سورة التكاثربسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى : { ألْهاكُم التّكاثُرُ } في { ألهاكم } وجهان : أحدهما : شغلكم . الثاني : أنساكم ، ومعناه ألهاكم عن طاعة ربكم وشغلكم عن عبادة خالقكم . وفي { التكاثر } ثلاثة أقاويل : أحدها : التكاثر بالمال والأولاد ، قاله الحسن . الثاني : التفاخر بالعشائر والقبائل ، قاله قتادة . الثالث : التشاغل بالمعاش والتجارة ، قاله الضحاك . ٢{ حتى زُرْتُم المقابِرَ } فيه وجهان : أحدهما : حتى أتاكم الموت فصرتم في المقابر زوّاراً ترجعون منها كرجوع الزائر إلى منزله من جنة أو نار . الثاني : ما حكاه الكلبي وقتادة : أن حيّين من قريش ، بني عبد مناف وبني سهم ، كان بينهما ملاحاة فتعادّوا بالسادة والأشراف أيهم أكثر ، فقال بنو عبد مناف : نحن أكثر سيّداً وعزاً وعزيزاً وأعظم نفراً ، وقال بنو سهم مثل ذلك ، فكثرهم بنو عبد مناف ، فقال بنو سهم إن البغي أهلكنا في الجاهلية فعُدّوا الأحياء والأموات ، فعدّوهم فكثرتهم بنو سهم ، فأنزل اللّه تعالى { ألهاكم التكاثر } يعني بالعدد { حتى زرتم المقابر } أي حتى ذكرتم الأموات في المقابر . ٣{ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمونَ ٤ثم كلاّ سَوْفَ تَعلَمونَ } هذا وعيد وتهديد ، ويحتمل أن يكون تكراره على وجه التأكيد والتغليظ . ويحتمل أن يعدل به عن التأكيد فيكون فيه وجهان : أحدهما : كلا سوف تعلمون عند المعاينة أن ما دعوتكم إليه حق ، ثم كلا سوف تعلمون عند البعث أن ما وعدتكم صدق . الثاني : كلا سوف تعلمون عند النشور أنكم مبعوثون ، ثم كلا سوف تعلمون في القيامة أنكم معذَّبون . ٥{ كلاّ لو تَعْلَمون عِلْمَ اليَقِين } معناه لو تعلمون في الحياة قبل الموت من البعث والجزاء ما تعلمونه بعد الموت منه . { عِلْمَ اليقين } فيه وجهان : أحدهما : علم الموت الذي هو يقيني لا يعتريه شك ، قاله قتادة . الثاني : ما تعلمونه يقيناً بعد الموت من البعث والجزاء ، قاله ابن جريج . وفي { كَلاَّ } في هذه المواضع الثلاثة وجهان : أحدهما : أنها بمعنى { إلا } ، قاله أبو حاتم . الثاني : أنها بمعنى حقاً ، قاله الفراء . ٦{ لَتَروُنَّ الجَحيمَ } فيه وجهان : أحدهما : أن هذا خطاب للكفار الذين وجبت لهم النار . الثاني : أنه عام ، فالكافر هي له دار والمؤمن يمر على صراطها . روى زيد بن أسلم عن أبيه قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { يرفع الصراط وسط جهنم ، فناج مسلّم ، ومكدوس في نار جهنم } . ٧{ ثم لَتَروُنَّها عَيْنَ اليَقين } فيه وجهان : أحدهما : أن عين اليقين المشاهدة والعيان . الثاني : أنه بمعنى الحق اليقين ، قاله السدي . ويحتمل تكرار رؤيتها وجهين : أحدهما : أن الأول عند ورودها . والثاني : عند دخولها . ٨{ ثم لتُسْأَلُنَّ يومَئذٍ عن النَّعيمِ } فيه سبعة أقاويل : أحدها : الأمن والصحة ، قاله ابن مسعود ؛ وقال سعيد بن جبير : الصحة والفراغ ، للحديث . الثاني : الإدراك بحواس السمع والبصر ، قاله ابن عباس . الثالث : ملاذّ المأكول والمشروب ، قاله جابر بن عبد اللّه الأنصاري . الرابع : أنه الغداء والعشاء ، قاله الحسن . الخامس : هو ما أنعم اللّه عليكم بمحمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) ، قاله محمد بن كعب . السادس : عن تخفيف الشرائع وتيسير القرآن ، قاله الحسن أيضاً والمفضل . السابع : ما رواه زيد بن أسلم عن أبيه قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) : { ثم لتسألن يومئذٍ عن النَعيم } عن شبع البطون وبارد الماء وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم ، وهذا السؤال يعم المؤمن والكافر ، إلا أن سؤال المؤمن تبشير بأن جمع له بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة ، وسؤال الكافر تقريع لأنه قابل نعيم الدنيا بالكفر والمعصية ، ويحتمل أن يكون ذلك تذكيراً بما أوتوه ، ليكون جزاء على ما قدموه . |
﴿ ٠ ﴾