سورة القدر

مكية في قول الأكثرين ، ومدنية في قول الضحاك ، وذكر الواقدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة .

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر } فيه وجهان :

أحدهما : يعني جبريل ، أنزله اللّه في ليلة القدر بما نزل به من الوحي

الثاني : يعني القرآن ؛ وفيه قولان :

أحدهما : ما روى ابن عباس قال : نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر في ليلة مباركة جملة واحدة من عند اللّه تعالى في اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمته السفرة على جبريل في عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) في عشرين سنة ، وكان ينزل على مواقع النجوم أرسالاً في الشهور والأيام .

القول الثاني : أن اللّه تعالى ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر ، قاله الشعبي .

واختلف في ليلة القدر مع اتفاقهم أنها في العشر الأواخر من رمضان ، وأنها في وتر العشر أوجد ، إلا ابن عمر فإنه زعم أنها في الشهر كله .

فذهب الشافعي رحمه اللّه إلى أنها في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين لحديث أبي سعيد الخدري ، وذهب أبيّ بن كعب وابن عباس إلى أنها في ليلة سبع وعشرين .

واختلف في الدليل ، فاستدل أبيّ بأن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) قال : { من علامتها أن تصبح الشمس لا شعاع لها ، } قال : وقد رأيت ذلك في صبيحة سبع وعشرين ، واستدل ابن عباس بأن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قال : سورة القدر ثلاثون كلمة فهي في قوله { سلام } و { هي } الكلمة السابعة والعشرون ، فدل أنها فيها .

وقال آخرون : هي في ليلة أربع وعشرين للخبر المروي في تنزيل الصحف ، وقال آخرون : إن اللّه تعالى ينقلها في كل عام من ليلة إلى أخرى ليكون الناس في جميع العشر مجتهدين ، ولرؤيتها متوقعين .

وفي تسميتها ليلة القدر أربعة أوجه :

أحدها : لأن اللّه تعالى قدر فيها إنزال القرآن .

الثاني : لأن اللّه تعالى يقدر فيها أمور السنة ، أي يقضيها ، وهو معنى قول مجاهد .

الثالث : لعظم قدرها وجلالة خطرها ، من قولهم رجل له قدر ، ذكره ابن عيسى .

الرابع : لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً وثواباً جزيلاً .

﴿ ١