سورة القارعةمكية في قولهم جميعاً بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قول تعالى { القارِعَةُ ٢ما القارِعَةُ } فيه وجهان : أحدهما : أنها العذاب ، لأنها تقرع قلوب الناس بهولها . ويحتمل ثانياً : أنها الصيحة لقيام الساعة ، لأنها تقرع بشدائدها . وقد تسمى بالقارعة كل داهية ، كما قال تعالى : { ولا يزالُ الذِّين كفروا تُصيبُهم بما صَنَعوا قارعةٌ } " [ الرعد : ٣١ ] قال الشاعر : متى تُقْرَعْ بمرْوَتكم نَسُؤْكم ولم تُوقَدْ لنا في القدْرِ نارُ ٣{ ما القارعة } تعظيماً لها ، كما قال تعالى : { الحاقّة ما الحاقّة } . ٤{ يومَ يكونُ النّاسُ كالفَراشِ المبْثُوثِ } وفي الفراش قولان : أحدهما : أنه الهمج الطائر من بعوض وغيره ، ومنه الجراد ، قاله الفراء ، الثاني : أنه طير يتساقط في النار ليس ببعوض ولا ذباب ، قاله أبو عبيدة وقتادة . وفي { المبثوث } ثلاثة أوجه : أحدها : أنه المبسوط ، قاله الحسن . الثاني : المتفرق ، قاله أبو عبيدة . الثالث : أنه الذي يحول بعضه في بعض ، قاله الكلبي . وإنما شبه الناس الكفار يوم القيامة بالفراش المبثوث لأنهم يتهافتون في النار كتهافت الفراش . ٥{ وتكونُ الجبالُ كالعِهْنِ المنْفُوشِ } والعِهن : الصوف ذو الألوان في قول أبي عبيدة ، وقرأ ابن مسعود : { كالصوف } . وقال { كالْعِهْنِ المَنْفُوشِ } لخفته ، وضعفه ، فشبه به الجبال لخفتها ، وذهابها بعد شدَّتها وثباتها . ويحتمل أن يريد جبال النار تكون كالعهن لحمرتها وشدة لهبها ، لأن جبال الأرض تسير ثم تنسف حتى يدك بها الأرض دكّا . ٦{ فأمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُه } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه ميزان ذو كفتين توزن به الحسنات والسيئات ، قاله الحسن ، قال أبو بكر رضي اللّه عنه : وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلاً . الثاني : الميزان هو الحساب ، قاله مجاهد ، ولذلك قيل : اللسان وزن الإنسان ، وقال الشاعر : قد كنت قبل لقائكم ذا مِرّةٍ عندي لكل مُخاصِمٍ مِيزانُه أي كلام أعارضه به . الثالث : أن الموازين الحجج والدلائل ، قاله عبد العزيز بن يحيى ، واستشهد فيه بالشعر المتقدم . وفي الموازين وجهان : أحدهما : جمع ميزان . الثاني : أنه جمع موزون . ٧{ فهو في عِيشةٍ راضِيةٍ } فيه وجهان : أحدهما : يعني في عيشة مرضية ، قال قتادة : وهي الجنة . الثاني : في نعيم دائم ، قاله الضحاك ، فيكون على الوجه الأول من المعاش ، وعلى الوجه الثاني من العيش . ٨{ وأمّا مَنْ خَفّتْ مَوازِينُه ٩فأمُّهُ هاويةٌ } فيه وجهان : أحدهما : أن الهاوية جهنم ، سماها أُمَّا له لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أُمّه ، قاله ابن زيد ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت . فالأرضُ مَعْقِلُنا وكانتْ أُمّنا فيها مقابِرُنا وفيها نُولَدُ وسميت النار هاوية لأنه يهوي فيها مع بعد قعرها . الثاني : أنه أراد أُمّ رأسه يهوي عليها في نار جهنم ، قاله عكرمة . وقال الشاعر : يا عَمروُ لو نَالَتْك أَرْحامُنا كُنْتَ كَمن تَهْوِي به الهاوِيَة . ١٠وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ﴿١٠﴾ ١١نَارٌ حَامِيَةٌ ﴿١١﴾ |
﴿ ٠ ﴾