٢٢٠

فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ الظرف متعلق بيبين تقدير الكلام يبين اللّه لكم الآيات ما يصلح لكم في امر الدنيا و الاخرة لعلكم تتفكرون و قيل الظرف متعلق بتتفكرون و المعنى تتفكرون فيما يتعلق بالدنيا و الاخرة فتأخذون بما هو أصلح لكم فتحبسون من أموالكم ما يصلحكم المعاش في الدنيا و تنفقون الفاضل فيما ينفعكم في العقبى او المعنى لعلكم تتفكرون في الدارين فتؤثرون ابقاءهما و أكثرهما منافع- عن على رضى اللّه عنه قال ارتحلت الدنيا مدبرة و ارتحلت الاخرة مقبلة و لكل واحد منهما بنون فكونوا من أبناء الاخرة و لا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل- رواه البخاري في ترجمة باب و رواه البيهقي فى شعب الايمان عن جابر مرفوعا- و عن ابن مسعود ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نام على حصير و قام و قد اثر في جسده فقال ابن مسعود يا رسول اللّه لو امرتنا ان نبسط لك فقال ما لى و للدنيا ما انا و الدينا الا كراكب استظل نحت شجرة ثم راح و تركها- رواه احمد و الترمذي و ابن ماجة-

و عن ابى الدرداء مرفوعا ان إمامكم عقبة كؤدا لا يجوّزها المثقلون- رواه البيهقي في الشعب و اللّه اعلم اخرج ابو داود و النسائي و الحاكم و صححه من حديث ابن عباس انه لما نزلت قوله تعالى وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ و قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً الاية تحرج المسلمون تحرجا شديدا حتى عزلوا اموال اليتامى عن أموالهم فكان يصنع لليتيم طعام فيفضل منه شى ء فيتركونه و لا يأكلونه حتى يفسد فاشتد ذلك عليهم و سالوا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فانزل اللّه تعالى

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ يعنى إصلاح اموال اليتامى و أمورهم خير فان رايتم الإصلاح في المجانبة فذاك

وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ و رايتم إصلاحهم في المخالطة

فَإِخْوانُكُمْ اى انهم إخوانكم فى الدين و النسب و الاخوان يعين بعضهم بعضا و يصيب بعضهم من مال بعض على وجه الإصلاح

وَ اللّه يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ يعنى الذي يقصد بالمخالطة الخيانة و إفساد مال اليتيم و أكله بغير حق

مِنَ الْمُصْلِحِ الذي يقصد به الإصلاح

وَ لَوْ شاءَ اللّه لَأَعْنَتَكُمْ اى لضيّق عليكم و ما أباح لكم ذلك و لكنه خفف عنكم فاباح لكم مخالطتهم على قصد الإصلاح

إِنَّ اللّه عَزِيزٌ غالب يحكم ما يشاء سهّل على العبادا و شق عليهم

حَكِيمٌ يحكم بفضله على ما يقتضيه الحكمة و يتسع له الطاقة و اللّه اعلم

قال البغوي بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبا مرثد الغنوي الى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين سرّا- فلما قدمها سمعت به امراة مشركة يقال لها عناق و كانت خليلة له في الجاهلية فاتته و قالت يا أبا مرثد الا تخلو فقال لها ويحك يا عناق ان الإسلام قد حال بيننا و بين ذلك قالت فهل لك ان تتزوج بي قال نعم و لكن ارجعه الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاستأمره فقالت ابى تبترم ثم استغاثت عليه فضربوه ضربا شديدا ثم خلوا سبيله فلما قضى حاجته بمكة و انصرف الى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اعلمه بالذي كان من امره و امر عناق و قال يا رسول اللّه أ تحل لى ان أتزوجها فانزل اللّه تعالى.

﴿ ٢٢٠