١٢٧ وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ حكاية حال ماضية جمع قاعدة و هى الأساس صفة غالبة من القعود بمعنى الثبات مجاز من القعود ضد القيام- و رفعها البناء عليها فانه ينقلها من هيئة الانخفاض الى هيئة الارتفاع و قال الكسائي القواعد الجدر و كل جدار قاعدة ما وضع فوقه و رفعها بناؤها وَ إِسْماعِيلُ عطف على ابراهيم و سبب فصله عنه بتقديم المفعول ان الباني لم يكن الا ابراهيم و لذا أفرده اولا بالذكر و كان إسماعيل يناوله الحجارة فكان له مدخل في البناء و لذا عطف عليه ثانيا- قال البغوي روت الرواة ان اللّه سبحانه خلق موضع البيت قبل الأرض بألفي عام و كانت زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض من تحتها فلما اهبط اللّه تعالى آدم عليه السلام الى الأرض استوحش فشكا الى اللّه عز و جل فانزل اللّه تعالى البيت المعمور من ياقوتة من يواقيت الجنة له بابان من زمرد اخضر باب شرقى و باب غربى فوضعه على موضع البيت و قال يا آدم انى أهبطت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول العرش و تصلى عنده كما يصلّى عند عرشى- و انزل الحجر و كان ابيض فاسود من لمس الحيض في الجاهلية- فتوجه آدم من ارض الهند الى مكة ماشيا و قيض اللّه له ملكا يدل له على البيت- فحج البيت و اقام المناسك فلما فرغ تلقته الملائكة و قالوا برّ حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام- قال ابن عباس حج آدم أربعين حجة من الهند الى مكة على رحلته- فكان على ذلك الى ايام الطوفان فرفعه اللّه تعالى الى السماء الرابعة يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون اليه- و بعث جبرئيل حتى خبا الحجر الأسود في جبل ابى قبيس- صيانة له من الغرق- فكان موضع البيت خاليا الى زمن ابراهيم - ثم ان اللّه تعالى امر ابراهيم عليه السلام بعد ما ولد له إسماعيل و إسحاق ببناء البيت يذكر فيه فسأل اللّه عز و جل ان يبين موضعه فبعث السكينة لتدله على موضع البيت- و هى ريح خجوج لها رأسان شبيه الحية- و امر ابراهيم ان يبنى حيث يستقر السكينة- فتبعها ابراهيم حتى أتيا مكة فتطوت السكينة على موضع البيت كتطوى الجحفة هذا قول على و الحسن- و قال ابن عباس بعث اللّه تعالى سحابة على قدر الكعبة فجعلت تسير و ابراهيم يمشى في ظلها الى ان وافت مكة و وقفت على موضع البيت فنودى منها ابراهيم ان ابن على ظلها لا تزد و لا تنقص- و قيل أرسل اللّه جبرئيل ليدله على موضع البيت فذلك قوله تعالى وَ إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ- فكان ابراهيم يبنى و إسماعيل يناوله الحجر- قال ابن عباس بنى البيت من خمسة اجبل طور سينا و طور زيتا و لبنان و هو جبل بالشام و الجودي و هو جبل بالجزيرة و بنى قواعد من حرا و هو جبل بمكة فلما انتهى الى موضع الحجر الأسود قال لاسماعيل ايتني بحجر حسن يكون للناس علما فاتاه بحجر فقال ايتني بأحسن من هذا فمضى إسماعيل بطلبه فصاح ابو قبيس يا ابراهيم ان لك عندى وديعة فخذها فاخذ الحجر الأسود فوضعه مكانه- و قيل ان اللّه تعالى بنى في السماء بيتا و هو البيت المعمور و يسمى ضراح و امر الملائكة ان يبنوا الكعبة في الأرض بحياله على قدره و مثاله- و قيل أول من بنى الكعبة آدم و اندرس زمن الطوفان ثم أظهره اللّه تعالى لابراهيم عليه السلام حتى بناه رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ لدعائنا الْعَلِيمُ (١٢٧) بنياتنا. |
﴿ ١٢٧ ﴾