سورة الكافرون

مكية في قول ابن مسعود والحسن وعكرمة ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك .

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

{ قُل يا أيُّها الكافِرونَ } الآيات ، ذكر محمد بن إسحاق أن سبب نزولها أن الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب وأمية بن خلف لقوا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) فقالوا : يا محمد هلم فلتعبد ما نعبد . ونعبد ما تعبد ، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله ، فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا كنا قد كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما بيديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه ، فأنزل اللّه تعالى { قل يا أيها الكافرون } فصار حرف الأمر في هذه السورة وسورة الإخلاص والمعوذتين متلوّاً ، لأنها نزلت جواباً ، عنى بالكافرين قوماً معينين ، لا جميع الكافرين ، لأن منهم من آمن ، فعبد اللّه ، ومنهم من مات أو قتل على كفره ، وهم المخاطبون بهذا القول فمنهم المذكورون .

٢

{ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدونَ } يعني من الأوثان .

٣

{ ولا أنتم عابدون ما أَعْبُدُ } يعني اللّه تعالى وحده ، الآيات .

فإن قيل : ما فائدة هذا التكرار ؟

قيل : فيه وجهان : أحدهما : أن قوله في الأول { لا أعبد } و { لا تعبدون } يعني في الحال ، وقوله الثاني : يعني في المستقبل ، قاله الأخفش .

الثاني : أن الأول في قوله { لا أعبد } و { لا أنتم } الآية يعني في المستقبل ، والثاني : إخبار عنه وعنهم في الماضي ، فلم يكن ذلك تكراراً لاختلاف المقصود فيهما .

فإن قيل : فلم قال { ما أَعْبُدُ } ولم يقل { من أَعبُدُ } ؟

قيل : لأنه مقابل لقوله :

٤

{ ولا أنا عابد ما عَبَدْتُم } وهي أصنام وأوثان ، ولا يصلح فيها إلا { ما } دون { من } فحمل الثاني على الأول ليتقابل الكلام ولا يتنافى .

٥

{ لكم دِينكم ولي دينِ } فيه وجهان :

أحدهما : لكم دينكم الذي تعتقدونه من الكفر ، ولي ديني الذي أعتقده من الإسلام ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : لكم جزاء عملكم ، ولي جزاء عملي .

وهذا تهديد منه لهم ، ومعناه وكفى بجزاء عملي ثواباً ، قاله ابن عيسى

قال ابن عباس : ليس في القرآن سورة أشد لغيظ إبليس من هذه السورة ، لأنها توحيد وبراءة من الشرك .

﴿ ٠