١٩٥

وَ أَنْفِقُوا أموالكم فِي سَبِيلِ اللّه فى الجهاد

وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ قيل الباء زائدة و عبر بالأيدي عن الأنفس و قيل فيه حذف اى لا تلقوا أنفسكم بايديكم يعنى باختياركم و الإلقاء طرح الشي ء و عدى بالى لتضمن معنى الانتهاء- و القى بيده لا يستعمل الا في الشر

إِلَى التَّهْلُكَةِ اى الهلاك- قيل كل شى ء يصير عاقبته الى الهلاك فهو التهلكة و قيل التهلكة ما يمكن الاحتراز عنه و الهلاك ما لا يمكن الاحتراز عنه روى البخاري عن حذيفة قال نزلت هذه الاية في النفقة

و اخرج ابو داود و الترمذي و صححه ابن حبان و الحاكم و غيرهم عن ابى أيوب الأنصاري رضى اللّه عنه قال نزلت هذه الاية فينا معشر الأنصاري لما أعز اللّه الإسلام و كثر ناصروه قال بعضنا لبعض سرا ان أموالنا قد ضاعت و ان اللّه تعالى قد أعز الإسلام فلو أقمنا في أموالنا فاصلحنا ما ضاع منها- فانزل اللّه تعالى يردّ علينا ما

قلنا فكانت التهلكة الاقامة على الأموال و إصلاحها و تركنا الغزو-

قلت المعنى انكم لو تركتم الغزو يغلب عدوكم عليكم فتهلكون-

قال البغوي فما زال ابو أيوب رضى اللّه عنه يجاهد في سبيل اللّه حتى كان اخر غزوة غزاها بقسطنطنية فاستشهد و دفن في اصل سور قسطنطنية و هم يستسقون به و روى عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من مات و لم يغز و لم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق- و قال بعضهم نزلت الاية في البخل و ترك الانفاق فى سبيل اللّه و هو قول حذيفة و الحسن و قتادة و عكرمة و عطاء و به قال ابن عبّاس اخرج الطبراني بسند صحيح عن ابى جبيرة بن الضحاك قال كانوا «١»

(١) فى الأصل كانت ١٢

يتصدقون و يعطون ما شاء اللّه فاصابتهم سنة فامسكوا فانزل اللّه تعالى هذه الاية- و قال محمد بن سيرين و عبيدة السلماني الإلقاء الى التهلكة القنوط من رحمة اللّه- كذا قال ابو قلابة اخرج الطبراني بسند صحيح عن النعمان بن بشير قال كان الرجل يذنب الذنب فيقول لا يغفر اللّه لى فانزل اللّه تعالى وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ و له شواهد عن البراء أخرجه الحاكم

وَ أَحْسِنُوا أعمالكم و أخلاقكم و تفضلوا على المحاويج اعلم ان الإحسان يكون في العبادات و يكون في المعاملات اما الذي في العبادات فما في الصحيحين في حديث طويل عن عمر بن الخطاب قال قال يعنى جبرئيل أخبرني عن الإحسان قال عليه السلام ان تعبد اللّه كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك يعنى بالحضور و الخشوع- و اما الذي في المعاملات فقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تحب للناس ما تحب لنفسك و تكره لهم ما تكره لنفسك- رواه احمد عن معاذ و قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده رواه اصحاب السنن عن ابى هريرة و رواه احمد عن عمرو بن عنبسة في جواب اى الإسلام أفضل و قال ان من احبّكم الىّ أحسنكم أخلاقا- رواه البخاري عن عبد اللّه بن عمرو و في الصحيحين بلفظ من خياركم أحسنكم أخلاقا- و قال ان اللّه تعالى كتب الإحسان على كل شى ء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته- رواه مسلم عن شداد بن أوس

إِنَّ اللّه يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥).

﴿ ١٩٥