٣١ وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماء َ كُلَّها قال اهل التفسير المراد اسماء الخلائق- قال البغوي قال ابن عباس و مجاهد و قتادة علمه اسم كل شى ء حتى القصعة و القصيعة- و قيل اسم ما كان و يكون الى يوم القيمة- و قال الربيع بن انس اسماء الملائكة- و قيل اسماء ذريته- و قيل صفة كل شى ء قال اهل التأويل علم آدم جميع اللغات ثم تكلم كل واحد من أولاده بلغة- قلت و هذه الأقوال ليست بمرضية عندى فان مدار الفضل على كثرة الثواب و مراتب القرب من اللّه تعالى دون هذه الأمور- و لو كان هذه الأمور مدارا لفضله لزم فضله على خاتم النبيين صلى اللّه عليه و سلم فانه قال أنتم اعلم بامور دنياكم- و لم يكن عالما بجميع اللغات- و عندى ان اللّه تعالى علم آدم الأسماء الالهية كلها- فان قيل الأسماء الالهية غير متناهية قال اللّه تعالى لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي- و قال سبحانه وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّه- فكيف يحيط به علم البشر الممكن المتناهي- و قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم- أسئلك بكلّ اسم سميت به نفسك او أنزلته في كتابك او علمته أحدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك- رواه ابن حبان- و الحاكم- و ابن ابى شيبة و الطبراني- و احمد في حديث ابن مسعود و ابى موسى الأشعري يدل على ان اللّه تعالى استأثر عنده ببعض الأسماء لم يعلّمها أحدا- قلت المراد «١» (١) على هذا لا يظهر فضيلة آدم عليه السلام بالنسبة الى الملا الا على و الكروبيين فان ولاية الملا الا على و من في طبقتهم ارفع بكثير على اكثر الولايات البشرية لا سيما الولاية الاسرائيلية فانها شقيقة الولاية المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة و التحية- و كل ذلك مصرح به في مكتوبات الشيخ الاجل الرباني مجدد الالف الثاني قدس اللّه روحه- ان اللّه تعالى علم آدم الأسماء كلها علما اجماليا فانه لما حصل له معية بالذات تعالت و تقدست حصل له بكل اسم من أسمائه و صفة من صفاته مناسبة تامة و معية بحيث انه كلما توجه الى اسم من أسمائه و صفة من صفاته يتجلى له ذلك الاسم و الصفة كما انه إذا حصل لرجل ملكة في علم من العلوم كان بحيث كلما يتوجه الى مسئلة من مسائله يحضر تلك المسألة- و ليس المراد العلم التفصيلي حتى يلزم المحذور- فان قيل لم يقل بما قلت أحد من المفسرين- فهو قول في القران بالرأى و ذلك غير جائز- روى البغوي بطرق عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من قال في القران برأيه- و في رواية من قال في القران بغير علم فليتبوأ مقعده من النار- قلت قال البغوي قال شيخنا الامام قد جاء الوعيد فى حق من قال في القران برأيه و ذلك فيمن قال من قبل نفسه شيئا من غير علم يعنى التفسير و هو قلت الظاهر من كلام المجدد رضى اللّه عنه ان ولاية الملائكة ارفع درجة من ولاية الأنبياء و ليس افضلية الأنبياء على الملائكة الا بالنبوة فان الولايات كلها راجعة الى تجليات الصفات- و التجليات الذاتية مختصة بالنبوة و مهبط التجلي الذاتي عنصر الطين و لخلو الملائكة من عنصر الطين اختص النبوة بالبشر و بالنبوة تفضلت الأنبياء على الملائكة و بها لبس خلعة الخلافة و بها و بالقرب الذاتي علم آدم الأسماء كلها علما اجماليا و اللّه اعلم- منه رحمه اللّه الكلام في اسباب نزول الاية و شأنها- و قصتها و ذلك لا يجوز الا بالسماع بعد ثبوته من طريق النقل- و اصل التفسير من التفسرة و هى الدليل من الماء الذي ينظر فيها الطبيب فيكشف عن علة المريض كذلك المفسر يكشف عن شأن الاية و قصتها- فاما التأويل و هو صرف الاية الى معنى محتمل موافق لما قبلها و ما بعدها غير مخالف للكتاب و السنة من طريق الاستنباط فقد رخص فيه لاهل العلم- و اشتقاق التأويل من الاول و هو الرجوع يقال أولته فال اى صرفته فانصرف- روى البغوي عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال انزل القران على سبعة أحرف لكل اية منها ظهر و بطن و لكل حد مطلع- و روى الطبراني عنه بلفظ- انزل القران على سبعة أحرف لكل حرف منها ظهر و بطن و لكل حرف حد و لكل حد مطلع- قال البغوي- قوله لكل حد مطلع- اى مصعد يصعد اليه من معرفة علمه- يقال المطلع الفهم- و قد يفتح اللّه على المتدبر و المتفكر في التأويل و المعاني ما لا يفتح على غيره وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ انتهى حاصل كلامه «١»- (١) قال الشيخ شهاب الدين السهروردي رضى اللّه عنه في العوارف- يخالج اسرى ان يكون المطلع ليس بالوقوف بصفاء الفهم على دقيق المعنى- و غامض السر في الاية لكن المطلع ان يطلع عند كل اية على شهود المتكلم بها لانها مستودع وصف من أوصافه و نعت من نعوته فيتجدد له التجليات بتلاوة الآيات و سماعها- و قال المجدد رضى اللّه عنه في مكتوبه المائة و العشرين من المجلد الثالث- انه يخطر ببالي ان الظهر نظم القران البالغ الى حد الاعجاز و البطن تفسيره و تأويله على اختلاف صفاء الفهم على دقيق المعاني و غامض السر و الحد نهاية مراتب الكلام و هو شهود المتكلم بها و هو التجلي النعتى المنبئ عن عظيم الجلال و المطلع ما فوق ذلك التجلي النعتى و هو التجلي الذاتي المعرى عن النسبة و الاعتبارات فلابد من الخطوتين خطوة من النظم الدال الى المدلول الذي هو الصفة و الخطوة الثانية من الصفة الى الموصوف- و ما ذكر الشيخ السهروردي قدس سره الا الخطوة الاولى و أتم بها هذا السير و قال الشيخ في العوارف- نقل عن جعفر الصادق رضى اللّه عنه انه خر مغشيا عليه و هو في الصلاة فسئل عن ذلك فقال ما زلت اردد الاية حتى سمعتها من المتكلم بها- منه رحمه اللّه للتعظيم- قلت و ما مر من اقوال المفسرين ليس شيئا منها مرفوعا- و لا مما لا يدرك بالرأى حتى يكون في معنى المرفوع بل تأويلات لمعنى الأسماء على حسب آرائهم و من ثم ترى الاختلاف و ما ذكرت لك كذلك- و ايضا قول ابن عباس علّمه اسم كل شى ء حتى القصعة و القصيعة- و ما قيل علّمه اسماء ما كان و ما يكون و اسماء ذريته و صفة كل شى ء لا ينافى تعليمه الأسماء الالهية و هى أفضل مما كان و يكون هو الاول ما كان شى ء قبله و الاخر لا يكون في ء بعده و الظاهر لا شى ء فوقه و الباطن لا شى ء دونه- و انما اقتصر ابن عباس على ذكر اسماء الممكنات خطابا لافهام العوام و كذلك شأن الأكابر يتكلمون الناس على قدر عقولهم و اللّه اعلم ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ قال المفسرون الضمير راجع الى المسميات المذلول عليها ضمنا إذ التقدير اسماء المسميات فحذف المضاف اليه و عوض عنه اللام كما في قوله تعالى اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً و تذكير الضمير لتغليب ما اشتمل عليه من العقلاء- و إذا قلت المراد بالأسماء الأسماء الالهية فالضمير راجع الى آدم و جمع الضمير او المراد بآدم هو و اللّه كما يقال ربيعة و مضر- كذا قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَ مَلَائِهِمْ فى سورة يونس- و لعل اللّه سبحانه عرض عليهم آدم و نسمات الأنبياء من ذريته حين أخرجهم من ظهره و أخذ منهم الميثاق و اشهدهم على أنفسهم و أخذ من النبيين من محمد صلى اللّه عليه و سلم و من نوح و ابراهيم و موسى و عيسى بن مريم عليهم الصلاة و السلام أخذ منهم ميثاقا غليظا و هذا انسب من إرجاع الضمير الى المسميات- لان المسميات غير مذكورة فيما قبل- و الضمير للمذكرين العقلاء فلابد فيه من تكلفات- و قرا ابى بن كعب عرضها- و قرا ابن مسعود عرضهنّ- و على تينك القراءتين الضمير راجع الى الأسماء- فَقالَ تبكيتا لهم و تنبيها على عدم صلاحيتهم للخلافة أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ المشار اليه هى المسميات على تقرير المفسرين و على ما قلت المشار اليه آدم و اللّه و الاضافة لادنى ملابسة اى الأسماء التي علمت هؤلاء- حديث كنت نبيا و آدم بين الروح و الجسد- رواه الطبراني عن ابن عباس و ابو نعيم في الحلية و ابن سعد عن ابى الجدعاء يدل على ان اللّه سبحانه علمه ما علمه و اصطفاه نبيّا بالتجليات الذاتية المختصة بالأنبياء أصالة حين كان آدم بين الروح و الجسد يعنى حين تركب روح آدم بجسده فان التجليات الذاتية البحتية كانت مشروطة بالجسد الترابي فاذا صار لادم جسد و استقر نسمات ذريته في ظهره صاروا أهلا لها- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) انى لا اخلق خلقا الا و كنتم أكرم علىّ منه و أفضل و اعلم- قرا قنبل و ورش بجعل الهمزة الثانية من هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ياء ساكنة- و قالون و البزي يجعلان الاولى ياء مكسورة و ابو عمرو يسقطها و الباقون «١» يحققون الهمزتين و كذا في كل همزتين مكسورتين اجتمعتا من كلمتين- (١) و قرا ابو جعفر و رويس بتحقيق الاولى و تسهيل الثانية- و في رواية عن ورش انه يجعل الثانية ياء مكسورة هاهنا و في النور عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً و اما في غيرهما فكقنبل- و اما إذا اجتمعتا مفتوحتين من كلمتين نحو جاءَ أَجَلُهُمْ فورش و قنبل يجعلان الثانية مدة كما في المكسورة- و قالون و البزي و ابو عمرو يسقطون الاولى و الباقون يحققون الهمزتين و اما إذا اجتمعتا مضمومتين من كلمتين و ذلك في موضع واحد في الأحقاف أَوْلِياءُ أُولئِكَ فحكمه حكم المكسورة ورش و قنبل يجعلان الثانية واوا ساكنة و قالون و البزي يجعلان الاولى واوا مضمومة و ابو عمرو يسقطها و الباقون يحققونهما. |
﴿ ٣١ ﴾