٨٧ وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التورية وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ اى أرسلنا قفاه رسلا تترى فقوله من بعده تأكيد لمعنى قفينا لتضمنه معنى البعدية يعنى يوشع و اشموئيل و شمعون و داؤد و سليمان و أيوب و شعيا و ارميا و عزيرا «١» و حزقيل- و اليسع- يونس و زكريا- و يحيى و الياس و غيرهم صلوات اللّه عليهم أجمعين-. (١) فى الأصل عزير وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ الدلالات الواضحات من إبراء الأكمه و الأبرص و احياء الموتى و غير ذلك او المراد الإنجيل وَ أَيَّدْناهُ قويناه- بِرُوحِ الْقُدُسِ قرا ابن كثير بسكون الدال و الآخرون بضمها- و المراد بالروح جبرئيل- او الروح الذي نفخ في عيسى- و القدس الطهارة مصدر بمعنى الفاعل اى الطاهر- و هو اللّه تعالى اضافه الى نفسه تكريما- نحو بيت اللّه و ناقة اللّه نظيره فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا- او الاضافة على طريقة حاتم الجود فيكون الطهارة في المعنى صفة للروح و طهارة جبرئيل و عيسى لاجل عصمتهما و لطهارة عيسى عن مس الشيطان عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما من بنى آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم و ابنها- متفق عليه و لانه لم يشتمل عليه أصلاب الفحول و لا أرحام الطوامث- و تائيد عيسى بجبرئيل انه امر ان يسير معه حيث سار حتى صعد به الى السماء- و قيل المراد بالروح اسم اللّه الأعظم الذي كان عيسى يحيى به الموتى و يرى الناس العجائب و قيل المراد به الإنجيل نظيره أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا- فان كتاب اللّه تعالى سبب لحيوة القلوب و على هذين التأويلين اضافة الروح الى اللّه و توصيفه بالطهارة ظاهرة- قال البغوي فلما سمعت اليهود ذكر عيسى عليه السلام قالوا يا محمد لا مثل عيسى كما تزعم عملت و لا كما تقص علينا من الأنبياء فعلت- فأتنا بما اتى به عيسى ان كنت صادقا فقال اللّه تعالى أَ فَكُلَّما جاءَكُمْ يا معشر اليهود رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اى بما لا تحبه يقال هوى بالكسر إذا أحب و بالفتح إذا سقط معطوف على الجمل السابقة- و وسطت الهمزة بين الفاء و ما تعلقت به توبيخا لهم على تعقيبهم ذاك بهذا و تعجيبا من شأنهم- و يحتمل ان يكون استينافا و الفاء للعطف على مقدر كانّ السائل يقول فما فعلوا بهم فاجاب فكفروا بهم و قال توبيخا أ كفرتم بهم فكلما جاءكم الاية اسْتَكْبَرْتُمْ تكبرتم عن الايمان و اتباع الرسل فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ كعيسى و محمد و غيرهما عليهم الصلوات و السلام و الفاء للسببية او للتفصيل- وَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ (٨٧) اى قتلتم مثل زكريا و يحيى و شعيا و غيرهم ذكر بلفظ المضارع على حكايت الحال الماضية استحضارا لها في النفوس فان الأمر فظيع و مراعاة للفواصل و للدلالة على انكم تريدون قتل محمد عليه السلام حيث سحرتموه و تقاتلونه لكى تقتلوه- عن عائشة قالت- سحر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى انه ليخيل اليه انه فعل الشي ء و ما فعله حتى إذا كان ذات يوم عندى دعا اللّه و دعاه ثم قال أشعرت يا عائشة ان اللّه تعالى قد أفتاني فيما استفتيته جاءنى رجلان جلس أحدهما عند رأسى و الاخر عند رجلى ثم قال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل قال مطبوب قال و من طبه قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال فيما ذا قال في مشط و مشاطة و جف طلعة ذكر قال فاين هو قال في بئر ذروان- فذهب النبي صلى اللّه عليه و سلم في أناس من أصحابه الى البئر فقال هذه البئر التي أريتها- و كان ماؤها نقاعة الحناء و كان نخلها رؤس الشياطين فاستخرجه- متفق عليه قلت و يجوز ان يكون تقتلون بمعناه الاستقبالى اى و فريقا تقتلون في المستقبل يعنى محمدا صلى اللّه عليه و سلم فانه مات شهيد الاجل الشاة المسمومة التي أهدتها يهودية من اهل خيبر و حينئذ يكون ذكر من مضى قتلهم من الأنبياء متروكا- او مقدرا تقديره و فريقا قتلتم و فريقا تقتلون- عن جابر رضى اللّه عنه- ان يهودية من اهل خيبر سمت شاة مصلية ثم أهدتها لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الذراع فاكل منها و أكل رهط من أصحابه معه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ارفعوا ايديكم و أرسل الى اليهودية فدعاها فقال- سممت هذه الشاة- فقالت من أخبرك قال أخبرتني هذه في يدى الذراع- قالت نعم قلت ان كان نبيا فلن يضره و ان لم يكن نبيا استرحنا منه فعفا عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم يعاقبها و توفى أصحابه الذين أكلوا من الشاة و احتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة- رواه ابو داؤد و الدارمي و عن عائشة قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول فى مرضه الذي مات فيه يا عائشة ما زال أجد الم الطعام الذي أكلت بخيبر و هذا او ان وجدت «١» (١) اضافه الى الفعل بتأويل المصدر- منه رحمه اللّه انقطاع أبهري من ذلك السم- رواه البخاري فان قيل المقتولون منهم داخلون فيمن كذّبهم اليهود فما وجه تخصيص التكذيب بفريق منهم- قلت يظهر بتخصيص التكذيب بفريق منهم انهم لم يكذبوا فريقا منهم مثل يوشع و عزير و لا يضركون بعضهم داخلا في كلا الفريقين إذ العطف بالواو و اللّه اعلم. |
﴿ ٨٧ ﴾