٧ خَتَمَ اللّه عَلى قُلُوبِهِمْ- فلا تعى خيرا- و القلب هو المضغة و قد يطلق على المعرفة و العقل قال اللّه تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ- اعلم ان اللّه تعالى خالق الأشياء كلها اعراضها و جواهرها- و الأسباب اسباب عادية يخلق اللّه تعالى عقيبها المسببات فاللّه سبحانه بعد استعمال الحواس من السمع و البصر و غيرهما يخلق علما بالمحسوسات و بعد استعمال الذهن فى ترتيب المقدمتين يخلق علما بالنتيجة جريا على عادته- و لو شاء لا يخلق و يتعطل الحواس و يتخبظ الذهن- و لو شاء يحصل العلم بالمحسوس و لا يفيد ذلك العلم اثرا في القلب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء- ثم قال اللّهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك- رواه مسلم عن عبد اللّه بن عمرو- فاللّه سبحانه لمّا لم يردان يطهر قلوب الكفار صرفهم عن التفكر في الآيات و لم يخلق فى قلوبهم تأثرا بالايمان و اليقين بعد رؤية الآيات و المعجزات و عبر عن ذلك و عن عدم التأثر بالختم- و الطبع- و الاغفال- و الاقساء- و الغشاوة مجازا- او مثل قلوبهم و مشاعرهم بأشياء ضرب عليها الحجاب- او يقال ان المراد بالختم ما يخلق اللّه تعالى من السواد على القلوب باقتراف المعاصي- روى البغوي عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فان تاب و نزع و استغفر صقل قلبه منها و ان زاد زادت حتى تعلو قلبه- فذلكم الرين الذي ذكر اللّه في كتابه كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ- قلت و سواد القلب المذكور هو المعبر فيما مر من الحديث بفساد القلب- حيث قال و إذا فسدت فسدت الجسد و هو ضد صلاح القلب و لما كان حال ذنب المؤمن كذلك فما بال الكافر- و عبر عن احداث هذه الهيئة بالطبع- و الاغفال و الاقساء و نحوها- و الختم في اللغة الكتم- سمى به الاستيثاق من الشي ء بضرب الخاتم عليه لانه كتم له- و البلوغ آخره سمى به نظرا الى انه اخر فعل يفعل في إحرازه- وَ عَلى سَمْعِهِمْ- اى أسماعهم وحده للامن عن اللبس و اعتبار الأصل فانه مصدر في أصله و المصادر لا يجمع- معطوف على قلوبهم لقوله تعالى وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً- و لمّا كان درك السمع و القلب من جميع الجهات جعل مانعهما من جنس واحد و هو الختم بخلاف البصر فانه مختص بالمقابلة فجعل مانعها الغشاوة المختصة بجهة المقابلة- وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ- جمع بصر و هو ادراك العين و قد يطلق مجازا على القوة الباصرة و على العضو و كذا السمع امال ابو عمرو و الدوري عن الكسائي كل الف بعده راء مجرور في لام الفعل نحو و على أبصارهم وصلا و وقفا و كذا اثارهم- و النّار- و الغار- و بقنطار- و بدينار- و الأبرار- و شبهه و تابعهما ابو الحارث فيما تكررت فيه الراء من ذلك نحو الأشرار- الأبرار- و قرا ورش كل ذلك بين بين و تابعه حمزة فيما كان الراء فيه مكررا و على قوله القهّار حيث وقع و دار البوار لا غير- و امال ابن ذكوان الى حمارك و الحمار في البقرة و الجمعة لا غير- و الغشاوة ما يشتمل على الشي ء فيغطيه مرفوع على انه مبتدأ او فاعل للظرف وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧) فى الاخرة و العذاب من أعذب الشي ء إذا امسك اى عقابا يمنع الجاني عن المعاودة ثم اتسع فاطلق على كل الم و ان لم يكن عقابا مانعا و قيل من التعذيب بمعنى ازالة العذب- و العظيم ضد الحقير يعنى إذا قيس مع ما يجانسه قصر عنه جميعه-. |
﴿ ٧ ﴾