٢٥٨

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ تعجيب من محاجة نمرود و حماقته

قال البغوي هو أول من وضع التاج على رأسه و تجبر في الأرض و ادّعى الربوبية

أَنْ اى لان آتاهُ اللّه الْمُلْكَ فطغى اى كان محاجته لاجل بطر الملك و طغيانه- او أسند المحاجة الى إيتاء الملك على طريقة العكس يعنى كان الواجب عليه الشكر فعكس كما يقال عاديتنى لانى أحسنت إليك- او المعنى وقت ان أتى اللّه الملك و هو حجة على منع إيتاء الملك الكافر من المعتزلة

قال البغوي ملك الأرض اربعة مؤمنان و كافران سليمان و ذو القرنين و نمرود و بخت نصر قيل لما كسر ابراهيم الأصنام سجنه نمرود ثم أخرجه ليحرقه فقال من ربك الذي تدعونا اليه- و قيل كان هذا بعد القائه في النار قحط الناس فكانوا يمتارون من عند نمرود فكان نمرود إذا أتاه رجل ساله من ربك فان قال أنت باع منه الطعام فاتاه ابراهيم فقال من ربك قال ربّى الّذى يحيى و يميت فحاجه و لم يعطه شيئا فرجع ابراهيم فمر على كثيب من رمل فاخذ منه تطيبا لقلوب اهله فلما اتى اهله و وضع متاعه نام- فقامت امرأته الى متاعه ففتحته فاذا هو أجود طعام فصنعت له منه فقرّبت اليه فقال من اين هذا؟ قالت «١» من الطعام الذي جئت به فحمد اللّه تعالى

إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ ظرف لقال انا احيى و أميت- و هو بيان لحاج- او هو استيناف في جواب سوال مقدر كانه قيل كيف حاج او الظرف متعلق لحاجّ و قال بيان له او استيناف- او الظرف بدل من ان آتاه اللّه الملك ان كان المصدر مقدرا بالوقت

رَبِّيَ قرا حمزة بإسكان الياء وصلا و وقفا و كذا في رَبِّيَ الْفَواحِشَ- و عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ- و قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ و آتانِيَ الْكِتابَ- و مَسَّنِيَ الضُّرُّ- و عِبادِيَ الصَّالِحُونَ- و عِبادِيَ الشَّكُورُ- و مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ- و إِنْ أَرادَنِيَ «٢» اللّه و إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللّه- و وافقه ابن عامر و

(١) فى الأصل قال- ٢ ابو محمد.

(٢) فى الأصل إرادتي-.

الكسائي في لعبادى الّذين أمنوا- و ابن عامر في آياتي الّذين و و فتح الآخرون كلها

الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ جواب لقول نمرود من ربك الذي تدعونا اليه استدل ابراهيم عليه السلام على وجود الصانع الواجب الوجود بالآثار الدالة عليه من الاحياء

و الاماتة المشهودتين في عالم الإمكان- و نمرود لعله كان دهريا غبيا يزعم الحوادث بالاتفاق كما يزعمه الدهريون- و يزعم ان ذوى العقول من الممكنات خالقة لافعالها كما يزعمه المعتزلة و الروافض- فدعا برجلين فقتل أحدهما و استحيى الاخر

و قالَ نمرود أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ قرا اهل المدينة انا بإثبات الالف و المد في الوصل إذا تلقتها همزة متحركة- و الباقون بحذف الالف و وقفوا جميعا بالألف فلما راى ابراهيم غباوته عن الاستدلال بالحوادث المعتادة

قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللّه يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ يعنى و هو قادر على ان يأتيها من المغرب او كيف يشاء

فَأْتِ بِها أنت مِنَ الْمَغْرِبِ ان كنت تزعم انك قادر على ما تفعل و تنكر الواجب فان الممكنات كلها سواء في الخلق

فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ اى تحير و دهش و انقطعت حجته- لما راى انه لو سال ابراهيم ربه فربه يأتى بالشمس من المغرب كما جعل النار عليه بردا و سلاما

وَ اللّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨) و ان يروا كلّ اية حتّى يروا العذاب الأليم.

﴿ ٢٥٨