١٥٤ وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللّه أَمْواتٌ اى هم أموات نزلت في قتلى بدر من المسلمين و كانوا اربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين و ثمانية من الأنصار- كان الناس يقولون لمن يقتل في سبيل اللّه مات فلان و ذهب عنه نعيم الدنيا فانزل اللّه هذه الاية بَلْ أَحْياءٌ يعنى ان اللّه تعالى يعطى لارواحهم قوة الأجساد فيذهبون من الأرض و السماء و الجنة حيث يشاؤن و ينصرون أولياءهم و يدمرون أعداءهم ان شاء اللّه تعالى و من أجل ذلك الحيوة لا تأكل الأرض أجسادهم و لا أكفانهم قال البغوي قيل ان أرواحهم تركع و تسجد كل ليلة تحت العرش الى يوم القيامة- قال عليه السلام ان الشهداء إذا استشهدوا انزل اللّه جسدا كاحسن جسد ثم يقال لروحه ادخلى فيه فينظر الى جسده الاول ما يفعل به و يتكلم فيظن انهم يسمعون كلامه و ينظر إليهم فيظن انهم يرونه حتى تأتيه أزواجه من الحور العين فيذهبن به- رواه ابن منذر مرسلا- و في صحيح مسلم عن ابن مسعود مرفوعا أرواح الشهداء عند اللّه في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوى الى قناديل تحت العرش- فذهب جماعة من العلماء الى ان هذه الحيوة مختص بالشهداء و الحق عندى عدم اختصاصها بهم بل حيوة الأنبياء أقوى منهم و أشد ظهورا اثارها في الخارج حتى لا يجوز النكاح بأزواج النبي صلى اللّه عليه و سلم بعد وفاته بخلاف الشهيد- و الصديقون ايضا أعلى درجة من الشهداء و الصالحون يعنى الأولياء ملحقون بهم كما يدل عليه الترتيب في قوله تعالى مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ و لذلك قالت الصوفية العلية أرواحنا أجسادنا و أجسادنا أرواحنا- و قد تواتر عن كثير من الأولياء انهم ينصرون أولياءهم و يدمرون أعداءهم و يهدون الى اللّه تعالى من يشاء اللّه تعالى- و قد ذكر المجدد رضى اللّه عنه- ان ارباب كمالات النبوة بالوراثة أقلت و هم الصديقون و المقربون في لسان الشرع) يعطى لهم من اللّه تعالى وجودا موهوبا- و يدل على ان أجساد الأنبياء و الشهداء و بعض الصلحاء لا يأكلها الأرض ما أخرجه الحاكم و ابو داود عن أوس بن أوس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه حرم على الأرض ان تأكل أجساد الأنبياء- و اخرج ابن ماجة عن ابى الدرداء نحوه- و اخرج مالك عن عبد الرحمن ابن صعصعة انه بلغه ان عمرو بن الجموح و عبد اللّه بن جبير الأنصاري كان قد حفر السبيل قبرهما و كان قبرهما مما يلى السيل و كانا في قبر واحد و هما ممن استشهد يوم أحد- فحفرا ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كانهما ماتا بالأمس و كان بين أحد و بين حفر عنهما ست و أربعون «١» سنة- (١) فى الأصل أربعين- و اخرج البيهقي ان معاوية لما أراد ان يجرى كظامة نادى من كان له قتيل بأحد فليشهد فخرج الناس الى قتلاهم فوجدهم رطايا ينبتون فاصابت المسحات رجل رجل منهم فانبعث دما و لقد كانوا يحفرون التراب فحفروا نثرة من تراب ناح عليهم ريح المسلك- هكذا اخرج الواقدي عن شيوخه و اخرج ابن ابى شيبة نحوه و اخرج البيهقي عن جابر و فيه فاصابت المسحات قدم حمزة فانبعث دما- و اخرج الطبراني عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المؤذن المحتسب كالشهيد المتشخط في دمه إذا مات لم يدود في قبره- و اخرج ابن مندة عن جابر بن عبد اللّه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا مات حامل القران اوحى اللّه الى الأرض ان لا تأكل لحمه فيقول الأرض اى رب كيف أكل لحمه و كلامك في جوفه- قال ابن مندة و في الباب عن ابى هريرة و ابن مسعود قلت لعل المراد بحامل القرآن الصديق فان مساس بركات القران مختص به حيث قال اللّه تعالى لا يمسّه إلّا المطهّرون- و اخرج المروزي عن قتادة قال بلغني ان الأرض لا تسلط على جسد الذي لم يعمل خطيئة- قلت لعل المراد بالذي لم يعمل خطيئة الصّالحون من عباد اللّه اعنى الأولياء لما كانوا محفوظين من الخطايا و مغفورين حتى صلحت قلوبهم و أجسادهم و اللّه اعلم وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤) فيه تنبيه على ان حياتهم ليست من جنس ما يحسّه كل أحد و انما هى امر لا يدرك بالعقل و لا بالحس بل بالوحى او الفراسة الصحيحة المقتبسة من الوحى-. |
﴿ ١٥٤ ﴾