سورة الهمزة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى { وَيْلٌ لكلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : أن الهمزة المغتاب ، واللمزة العيّاب ، قاله ابن عباس ، ومنه قول زياد الأعجم :

تُدْلي بوُدّي إذا لاقيتني كَذِباً

وإن أُغَيّبْ فأنْتَ الهامزُ اللُّمَزة

الثاني : أن الهمزة الذي يهمز الناس ، واللمزة الذي يلمزهم بلسانه ، قاله ابن زيد .

الثالث : أن الهمزة الذي يهمز في وجهه إذا أقبل ، واللمزة الذي يلمزه من خلفه إذا أدبر ، قاله أبو العالية ، ومنه قول حسان :

همزتك فاخْتَضَعْتَ بذُلَّ نفْسٍ

بقافيةٍ تأَجج كالشُّواظِ

الرابع : أن الهمزة الذي يعيب جهراً بيد أو لسان ، واللمزة الذي يعيبهم سراً بعين أو حاجب ، قاله عبد الملك بن هشام .

قال رؤبة :

في ظل عَصْرَيْ باطِلي وَلَمزِي

واختلفوا فيمن نزلت فيه على خمسة أقاويل :

أحدها : في أُبي بن خلف ، قاله عمار .

الثاني : في جميل بن عامر الجمحي ، قاله مجاهد .

الثالث : في الأخنس بن شريق الثقفي ، قاله السدي .

الرابع : في الوليد بن المغيرة ، قاله ابن جريج .

الخامس : أنها مرسلة على العموم من غير تخصيص ، وهو قول الأكثرين .

٢

{ الذي جَمَعَ مَالاً وعَدَّدَه } فيه اربعة أوجه :

أحدها : يعني أحصى عدده ، قاله السدي .

الثاني : عددّ أنواع ماله ، قاله مجاهد .

الثالث : لما يكفيه من الشين ، قاله عكرمة .

الرابع : اتخذ ماله لمن يرثه من أولاده .

ويحتمل خامساً : أنه فاخر بعدده وكثرته .

٣

{ يَحْسَبُ أَنّ مالَه أَخْلَدَهُ } فيه وجهان :

أحدهما : يزيد في عمره ، قال عكرمة .

الثاني : يمنعه من الموت ، قال السدي .

ويحتمل ثالثاً : ينفعه بعد موته .

٤

{ كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ في الحُطَمَةِ } وفيها ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه اسم باب من أبواب جهنم ، قاله ابن واقد ، وقال الكلبي هو الباب السادس .

الثاني : أنه اسم درك من أدراك جهنم ، وهو الدرك الرابع ، قاله الضحاك .

الثالث : أنه اسم من أسماء جهنم ، قاله ابن زيد .

وفي تسميتها بذلك وجهان :

أحدهما : لأنها تحطم ما أُلقي فيها ، أي تكسره وتهده ، ومنه قول الراجز :

إنا حَطْمنا بالقضيب مُصْعَبا

يومَ كَسَرنا أَنْفَه ليَغْضَبا

٥

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥)

٦

{ التي تَطّلِعُ على الأَفئدةِ } روى خالد بن أبي عمران عن النبي ( صلى اللّه عليه وسلم ) أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت ، ثم إذا صدروا تعود ، فذلك قوله

٧

{ نار اللّه الموقدة ، التي تطلع على الأفئدة } ويحتمل اطلاعها على الأفئدة وجهين :

أحدهما : لتحس بألم العذاب مع بقاء الحياة ببقائها .

الثاني : استدل بما في قلوبهم من آثار المعاصي وعقاب على قدر استحقاقهم لألم العذاب ، وذلك بما استبقاه اللّه تعالى من الإمارات الدالة عليه .

٨

{ إنَّها عليهم مْؤْصَدَةٌ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : مطبقة ، قاله الحسن والضحاك .

الثاني : مغلقة بلغة قريش ، يقولون آصد الباب إذا أغلقه ، قاله مجاهد ومنه قول عبيد اللّه بن قيس الرقيات : إن في القَصْر لو دَخَلنْا غَزالاً

مُصْفقاً مُوصَداً عليه الحجابُ

الثالث : مسدودة الجوانب لا ينفتح منها جانب ، قاله سعيد بن المسيب ، وقال مقاتل بن سليمان : لا يدخلها روْح ولا يخرج منها غم .

٩

{ في عَمَدٍ مُمَدَّدةٍ } فيه خمسة أوجه :

أحدها : أنها موصدة بعمد ممددة ، قاله ابن مسعود ، وهي في قراءته { بعَمَدٍ ممدّدة } .

الثاني : أنهم معذبون فيها بعُمد محددة ، قاله قتادة .

الثالث : أن العُمد الممدة الأغلال في أعناقهم ، قاله ابن عباس .

الرابع : أنها قيود في أرجلهم ، قاله أبو صالح .

الخامس : معناه في دهر ممدود ، قاله أبو فاطمة .

﴿ ٠