التفسير المظهري محمد ثناء اللّه المظهري الحنفي النقشبندي ( ت ١٢٢٥ هـ ١٨١٠ م)
سُورَةُ الْفاَتِحَةِ الْكِتاَبِمَكِّيَّةٌ وَهِيَ سَبْعُ آياَتٍمكيّة و هي سبع آيات خمسة و عشرون كلمة مائة و ثلثة و عشرون حرفا ربّ يسّر و تمّم بالخير _________________________________ ١ بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فاتحة الكتاب و أم القران سميت بهما لانها اصل القران منها يبدا- و هى السبع المثاني لانها سبع آيات بالاتفاق و تثنى في الصلاة و قيل أنزلت مرتين- بمكة و المدينة- و الأصح انها مكية قبل سورة حجر- روى ابن جرير عن ابى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال هى أم القران و هى فاتحة الكتاب و هى السبع المثاني انتهى- و هى سورة الكنز روى إسحاق بن راهويه عن على رضى اللّه عنه قال حدثنا نبى اللّه صلى اللّه عليه و سلم انها أنزلت من كنز تحت العرش- و هى سورة الشفاء لما سنذكر في الفضائل انها شفاء من كل داء بِسْمِ أسقطت الالف لكثرة استعمالها و طولت الباء عوضا- قال البغوي قال عمر بن عبد العزيز طولوا الباء و اظهر و السين و دور و الميم تعظيما لكتاب اللّه عز و جل- و الاسم مشتق من السمو دون الوسم بدلالة سمى و سميت و المراد به المسمى او الاسم نفسه- و الباء للمصاحبة او الاستعانة او التبرك- و الاستعانة يكون بذكر اللّه متعلق بمقدر بعدها لما في قوله تعالى بسم اللّه مجريها- و ليتحقق الابتداء بالتسمية تحقيقا- روى عبد القادر الرهاوي في الأربعين عن ابى هريرة عنه صلى اللّه عليه و سلم كل امر ذى بال لم يبدأ فيه ببسم اللّه الرحمن الرحيم اقطع- يعنى بسم اللّه اقرأ اللّه قيل جامد- و الحق انه مشتق «١» من اللّه بمعنى المعبود حذفت الهمزة و عوضت عنها الالف و اللام لزوما و من أجل (١) الاولى ان يقال مأخوذ من اللّه بمعنى المعبود فان الحذف و التعويض لا يسمى اشتقاقا في عرفهم عليه السلام منه رحمه اللّه- الخطبة من الناشر التعويض «١» اللازم قيل يا اللّه- إذ لا معنى للاشتقاق إلا كون اللفظين شاركين في المعنى و التركيب- ثم جعل علما لذات الواجب الوجود المستجمع للكمالات المنزه عن الرذائل و لذا يوصف و لا يوصف به- و يقال للتوحيد لا اللّه الا اللّه و قد يطلق على الأصل فيقال و هو اللّه في السّموت و في الأرض الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) مشتقان من الرحمة بمعنى رقة القلب المقتضى للتفضل و الإحسان- و اسماء اللّه تعالى انما تؤخذ باعتبار الغايات دون المبادي فانها انفعالات- قيل هما للمبالغة بمعنى واحد- و الحق ان الرحمن ابلغ لزيادة البناء و لذا اختص باللّه دون الرحيم قال ابن عباس هما اسمان رقيقان أحدهما ارقّ من الاخر و الزيادة قد يعتبر بالكمية فيقال رحمن الدنيا و رحيم الاخرة فان الرحمة في الاخرة للمتقين و قد يعتبر بالكيفية فيقال رحمن الدنيا و الاخرة و رحيم الدنيا فان نعم الاخرة في الاخرة للمتقين و قد يعتبر بالكيفية فيقال رحمن الدنيا و الاخرة و رحيم الدنيا فان نعم الاخرة كلّها جليلة- و في الدنيا حقيرة و جليلة و قدّم الرحمن لاختصاصه باللّه كالاعلام و لتقدم عموم الرحمة فى الدنيا و هى مقدم بالزمان- ذهب قراء المدينة و البصرة و ابو حنيفة و غيره من فقهاء الكوفة الى انها ليست من الفاتحة و لا من غيرها من السور و الافتتاح بها للتيمن فقيل و ليست من القران- و الحق انها من القران أنزلت للفصل روى الحاكم و صححه على شرطهما عن ابن عباس قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يعرف فصل السورتين حتى ينزل بسم اللّه الرّحمن الرّحيم و رواه ابو داؤد مرسلا و قال و المرسل أصح و سئل محمد بن الحسن عنها فقال ما بين الدفتين كلام اللّه تعالى قلت و لو لم تكن من القران لما كتبوها في المصاحف مع المبالغة في تجريد القران كما لم يكتبوا أمين- و الدليل على انها ليست من الفاتحة ما رواه الشيخان عن انس قال صليت خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و خلف ابى بكر و خلف عمر فلم يجهر أحد منهم ببسم اللّه الرحمن الرحيم- و ما سنذكر من حديث ابى هريرة قسمت الصلاة بينى و بين عبدى نصفين في الفضائل و ما رواه احمد ان عبد اللّه بن مغفل قال سمعنى ابى و انا فى الصلاة اقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه ربّ العلمين فلما انصرف قال يا بنى إياك و الحدث فى الإسلام فانى صليت خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و ابى بكر و عمر و عثمان فكانوا لا يفتتحون القران ببسم اللّه الرحمن الرحيم و لم ار رجلا قط ابغض اليه الحدث منه- و رواه الترمذي فقال (١) مجرد التعويض لا يصلح علة لذلك و الا لا نتقض بالناس و نحوه فلا بد في تتميم الكلام من قيد اخر منه رحمه اللّه فيه صليت مع النبي صلى اللّه عليه و سلم و ابى بكر و عمر و عثمان و لم يسمع منهم أحد يقولها- و ذهب قراء مكة و الكوفة و اكثر فقهاء الحجاز الى انها من الفاتحة دون غيرها من السور و انما كتبت عليها للفصل لما روى الحاكم و قال اسناده صحيح عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قال هى أم القران و قال بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الاية السابعة قراها علىّ ابن عباس كما قراتها ثم قال بسم الرحمن الرحيم الاية السابعة و لما روى الترمذي عن ابن عباس قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يفتتح صلاته ببسم اللّه الرحمن الرحيم- قلت في الحديث الاول قول ابن عباس بسم اللّه الرحمن الرحيم الاية السابعة ظن «١» منه ليس بمرفوع و ما رواه الترمذي ليس اسناده بقوى- و ذهب جماعة الى انها من الفاتحة و كذا من كل سورة الا سورة التوبة و هو قول الثوري و ابن المبارك و الشافعي لانها كتبت فى المصحف بخط «٢» سائر القران- قلت و هذا يدل على انها من القران لا من السورة كيف و قد صح عنه صلى اللّه عليه و سلم انه قال سورة من القران ثلاثون اية في سورة الملك- و سنذكر هناك ان شاء اللّه تعالى- و لا يختلف العادون انه ثلاثون اية من غير بسملة. (١) كون الآيات توقيفية لا مجال للعقل فيها امر مقرر عندهم فكيف يظن بابن عباس هذا الظن مع ان للموقوف حكم المرفوع فى أمثال ذلك- قلت المسألة إذا كانت روايات الصحابة فيها مختلفة لا يجوز هناك ان يقال للموقوف حكم المرفوع كذا في اصول القوم الطريق في أمثال ذلك ذكر الروايات- منه نور اللّه مرقده. (٢) اى كتبت على كل سورة اولا بخط سائرها فهو يدل على انها جزؤ من كل سورة- منه رحمه اللّه |
﴿ ١ ﴾