٢٣٥

وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ ايها الخطاب

فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ الخطبة الاستنكاح و التعريض من الكلام ما يفهم به السامع مراد المتكلم من غير ان يكون اللفظ موضوعا لمراده حقيقة و لا مجازا- و الكناية هى الدلالة على الشي ء- بذكر لوازمه كقولك طويل النجاد لطول القامة و كثير الرماد للضايف و من التعريض ما روى ان سكينة بنت حنظلة تايّمت من زوجها فدخل عليها ابو جعفر محمد بن على الباقر عليهم السلام في عدتها و قال يا بنت حنظلة انا من قد علمت قرابتى من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و حق جدى على و قدمه في الإسلام فقالت سكينة أ تخطبني و انا في العدة و أنت تؤخذ عنك فقال انما أخبرتك بقرابتي من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و قد دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على أم سلمة و هى في عدة زوجها ابى سلمة فذكر لها منزلته من اللّه عز و جل و هو متحامل على يده حصيرا حتى اثر الحصير في يده من شدة تحامله على يده

او أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ اى أضمرتم في قلوبكم فلم تذكروه صريحا او تعريضا

عَلِمَ اللّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ بالقلوب و لا تصبرون على السكوت عنهن فاباح لكم التعريض و لا مؤاخذة على الإضمار- فيه نوع توبيخ على الخطبة

وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا- استدراك عن محذوف دل عليه ستذكرونهن فاذكروهن في القلوب و عرضوا بالخطبة و لكن لا تواعدوهنّ سرّا نكاحا صريحا او جماعا يعبر بالسر عن الوطي لانه يسر ثم عن العقد لانه سبب فيه

إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً و هو ان يعرضوا و لا يصرحوا و المستثنى منه محذوف اى لا تواعدوهن مواعدة الا مواعدة معروفة او الا مواعدة بقول معروف- اعلم ان المعتدة من فرقة الرضاع و نحوه و المباينة باللعان و المطلقة ثلاثا ممن لا يحل لزوجها الاول تزويجها فيجوز ايضا تعريضها للاجنبى بالخطبة و ان كانت بائنة فمن يحل لزوجها الاول تزويجها يجوز لزوجها خطبتها تعريضا و تصريحا- و هل يجوز للغير تعريضا أم لا قيل يجوز كالمطلقة ثلاثا لانقطاع حق زوجها الاول و قيل لا يجوز لان المعاودة جائزة له و اثر النكاح باق و الاول اظهر

وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ كناية عن النهى عن عقد النكاح في العدة فان العزم لازم للعقد و هذا ابلغ في النهى من قوله لا تعقدوا للنكاح- و ليس فيه دلالة على حرمة العزم فانه لا مؤاخذة على عزم القلب اجماعا و قد سبق اباحته بقوله تعالى- عَلِمَ اللّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ الاية و هذا كمن قال زيد طويل النجاد و كثير الرماد فانه غير كاذب ان كان زيد طويلا مضيفا و ان لم يكن له نجاد و رماد أصلا و يمكن ان يكون على الحقيقة و يكون نهيا عن العزم على عقد النكاح في العدة و حينئذ يكون النهى للتنزيه نهى عن العزم بناء على انه من يحوم حول الحمى يوشك ان يقع فيه

حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ العدة سماها كتابا لكونها فرضا كقوله تعالى كتب عليكم اى فرض عليكم

أَجَلَهُ منتهاه وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّه يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ من العزم هذا يدل على كراهة العزم

فَاحْذَرُوهُ فخافوه و لا تعزموا وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللّه غَفُورٌ لمن عزم و لم يفعل خشية من اللّه

حَلِيمٌ (٢٣٥) و لما كان الطلاق ابغض المباحات ذكر هاهنا بلفظ.

﴿ ٢٣٥