٣{ عامِلةٌ نَّاصِبَةٌ } في { عاملة } وجهان : أحدهما : في الدنيا عاملة بالمعاصي ، قاله عكرمة . الثاني : أنها تكبرت في الدنيا عن طاعة اللّه تعالى ، فأعملها في النار بالانتقال من عذاب إلى عذاب ، قاله قتادة . ويحتمل وجهاً ثالثاً : أي باذلة للعمل بطاعته إن ردّت . وفي قوله { ناصبة } وجهان : أحدهما : ناصبة في أعمال المعاصي . الثاني : ناصبة في النار ، قاله قتادة . ويحتمل وجهاً ثالثاً : أي ناصبة بين يديه تعالى مستجيرة بعفوه . { تَصْلَى ناراً حاميةً } فإن قيل فما معنى صفتها بالحماء وهي لا تكون إلا حامية وهو أقل أحوالها ، فما وجه المبالغة بهذه الصفة الناقصة ؟ قيل قد اختلف في المراد بالحامية ها هنا على أربعة أوجه : أحدها : أن المراد بذلك أنها دائمة الحمى وليست كنار الدنيا التي ينقطع حميها بانطفائها . الثاني : أن المراد بالحامية أنها حمى يمنع من ارتكاب المحظورات وانتهاك المحارم ، كما قال النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { وإن لكل ملك حمى ، وإن حمى اللّه محارمه ، ومن يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه } . الثالث : معناه أنها تحمي نفسها عن أن تطاق ملامستها أو ترام مماستها كما يحي الأسد عرينه ، ومثله قول النابغة : تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الحامي . الرابع : أنها حامية مما غيظ وغضب ، مبالغة في شدة الانتقام ، وقد بيّن اللّه ذلك بقوله { تكاد تميّز من الغيظ } . |
﴿ ٣ ﴾