئْنَا بِك على هؤلاءِ شَهيداً } . الخامس : هو الإنسان ، قاله ابن عباس . ٤{ قُتِل أصحابُ الأُخْدُودِ } قال الفراء : هذا جواب القسم ، وقال غيره : الجواب { إنّ بَطْشَ ربِّكَ لَشديدٌ } والأخدود : الشق العظيم في الأرض ، وجمعه أخاديد ، ومنه الخد لمجاري الدموع فيه ، والمخدّة لأن الخد يوضع عليها ، وهي حفائر شقت في الأرض وأوقدت ناراً وألقي فيها مؤمنون امتنعوا من الكفر . واختلف فيهم ، فقال عليّ : إنهم من الحبشة ، وقال مجاهد : كانوا من أهل نجران ، وقال عكرمة كانوا نبطاً ، وقال ابن عباس : كانوا من بني إسرائيل ، وقال عطية العوفي : هم دانيال وأصحابه ، وقال الحسن : هم قوم من أهل اليمن ، وقال عبد الرحمن بن الزبير : هم قوم من النصارى كانوا بالقسطنطينية زمان قسطنطين ، وقال الضحاك : هم قوم من النصارى كانوا باليمن قبل مبعث رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) بأربعين سنة ، أخذهم يوسف بن شراحيل بن تُبَّع الحميري وكانوا نيفاً وثمانين رجلاً ، وحفر لهم أخدوداً أحرقهم فيه ، وقال السدي : الأخدود ثلاثة : واحد بالشام وواحد بالعراق ، وواحد باليمن . وفي قوله : { قُتِل أصحابُ الأُخْدُودِ } وجهان : أحدهما : أُهلك المؤمنون . الثاني : لُعن الكافرون الفاعلون ، وقيل إن النار صعدت إليهم وهم شهود عليها فأحرقتهم ، فلذلك قوله تعالى : { فلهُم عذابُ جهنَّمَ ولهْم عذابُ الحريق } يعني في الدنيا . ٥النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) ٦إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) ٧{ وهُمْ على ما يَفْعلونَ بالمؤمنينَ شُهودٌ } فيه وجهان : أحدهما : أن أصحاب الأخدود هم على عذاب المؤمنين فيها شهود ، وهو ظاهر من قول قتادة . الثاني : أنهم شهود على المؤمنين بالضلال ، قاله مقاتل . ٨وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) ٩اَلَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) ١٠إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (١٠) ١١إن الذين آمنوا . . . . . { إنه هو يُبْدِىءُ ويُعيدُ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : يحيى ويميت ، قاله ابن زيد . الثاني : يميت ثم يحيى ، قاله السدي . الثالث : يخلق ثم يبعث ، قاله يحيى بن سلام . الرابع : يبدىء العذاب ويعيده ، قاله ابن عباس . ويحتمل خامساً : يبدىء ما كلف من أوامره ونواهيه ، ويعيد ما جزى عليه من ثواب وعقاب . ١٢إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) ١٣إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) ١٤{ وهو الغَفورٌ الوَدُودُ } في الغفور وجهان : أحدهما : الساتر للعيوب . الثاني : العافي عن الذنوب . وفي الودود وجهان : أحدهما : المحب . الثاني : الرحيم . وفيه ثالث : حكاه المبرد عن اسماعيل بن إسحاق القاضي أن الودود هو الذي لا ولد له ، وأنشد قول الشاعر : وأرْكبُ في الرّوْع عُريانةً ذلول الجناح لقاحاً وَدُوداً أي لا ولد لها تحن إليه ، ويكون معنى الآية أنه يغفر لعباده ، وليس ولد يغفر لهم من أجله ، ليكون بالمغفرة متفضلاً من غير جزاء . ١٥{ ذو العَرْشِ المجيدُ } فيه وجهان : أحدهما : الكريم ، قاله ابن عباس . الثاني : العالي ، ومنه المجد لعلوه وشرفه . ثم فيه وجهان : أحدهما : أنه من صفات اللّه تعالى ، وهو قول من قرأ بالرفع . الثاني : أنه من صفة العرش ، وهو قول من قرأ بالكسر . ويحتمل إن كان صفة للعرش وجهاً ثالثاً : أنه المحكم . ١٦فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦) ١٧هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) ١٨فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) ١٩بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) ٢٠وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) ٢١{ بل هو قُرآنٌ مَجِيْدٌ ٢٢في لَوْحٍ مَّحفوظٍ } فيه وجهان : أحدهما : أن اللوح هو المحفوظ عند اللّه تعالى ، وهو تأويل من قرأ بالخفض . الثاني : أن القرآن هو المحفوظ ، وهو تأويل من قرأ بالرفع وفيما هو محفوظ منه وجهان : أحدهما : من الشياطين . الثاني : من التغيير والتبديل . وقال بعض المفسرين : إن اللوح شيء يلوح للملائكة فيقرؤونه . |
﴿ ٠ ﴾