٥

{ في جِيدِها حَبْل مِنْ مَسَدِ } جيدها : عنقها .

وفي { حبل من مسد } سبعة أقاويل :

أحدها : أنه سلسلة من حديد ، قاله عروة بن الزبير ، وهي التي قال اللّه تعالى فيها : { ذرعها سبعون ذراعاً } قال الحسن : سميت السلسلة مسداً لأنها ممسودة ، أي مفتولة .

الثاني : أنه حبل من ليف النخل ، قاله الشعبي ، ومن قول الشاعر :

أعوذ باللّه مِن لَيْل يُقرّبني

إلى مُضاجعةٍ كالدَّلْكِ بالمسَدِ .

الثالث : أنها قلادة من ودع ، على وجه التعيير لها ، قاله قتادة .

الرابع : أنه حبل ذو ألوان من أحمر وأصفر تتزين به في جيدها ، قاله الحسن ، ذكرت به على وجه التعيير أيضاً .

الخامس : أنها قلادة من جوهر فاخر ، قالت لأنفقنها في عداوة محمد ، ويكون ذلك عذاباً في جيدها يوم القيامة .

السادس : أنه إشارة إلى الخذلان ، يعني أنها مربوطة عن الإيمان بما سبق لها من الشقاء كالمربوطة في جيدها بحبل من مسد .

السابع : أنه لما حملت أوزار كفرها صارت كالحاملة لحطب نارها التي تصلى بها .

روى الوليد بن كثير عن ابن تدرس عن أسماء بنت أبي بكر أنه لما نزلت { تبت يدا } في أبي لهب وامرأته أم جميل أقبلت ولها ولولة وفي يدها قهر وهي تقول :

مُذَمَّماً عَصَيْنَا

وأَمْرَهُ أَبَيْنا

ودِينَه قَلَيْنا .

ورسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) في المسجد ، ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول اللّه قد أقبلت وإني أخاف أن تراك ، فقال : إنها لن تراني ، وقرأ قرآناً اعتصم به ، كما قال تعالى : { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً } فأقبلت على أبي بكر ، ولم تر رسول اللّه ، فقالت : يا أبا بكر إني أخبرت أن صاحبك هجاني ، فقال : لا ورب هذا البيت ، ما هجاك ، فولت فعثرت في مرطها ، فقالت : تعس مذمم ، وانصرفت .

﴿ ٥