٤

ملك يوم الدّين (٤) قرا عاصم و الكسائي و يعقوب مالك و الآخرون ملك

و قرا ابو عمرو الرّحيم ملك بإدغام الميم في الميم و كذالك يدغم كل حرفين متحركين من جنس واحد- او مخرج واحد- او قريبى المخرج- امّا إذا كانا مثلين في كلمتين فذلك واقع فى سبعة عشر حرفا- الا في مواضع عديدة و هى الباء و التاء و الثاء و الحاء المهملة و الراء و السين المهملة و العين و عشرة أحرف بعدها نحو لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ ثالِثُ ثَلاثَةٍ لا أَبْرَحُ حَتَّى فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى وَ طُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ إِنَّكَ كُنْتَ بِنا جَعَلَ لَكُمُ يَعْلَمُ ما أَحْسَنُ نَدِيًّا إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ إِنَّهُ هُوَ و لا تمنع صلة الهاء نُودِيَ يا مُوسى إذا لم يكن الحرف الاول تاء المتكلم او المخاطب كنْتُ تُراباً فَأَنْتَ تُكْرِهُ و لا منونا نحو واسِعٌ عَلِيمٌ و لا مشددا نحو فَتَمَّ مِيقاتُ و المواضع العديدة المستثناة منها يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ لا يدغم فيه ابو عمرو لاخفاء النون قبلها اتفاقا-

و منها كل موضع التقيا فيه مثلان بسبب حذف وقع في اخر الكلمة الاولى نحو يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ إِنْ يَكُ كاذِباً يَخْلُ لَكُمْ ففى هذه الكلمات لابى عمرو وجهان الإظهار و الإدغام و منها عند البعض آلَ لُوطٍ و الصحيح ادغامه و منها و او هو إذا كان الهاء مضموما على قراءة ابى عمرو و وقع بعده واو نحو هُوَ وَ مَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ و ذلك في ثلاثة عشر موضعا فاختلف في ادغامه لكن رواية الإدغام أقوى و منها واو هو إذا كان الهاء ساكنا على قراءته و هو ثلاثة «٢» مواضع فَهُوَ وَلِيُّهُمُ وَ هُوَ واقِعٌ

(٢) الصحيح خمسة مواضع- ابو محمد عفا اللّه عنه و في القران وَ ما يَعْلَمُ إلخ في الأصل الاحرف في الأصل لك.

قال بعضهم فيها الإظهار بلا خلاف و قال بعضهم بخلاف و الإظهار أقوى «١»- هذا إذا كان المثلان فى كلمتين و اما إذا كانا في كلمة واحدة فلم يأت عنه الإدغام الا في موضعين مناسككم فى البقرة و ما سلككم في المدثر هذا ادغام المثلين- و اما ادغام المتقاربين في كلمة واحدة فالقاف تدغم في الكاف إذا كان قبلهما متحرك و بعدهما ميم نحو يَرْزُقُكُمْ بخلاف مِيثاقَكُمْ و نَرْزُقُكَ و حكى الخلاف في ادغام طَلَّقَكُنَّ و لا يدغم غيره- و في كلمتين تدغم ستة عشر حرفا إذ لم يكن منونا و لا تاء مخاطب و لا مجزوما و لا مشددا- الحاء تدغم في العين في زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ و روى ادغامها في العين حيث التقيا «٢» نحو ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ... الْمَسِيحُ عِيسَى ... فَلا جُناحَ عَلَيْهِما و القاف في الكاف و بالعكس عند تحرك ما قبلهما نحو خَلَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ ...

(١) عند النحاة لا عند القراء- ابو محمد عفا اللّه عنه

(٢) و ذلك شاذ.

لَكَ قُصُوراً بخلاف فَوْقَ كُلِّ وَ تَرَكُوكَ قائِماً و الجيم في التاء في كلمة ذِي الْمَعارِجِ تعرج و في الشين فى أَخْرَجَ شَطْأَهُ و الشين في السين في ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا و الضاد في الشين في لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ و السين في الزاء في إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ و في الشين في الرَّأْسُ شَيْباً و الدال تدغم في حروف عشرة حيث جاءت نحو الْمَساجِدِ تِلْكَ عَدَدَ سِنِينَ الْقَلائِدَ ذلِكَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ يُرِيدُ ثَوابَ تُرِيدُ زِينَةَ نَفْقِدُ صُواعَ مِنْ بَعْدِ ظلم داوُدُ جالُوتَ و في دارُ الْخُلْدِ جَزاءً خلاف و لم يلق الدال طاء في القران و لم تدغم الدال مفتوحة بعد ساكن بحرف بغير التاء فلا تدغم لِداوُدَ سُلَيْمانَ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ آلَ داوُدَ شُكْراً آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ بعد ظلم بَعْدَ ثُبُوتِها و تدغم كاد تزيغ بعد توليدها و لا ثالث لهما- و التاء تدغم في تلك العشرة الا في التاء من باب المثلين و قد مر ذكره و كذا في الطاء حيث جاءت و لم يلق التاء دالا الا و التاء ساكنة نحو أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما و ذلك واجب الإدغام- نحو الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً الذَّارِياتِ ذَرْواً بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً و لا ثانى له و النّبوّة ثمّ يقول إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً الْمَلائِكَةُ صَفًّا و الْمَلائِكَةُ ظالِمِي فى النساء و النحل ليس غيرهما عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ و التاء لم تقع مفتوحة بعد ساكن الا و هو حرف خطاب و لا ادغام فيه الا في مواضع وقعت بعد الف فمنها لا خلاف في ادغامه و هو أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ و في الباقي خلاف نحو حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها-

و ايضا خلاف في بعض تاء مكسورة آتِ ذَا الْقُرْبى و لْتَأْتِ طائِفَةٌ و في جِئْتَ شَيْئاً مكسور التاء خلاف في ادغامه مع انه تاء خطاب و لا خلاف في الإظهار إذا كانت مفتوحة جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً و الثاء تدغم في خمسة أحرف حيث جاءت نحو حَيْثُ تُؤْمَرُونَ وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ وَ الْحَرْثِ ذلِكَ و ليس غيره و حَيْثُ شِئْتُمْ و حَدِيثُ ضَيْفِ و ليس غيره و الذال في السين و الصاد فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فى الكهف في موضعين- مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً- و اللام تدغم في الراء و بالعكس الا إذا انفتحا بعد ساكن فتدغم نحومَثَلِ رِيحٍ هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ لا نحو فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ لكن لام قال إذا كان الراء بعده تدغم و ان كان مفتوحا بعد ساكن قالَ رَبِّ قالَ رَجُلانِ قالَ رَبُّكُمْ و النون تدغم في اللام و الراء إذا تحرك ما قبلها نحو إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ خَزائِنَ رَحْمَةِ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ تَبَيَّنَ لَهُمُ لا إذا سكن ما قبلها نحو يَخافُونَ رَبَّهُمْ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ الا نون نحن تدغم في اللام حيث جاءت و ان كانت بعد ساكن نحو نَحْنُ لَهُ و فَما نَحْنُ لَكَ و هو عشر مواضع و الميم المتحرك ما قبلها إذا كان بعدها باء تسكن و تخفى- و الباء في يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ حيث اتى تدغم في الميم و هى خمسة مواضع سوى ما فى البقرة فانه ساكن الباء في قراءة ابى عمرو و فيه الإدغام الصغير-

و حيث ما يجوّز ابو عمرو الإدغام الكبير فله هناك ثلاثة أوجه اخر الإشمام و الروم و الإظهار غير ان الإشمام يقع في الحروف المضمومة فقط و الروم في المضمومة و المكسورة دون المفتوحة و الإشمام عبارة عن ضم الشفتين كقبلة المحبوب اشارة الى الضمة و الروم عبارة عن الإخفاء و التلفظ ببعض الحركة لكن الإشمام و الروم عنده في سائر الحروف غير الباء مع الميم و بالعكس نحو نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ يَعْلَمُ ما أَعْلَمُ بِما كانُوا و الإدغام لا يتاتى «١» إذا كان قبل الحرفين حرف ساكن صحيح نحو خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بَعْدِ ظُلْمِهِ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا دارُ الْخُلْدِ جَزاءُ لاجتماع الساكنين فالادغام

(١) هذا عند المتأخرين و النحاة و اما عند المتقدمين فالادغام المحض أصح قال المحقق و الإدغام الصحيح هو الثابت عند قدماء الائمة من اهل الأداء و النصوص مجتمعة عليه- ابو محمد عفا اللّه عنه

هناك بنطق بعض الحركة و هو الإخفاء و الروم و التعبير هناك بالإدغام تجوز اما إذا كان الساكن حرف مد او لين صح الإدغام نحو فِيهِ هُدىً و قالَ لَهُمْ و يَقُولُ رَبَّنا و قَوْمُ مُوسى و كَيْفَ فَعَلَ و اللّه أَعْلَمُ-

الملك و المالك قيل معناهما واحد الرّبّ مثل فرهين و فارهين و حذرين و حاذرين و الحق ان المالك من الملك بالكسر بمعنى الرب يقال مالك الدار و رب الدار و الملك من الملك بالضم بمعنى السلطان هما صفتان له تعالى و القراءتان متواترتان فلا يجوز ان يقال الملك هو المختار- و قيل الملك و المالك بمعنى القادر على الاختراع من العدم الى الوجود فلا يطلق على غيره تعالى الا مجازا- و يوم الدّين يوم القيامة و الدين الجزاء و منه كما تدين تدان و هو مثل مشهور و حديث مرفوع رواه ابن عدى في الكامل بسند ضعيف و له شاهد مرسل عند البيهقي

و اخرج احمد عن مالك ابن دينار انه في التورية و الديلمي عن فضالة بن عبيدة مرفوعا انه في الإنجيل

و قال مجاهد يوم الدين اى الحساب ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ اى الحساب المستقيم و قيل القهر منه دنته فدان اى قهرته فذل او الإسلام او الطاعة فانه يوم لا ينفع فيه الا الإسلام و الطاعة- و انما خص ذلك اليوم بالذكر لان في غيرها من الأيام قد يطلق الملك لغيره تعالى مجازا- و لان فيه إنذار و دعوة الى القول ب إِيَّاكَ نَعْبُدُ أضاف الصفة الى الظرف اجراء له مجرى المفعول به نحو يا سارق الليلة و معناه الماضي على طريقة نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ فان المتيقن كالواقع فصح وقوعها صفة للمعرفة و اجراء هذه الصفات على اللّه تعالى للتعليل على انه الحقيق بالحمد و من لم يتصف بتلك الصفات لا يستأهل الحمد فضلا ان يعبد و التمهيد لقوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ و قوله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يدل على الاختيار و ينفى الإيجاب بالذات و الوجوب عليه قضية لسوابق الأعمال ثم لما ذكر الحقيق بالحمد و وصفه بصفات عظام مميزة عن سائر الذوات و تعلق العلم بمعلوم معين خاطب بذلك فقال.

﴿ ٤