سورة البينةمكية في قول يحيى بن سلام ، وعند الجمهور مدنية وهو الصواب . بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى { لم يَكُنِ الّذِينَ كَفَروا مِنْ أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكينَ مُنفَكِّينَ } معناه لم يكن الذين كفروا من اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب ، ولم يكن المشركون الذين هم عبدة الأوثان من العرب ، وغيرهم الذين ليس لهم كتاب . . { منفكين } فيه أربعة تأويلات : أحدها : لم يكونوا منتهين عن الشرك { حتى تأتيهم البَيِّنَةُ } حتى يتبين لهم الحق . وهذا قول ثان : لم يزالوا مقيمين على الشرك والريبة حتى تأتيهم البينة ، يعنى الرسل ، قاله الربيع . الثالث : لم يفترقوا ولم يختلفوا أن اللّه سيبعث إليهم رسولاً حتى بعث اللّه محمداً ( صلى اللّه عليه وسلم ) وتفرقوا ، فمنهم من آمن بربه ، ومنهم من كفر ، قاله ابن عيسى . الرابع : لم يكونوا ليتركوا منفكين من حجج اللّه تعالى ، حتى تأتيهم البينة التي تقوم بها عليهم الحجة ، قال امرؤ القيس : إذا قُلْتُ أَنْفَكَّ مِن حُبّها أبى عالقُ الحُبِّ إلا لُزوما وفي { البيّنة } ها هنا ثلاثة أوجه : أحدها : القرآن ، قاله قتادة . الثاني : الرسول الذي بانت فيه دلائل النبوة . الثالث : بيان الحق وظهور الحجج . وفي قراءة أبيّ بن كعب : ما كان الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ، وفي قراءة ابن مسعود : لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين . ٢{ رسولٌ مِن اللّه } يعني محمداً . { يَتْلُواْ صُحُفاً مُطَهّرَةً } يعني القرآن . ويحتمل ثانياً : يتعقب بنبوته نزول الصحف المطهرة على الأنبياء قبله . وفي { مطهرة } وجهان : أحدهما : من الشرك ، قاله عكرمة . الثاني : مطهرة الحكم بحسن الذكر والثناء ، قاله قتادة . ويحتمل ثالثاً : لنزولها من عند اللّه . ٣{ فيها كُتُبٌ قَيِّمةٌ } فيه وجهان : أحدهما : يعني كتب اللّه المستقيمة التي جاء القرآن بذكرها ، وثبت فيه صدقها ، حكاه ابن عيسى . الثاني : يعني فروض اللّه العادلة ، قاله السدي . ٤{ وما تَفَرَّقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ } يعني اليهود والنصارى . { إلاّ مِن بَعْدِ ما جاءتْهم البْيِّنَةُ } فيه قولان : احدهما : القرآن ، قاله أبو العالية . الثاني : محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، قاله ابن شجرة . ويحتمل ثالثاً : البينة ما في كتبهم من صحة نبوته . ٥{ وما أُمِروا إلاّ ليَعْبُدوا اللّه مُخْلِصينَ له الدِّينَ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : مُقِرِّين له بالعبادة . الثاني : ناوين بقلوبهم وجه اللّه تعالى في عبادتهم . الثالث : إذا قال لا إله إلا اللّه أن يقول على أثرها { الحمد للّه } ، قاله ابن جرير . ويحتمل رابعاً : إلا ليخلصوا دينهم في الإقرار بنبوته . { حُنفاءَ } فيه ستة أوجه : أحدها : متبعين . الثاني : مستقيمين ، قاله محمد بن كعب . الثالث : مخلصين ، قاله خصيف . الرابع : مسلمين ، قاله الضحاك ، وقال الشاعر : أخليفة الرحمنِ إنا مَعْشرٌ حُنفاءُ نسجُدُ بُكرةً وأصيلاً الخامس : يعني حجّاجاً ، قاله ابن عباس ؛ وقال عطية العوفي : إذا اجتمع الحنيف والمسلم كان معنى الحنيف الحاج وإذا انفرد الحنيف كان معناه المسلم ، وقال سعيد بن جبير : لا تسمي العرب الحنيف إلا لمن حج واختتن . السادس : أنهم المؤمنون بالرسل كلهم ، قاله أبو قلابة . { ويُقيموا الصّلاةَ ويُؤْتُوا الزّكاةَ وذلكَ دينُ القَيِّمَةِ } وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : معناه وذلك دين الأمة المستقيمة . الثاني : وذلك دين القضاء القيم ، قاله ابن عباس . الثالث : وذلك الحساب المبين ، قاله مقاتل . ويحتمل رابعاً : وذلك دين من قام للّه بحقه . ٦إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴿٦﴾ ٧إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴿٧﴾ ٨جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴿٨﴾ |
﴿ ٠ ﴾