سورة الماعونمكية في قول عطاء وجابر ، ومدينة في قول ابن عباس وقتادة . بسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى { أرأيْتَ الذي يُكَذِّبُ بالدِّينِ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : يعني بالحساب ، قاله عكرمة ومجاهد . الثاني : بحكم اللّه تعالى ، قاله ابن عباس . الثالث : بالجزاء الثواب والعقاب . واختلف فيمن نزل هذا فيه على خمسة أوجه : أحدها : أنها نزلت في العاص بن وائل السهمي ، قاله الكلبي ومقاتل الثاني : في الوليد بن المغيرة ، قاله السدي . الثالث : في أبي جهل . الرابع : في عمرو بن عائذ ، قاله الضحاك . الخامس : في أبي سفيان وقد نحر جزوراً ، فأتاه يتيم ، فسأله منها ، فقرعه بعصا ، قاله ابن جريج . ٢{ فذلك الذي يَدُعُّ اليتيمَ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : بمعنى يحقر البيت ، قاله مجاهد . الثاني : يظلم اليتيم ، قاله السدي . الثالث : يدفع اليتيم دفعاً شديداً ، ومنه قوله تعالى : { يوم يُدَعُّونَ إلى نارِ جهنَّمَ دعّاً } أي يُدفعون إليها دفعاً وفي دفعه اليتيم وجهان : أحدهما : يدفعه عن حقه ويمنعه من ماله ظلماً له وطمعاً فيه ، قاله الضحاك . الثاني : يدفعه إبعاداً له وزجراً ، وقد قرىء { يَدَعُ اليَتيم } مخففة ، وتأويله على هذه القراءة يترك اليتيم فلا يراعيه اطراحاً له وإعراضاً عنه . ويحتمل على هذه القراءة تأويلاً ثالثاً : يدع اليتيم لاستخدامه وامتهانه قهراً واستطالة . ٣{ ولا يَحُضُّ على طعامِ المِسْكِينِ } أي لا يفعله ولا يأمر به ، وليس الذم عاماً حتى يتناول من تركه عجزاً ، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم يقولون { أنطعم من لو يشاءُ اللّه أطْعَمَهُ } فنزلت هذه الآية فيهم ، ويكون معنى الكلام لا يفعلونه إن قدروا ، ولا يحثون عليه إن عجزوا . ٤{ فَويْلٌ للمُصَلَّينَ } الآية ، وفي إطلاق هذا الذم إضمار ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه المنافق ، إن صلاها لوقتها لم يرج ثوابها ، وإن صلاها لغير وقتها لم يخش عقابها ، قاله الحسن . الثاني : أن إضماره ظاهر متصل به ، وهو ٥قوله تعالى : { الذين هم } الآية . وإتمام الآية في قوله : { فويل للمصلين } ما بعدها من قوله : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } إضماراً فيها وإن كان نطقاً ظاهراً . وليس السهو الذي يطرأ عليه في صلاته ولا يقدر على دفعه عن نفسه هو الذي ذم به ، لأنه عفو . وفي تأويل ما استحق به هذا الذم ستة أوجه : أحدها : أن معنى ساهون أي لاهون ، قاله مجاهد . الثاني : غافلون ، قاله قتادة . الثالث : أن لا يصلّيها سراً ويصليها علانية رياء للمؤمنين ، قاله الحسن الرابع : هو الذي يلتفت يمنة ويسرة وهواناً بصلاته ، قاله أبو العالية . الخامس : هو ألا يقرأ ولا يذكر اللّه ، قاله قطرب . السادس : هو ما روى مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : سألت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) عن { الذين هم عن صلاتهم ساهون } فقال : { هم الذين يؤخرون الصلاة عن مواقيتها } . ٦{ الذين هم يُراءونَ } فيه وجهان : أحدهما : المنافقون الذين يراءون بصلاتهم ، يصلّونها مع الناس إذا حضروا ، ولا يُصلّونها إذا غابوا ، قاله علي وابن عباس . الثاني : أنه عامّ في ذم كل من راءى لعمله ولم يقصد به إخلاصاً لوجه ربه . روي عن النبي صلى اللّه عيله وسلم أنه قال : { يقول اللّه تعالى : مَن عَمِل عملا لغيري فقد أشرك بي وأنا أغنى الشركاء عن الشرك } . ٧{ ويَمْنَعُونَ الماعونَ } فيه ثمانية تأويلات : أحدها : أن الماعون الزكاة ، قاله علي وابن عمر والحسن وعكرمة وقتادة ، قال الراعي : أخليفة الرحمن إنا مَعْشَرٌ حُنَفاءُ نسجُد بكرةً وأصيلاً . عَرَبٌ نرى للّه في أمْوالِنا حقَّ الزكاة مُنزّلا تنزيلاً قَوْمٌ على الإسلام لمّا يَمْنعوا ماعونَهم ويضَيِّعوا التهْليلا الثاني : أنه المعروف ، قاله محمد بن كعب . الثالث : أنه الطاعة ، قاله ابن عباس . الرابع : أنه المال بلسان قريش ، قاله سعيد بن المسيب والزهري . الخامس : أنه الماء إذا احتيج إليه ومنه الماء المعين وهو الجاري ، قال الأعشى : بأجود منا بماعونه إذا ما سماؤهم لم تغِم السادس : أنه ما يتعاوره الناس بينهم ، مثل الدلو والقدر والفاس ، قاله ابن عباس ، وقد روي مأثوراً . السابع : أنه منع الحق ، قاله عبد اللّه بن عمر . الثامن : أنه المستغل من منافع الأموال ، مأخوذ من المعنى وهو القليل ، قاله الطبري وابن عيسى . ويحتمل تاسعاً : أنه المعونة بما خف فعله وقل ثقله . |
﴿ ٠ ﴾