٢٣٨ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ بالأداء لاوقاتها و المداومة عليها و إتمام أركانها و صفاتها- اجمع الامة على انها فريضة قطعية يكفر جاحدها- و اما تارك الصلاة عمدا فقال احمد يكفر و قال مالك و الشافعي و هو رواية عن احمد انه لا يكفر لكن يستتاب فان تاب و الا قتل و قال ابو حنيفة لا يقتل لكن يحبس ابدا حتى يموت او يتوب وجه رواية احمد حديث جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بين العبد و بين الكفر ترك الصلاة رواه مسلم و حديث بريدة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العهد الذي بيننا و بينهم ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر رواه احمد و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و حديث عبد اللّه بن عمر و عن النبي صلى اللّه عليه و سلم انه ذكر الصلاة يوما فقال من حافظ عليها كانت له نورا و برهانا و نجاة يوم القيامة و من لم يحافظ عليها لم يكن له نورا و لا برهان و لا نجاة و كان يوم القيامة مع قارون و فرعون و هامان و أبيّ بن خلف رواه احمد- و الجمهور يؤولون هذه الأحاديث بناء على عطف اقامة الصلاة على الايمان- و حاصل هذه الأحاديث ان امر الصلاة أشد من سائر الاحكام و العبادات فمن تركها فكانه كفر او المعنى انه من تركها استخفافا فقد كفر و اللّه اعلم و في فضائل الصلاة أحاديث كثيرة جدا عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ارايتم لو ان نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا هل يبقى من درنه شى ء قالوا لا يبقى من درنه شى ء قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو اللّه بهنّ الخطايا متفق عليه- و عن عبادة ابن الصامت قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خمس صلوات افترضهن اللّه تعالى من احسن وضوئهن و صلاهن لوقتهن و أتم ركوعهن و خشوعهن كان له على اللّه عهدا ان يغفر له و من لم يفعل فليس على اللّه عهد ان شاء غفر له و ان شاء عذبه رواه احمد و ابو داود و روى مالك و النسائي نحوه و هذا الحديث حجة للجمهور على ان تارك الصلاة لا يكفر و اللّه اعلم وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى عطف الخاص على العام لمزيد الاهتمام- و الوسطى تأنيث الأوسط- قال البغوي اختلف العلماء من الصحابة فمن بعدهم في الصلاة الوسطى- فقال قوم هى صلوة الفجر و هو قول عمر و ابن عمرو ابن عباس و معاذ بن جبل رضى اللّه عنهم- و به قال عطاء و عكرمة و مجاهد و اليه ذهب مالك و الشافعي- و ذهب قوم الى انها صلوة الظهر و هو قول زيد بن ثابت و ابى سعيد الخدري و أسامة لانها في وسط النهار و هى اوسط صلوات النهار و الحجة لهم ما رواه البخاري في تاريخه و احمد و ابو داود و البيهقي و ابن جرير عن زيد بن ثابت ان النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يصلى الظهر بالهاجرة و كانت أثقل الصلاة على أصحابه فنزلت حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و اخرج احمد من وجه اخر عن زيد ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يصلى الظهر بالهاجرة فلا يكون وراءه الا الصف و الصفان و الناس في قائلتهم و تجارتهم فانزل اللّه تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ الاية فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لينتهينّ رجال او لاحرقن بيوتهم قلنا هذين الحديثين لا يدلان ان صلوة الوسطى صلوة الظهر فان حافظوا على الصّلوت يشتمل الظهر- و قال الأكثرون و هو أرجح الأقوال انها صلوة العصر رواه جماعة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو قول على و ابن مسعود و ابى أيوب و ابى هريرة و عائشة رضى اللّه عنهم و به قال ابراهيم النخعي و قتادة و الحسن و هو مذهب ابى حنيفة و احمد لحديث على ان النبي صلى اللّه عليه و سلم قال يوم الأحزاب ملا اللّه بيوتهم و قبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس متفق عليه و في رواية لمسلم شغلونا عن الصلاة الوسطى صلوة العصر ملا اللّه قلوبهم و بيوتهم نارا و حديث ابن مسعود قال حبس المشركون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن صلوة العصر حتى اصفارت الشمس او احمارت الشمس فقال شغلونا عن الصلاة الوسطى ملا اللّه أجوافهم و قبورهم نارا رواه مسلم و حديث ابى يونس مولى عائشة قال أمرتني عائشة ان اكتب لها مصحفا ثم قالت إذا بلغت هذه الاية فاذنّى فلما بلغتها أذنت فاملات حافظوا على الصّلوت و الصّلوة الوسطى و صلوة العصر و قالت سمعتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رواه مسلم و حديث البراء بن عازب قال نزلت هذه الاية حافظوا على الصّلوات و الصلاة العصر فقراناها ما شاء اللّه عز و جل ثم نسخها فنزلت حافظوا على الصّلوت و الصّلوة الوسطى رواه مسلم و اخرج مالك و غيره عن عمرو بن رافع قال كنت اكتب مصحفا لحفصة زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم فاملات علىّ- حافظوا على الصّلوت و الصّلوة الوسطى و صلوة العصر و اخرج ابو داود عن عبد بن رافع قال كتبت مصحفا لام سلمة فقالت اكتب حافظوا على الصّلوة و الصّلوة الوسطى و صلوة العصر و اخرج ابو داود عن ابن عباس انه قرا كذلك و اخرج ابو داود عن ابى رافع مولى حفصة قال كتبت مصحفا فقالت اكتب حافظوا على الصّلوت و الصّلوة الوسطى و صلوة العصر فلقيت أبيّ بن كعب فاخبرته فقال هو كما قالت او ليس اشغل ما يكون عند صلوة الظهر في غنمنا و نواضحنا و اصحاب الشافعي جعلوا أحاديث عائشة و حفصة و غيرهما حجة لهم قالوا عطف صلوة العصر على صلوة الوسطى دليل على المغائرة قلنا بل هو عطف تفسيرى- و روى البغوي في تفسيره حديث عائشة بلفظ حافظوا على الصّلوت و الصلاة الوسطى صلوة العصر- بغير الواو و اللّه اعلم و قال اقبيصة ابن ذويب هى صلوة المغرب لانها وسط ليست بأقلها يعنى ثنائيا و لا باكثرها يعنى رباعيا و لم ينقل عن أحد من السلف انها صلوة العشاء و ذكر بعض المتأخرين انها صلوة العشاء لانها بين صلوتين لا تقصران- و قال بعضهم هى احدى الصلوات الخمس لا بعينها ابهمها اللّه تحريضا للعباد على المحافظة على أداء جميعها كما أخفى ليلة القدر و ساعة الجمعة و الاسم الأعظم و الظاهر من كلام الأكثر ان تخصيص صلوة الوسطى بعد التعميم لمزية لها على غيرها من الصلوات- و عندى ليس كذلك بل زيادة التأكيد و الاهتمام فيها لاجل ان وقت صلوة العصر وقت المشاغل بالسوق فروعى فيها زيادة التأكيد و الاهتمام كيلا يفوت تلك الصلاة او يتادى على وجه الكراهة بلا جماعة او في وقت مكروه فعلى هذا اى صلوة من الصلوات يكون فيها مانع عن إتيانها على وجه السنة لا بد فيها زيادة التعاهد و الاهتمام كصلوة الصبح و العشاء في الشتاء و الظهر في الصيف و العصر لاهل السوق ان كان رواج سوقهم فى ذلك الوقت و المغرب لاهل المواشي و نحو ذلك و اللّه اعلم- وَ قُومُوا للّه قانِتِينَ (٢٣٨) المراد بالقنوت السكوت عن كلام الناس لحديث زيد بن أرقم قال كنا نتكلم خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الصلاة و يكلم الرجل منا صاحبه الى جنبه حتى نزلت و قوموا للّه قنتين فامرنا بالسكوت و نهينا عن الكلام رواه الائمة الخمسة و غيرهم و اخرج ابن جرير عن مجاهد قال كانوا يتكلمون في الصلاة و كان الرجل يأمر أخاه بالحاجة فانزل اللّه تعالى وَ قُومُوا للّه قانِتِينَ و قال مجاهد المراد بالقنوت الخشوع قال و من القنوت طول الركوع و غض البصر و الركود و حفض الجناح كان العلماء إذا قام أحدهم يصلى يهاب الرحمن ان يلتفت او يقلب الحصا او يعبث بشى ء اى السكون منه ٢٧ او يحدث نفسه بشى ء من امر الدنيا الا ناسيا و قيل المراد بالقنوت طول القيام لما رواه الترمذي عن جابر قال قيل للنبى صلى اللّه عليه و سلم اى الصلاة أفضل قال طول القنوت و هذا القول ضعيف لان الأصل في الأمر الوجوب و طول القيام ليس بواجب و قال اصحاب الشافعي المراد بالقنوت دعاء القنوت لما روى عن ابن عباس قال قنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم شهرا متتابعا يدعوا على احياء من سليم و رعل و ذكوان و عصية و هذا القول ضعيف ايضا فان سياق الاية يدل على عموم القنوت في الصلوات كلها لا يختص بشهر دون شهر و لا بصلوة دون صلوة- و قد صح ان قنوت الفجر بدعة عن ابى مالك الأشجعي قال قلت لابى يا أبت قد صليت خلف النبي صلى اللّه عليه و سلم و خلف ابى بكر و خلف عمر و عثمان و علىّ هاهنا بالكوفة قريبا من خمس سنين أ كانوا يقنتون فقال اى بنى بدعة رواه احمد- و فى لفظ صليت خلف النبي صلى اللّه عليه و سلم فلم يقنت و صليت خلف ابى بكر فلم يقنت و صليت خلف عمر فلم يقنت و صليت خلف عثمان فلم يقنت و صليت خلف على فلم يقنت ثم قال اى بنى بدعة و اسم ابى مالك سعد بن طارق بن الأسلم قال البخاري طارق بن الأسلم له صحبة و اسناد هذا الحديث صحيح و في نفى قنوت الفجر تسعة أحاديث- و ما رووه في قنوت الفجر اما ضعيف و اما محمول على قنوت النوازل و الكلام طويل لا يسعه المقام- و قال الشعبي و عطاء و سعيد بن جبير و الحسن و قتادة و طاءوس القنوت الطاعة قال اللّه تعالى امّة قانتا اى مطيعا قال الكلبي و مقاتل لكل اهل دين صلوة يقومون فيها عاصين فقوموا أنتم فى صلاتكم قانتين اى مطيعين- و قيل معناه مصلين كقوله تعالى أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ اى مصل- و قيل القنوت الذكر اى ذاكرين له تعالى في القيام- و الأظهر هو المعنى الاول فان حديث زيد بن أرقم اصرح في المراد و أصح بخلاف غير ذلك فانها احتمالات لا يصادم المسموع. |
﴿ ٢٣٨ ﴾