سورة الشمس

مكية عند جميعهم

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

والشمس وضحاها

مكية عند جميعهم

قوله تعالى { والشّمْسِ وضُحاها } هذان قسمان :

قَسَمٌ بالشمس ، وقَسَم بضحاها ، وفي ضحاها أربعة أوجه :

أحدها : هو إشراقها ، قاله مجاهد .

الثاني : هو إنبساطها ، قاله اليزيدي .

الثالث : حرها ، قاله السدي .

الرابع : هذا النهار ، قاله قتادة .

ويحتمل خامساً : أنه ما ظهر بها من كل مخلوق ، فيكون القسم بها وبالمخلوقات كلها .

٢

{ والقَمَرِ إذا تَلاها } ففيه وجهان :

أحدهما : إذا ساواها ، قاله مجاهد .

الثاني : إذا تبعها ، قاله ابن عباس .

وفي اتباعه لها ثلاثة أوجه :

أحدها : أول ليلة من الشهر إذا سقطت الشمس يرى القمر عند سقوطها ، قاله قتادة .

الثاني : الخامس عشر من الشهر يطلع القمر مع غروب الشمس ، قاله الطبري .

الثالث : في الشهر كله فهو في النصف الأول يتلوها ، وتكون أمامه وهو وراءها ، وإذا كان في النصف الأخير كان هو أمامها وهي وراءه ، قاله ابن زيد .

ويحتمل رابعاً : أنه خلفها في الليل ، فكان له مثل ما لها في النهار لأن تأثير كل واحد منهما في زمانه ، فللشمس النهار . وللقمر الليل .

٣

{ والنّهارِ إذا جَلاَها } فيه وجهان :

أحدهما : أضاءها ، يعني الشمس لأن ضوءها بالنهار يجلي ظلمة الليل ، قاله مجاهد .

الثاني : أظهرها ، لأن ظهور الشمس بالنهار ، ومنه قول قيس بن الخطيم :

تجلب لنا كالشمس بين غمامةٍ

بدا حاجبٌ منها وضنّتْ بحاجب

ويحتمل ثالثاً : أن النهار جلّى ما في الأرض من حيوانها حتى ظهر لاستتاره ليلاً وانتشاره نهاراً .

٤

{ والليل إذا يَغْشاها } فيه وجهان :

أحدهما : أظلمها ، يعني الشمس ، وهو مقتضى قول مجاهد .

الثاني : يسترها ، ومنه قول الخنساء :

أرْعَى النجومَ وما كُلِّفْتُ رِعْيَتَها

وتارةً أتغشى فَضْلَ أطْماري

٥

{ والسّماءِ وما بَناها } فيه وجهان :

أحدهما : والسماء وبنائها ، قاله قتادة .

الثاني : معناه ومن بناها وهو اللّه تعالى ، قاله مجاهد والحسن .

ويحتمل ثالثاً : والسماء وما في بنائها ، يعني من الملائكة والنجوم ، فيكون هذا

قسَماً بما في السماءِ ، ويكون ما تقدمه قسَماً بما في الأرض .

٦

{ والأرْضِ وما طَحَاهَا } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : معناه بَسطها ، قاله سفيان وأبو صالح .

الثاني : معناه قسَمها ، قاله ابن عباس .

الثالث : يعني ما خلق فيها ، قاله عطية العوفي ، ويكون طحاها بمعنى خلقها ، قال الشاعر :

وما تَدري جذيمةُ مَنْ طحاها

ولا من ساكنُ العَرْشِ الرّفيع

ويحتمل رابعاً : أنه ما خرج منها من نبات وعيون وكنوز ، لأنه حياة لما خلق عليها .

٧

{ ونَفْسٍ وما سَوَّاها } في النفس قولان :

أحدهما : آدم ، ومن سواها : اللّه تعالى ، قاله الحسن .

الثاني : أنها كل نفس .

وفي معنى سواها على هذا القول وجهان :

أحدهما : سوى بينهم في الصحة ، وسوى بينهم في العذاب جميعاً ، قاله ابن جريج . الثاني : سوى خلقها وعدل خلقها ، قاله مجاهد .

ويحتمل ثالثاً : سوّاها بالعقل الذي فضّلها به على جميع الحيوانات .

٨

{ فأَلْهَمَهَا فجُورَها وتَقْواها } في { ألهمها } تأويلان :

أحدهما : أعلمها ، قاله مجاهد .

الثاني : ألزمها ، قاله ابن جبير .

وفي { فجورها وتقواها } ثلاثة تأويلات :

أحدها : الشقاء والسعادة ، قاله مجاهد .

الثاني : الشر والخير ، قاله ابن عباس .

الثالث : الطاعة والمعصية ، قاله الضحاك .

ويحتمل رابعاً : الرهبة والرغبة لأنهما داعيا الفجور والتقوى .

وروى جوبير عن الضحاك عن ابن عباس أن النبي عليه السلام كان إذا قرأ هذه الآية { فألهمها فجورها وتقواها } رفع صوته : اللّهم آتِ نفسي تقواها ، أنت وليها ومولاها ، وأنت خير من زكّاها .

٩

{ قد أفْلَحَ مَن زكّاها } على هذا وقع القسم ، قال ابن عباس : فيها أحد عشر قسماً .

وفيه وجهان : أحدهما : قد افلح من زكى اللّه نفسه بطاعة اللّه وصالح الأعمال .

الثاني : قد أفلح من زكى نفسه بطاعة اللّه وصالح الأعمال .

وفي زكاها وجهان :

أحدهما : طهّرها ، وهو قول مجاهد .

الثاني : أصلحها ، وهو قول سعيد بن جبير .

١٠

{ وقد خابَ من دَسّاها } فيه وجهان :

أحدهما : على ما قضى وقد خاب من دسّى اللّه نفسه .

الثاني : من دسّى نفسه .

وفي { دسّاها } سبعة تأويلات :

أحدها : أغواها وأضلها ، قاله مجاهد وسعيد بن جبير ، لأنه دسّى نفسه في المعاصي ، ومنه قول الشاعر :

وأنت الذي دَسْيت عَمْراً فأصْبَحَتْ

حلائلهم فيهم أراملَ ضُيّعاً

الثاني : إثمنها وفجورها ، قاله قتادة .

الثالث : خسرها ، قاله عكرمة .

الرابع : كذبها ، قاله ابن عباس .

الخامس : أشقاها ، قاله ابن سلام .

السادس : جنبها في الخير ، وهذا قول الضحاك .

السابع : أخفاها وأخملها بالبخل ، حكاه ابن عيسى .

١١

كذبت ثمود بطغواها

{ كذّبَتْ ثمودُ بِطَغْواها } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : بطغيانها ومعصيتها ، قاله مجاهد وقتادة .

الثاني : بأجمعها ، قاله محمد بن كعب .

الثالث : بعذابها ، قاله ابن عباس .

قالوا كان اسم العذاب الذي جاءها الطّغوى .

{ فدمْدم عليهم ربهم بذَنْبِهم } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : معناه فغضب عليهم .

الثاني : معناه فأطبق عليهم .

الثالث : معناه فدمّر عليهم ، وهو مثل دمدم ، كلمة بالحبشية نطقت بها العرب .

{ فسوّاها } فيه وجهان :

أحدهما : فسوى بينهم في الهلاك ، قاله السدي ويحيى بن سلام .

الثاني : فسوّى بهم الأرض ، ذكره ابن شجرة .

ويحتمل ثالثاً : فسوّى مَن بعدهم مِنَ الأمم .

{ ولا يخافُ عُقباها } فيه وجهان :

أحدهما : ولا يخاف اللّه عقبى ما صنع بهم من الهلاك ، قاله ابن عباس .

الثاني : لا يخاف الذي عقرها عقبى ما صنع من عقرها ، قاله الحسن .

ويحتمل ثالثاً : ولا يخاف صالح عقبى عقرها ، لأنه قد أنذرهم ونجاه اللّه تعالى حين أهلكهم .

﴿ ٠