٢٦٥ وَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّه اى لطلب رضائه وَ تَثْبِيتاً للاسلام و تصديقا بما وعده اللّه من الجزاء و احتسابا- و يحتمل ان يكون معناه تثبيتا للمال فان الباقي من المال ما ينفعه في الاخرة و ما سوى ذلك هالك عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ايّكم مال وارثه أحب اليه من ماله- قالوا يا رسول اللّه ما منا أحد الا ماله أحب اليه من مال وارثه قال فان ماله ما قدم و مال وارثه ما اخر- رواه البخاري و عن عائشة قالت انهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم ما بقي منها قالت ما بقي منها الا كتفها قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بقي كلها غير كتفها رواه الترمذي و صححه مِنْ أَنْفُسِهِمْ من للابتداء متعلق بالتثبيت يعنى تثبيت الايمان و التصديق او المال يبتدى من نفسه- او للتبعيض و يكون ظرفا مستقرا صفة لمفعول محذوف اى تثبيتا شيئا من أنفسهم على الايمان فان للنفس قوى بعضها مبدأ لبذل المال و بعضها مبدأ لبذل الروح و المال شقيق الروح فمن بذل المال لوجه اللّه فقد ثبّت بعض نفسه على الايمان و من بذل المال و الروح جميعا فقد ثبت كل نفسه عليه قال البيضاوي فيه تنبيه على ان حكمة الانفاق للمنفق تزكية النفس عن البخل و حب المال قلت و من ثم قال ابو حنيفة لا يجب الزكوة في مال الصبى حتى يؤديها الولي لان الحكمة فيها ابتلاء المكلف ببذل ما هو شقيق الروح ابتغاء مرضات اللّه تعالى و ذا لا يحصل بأداء الولي كَمَثَلِ جَنَّةٍ اى بستان بِرَبْوَةٍ قرا ابن عامر و عاصم هاهنا و الى ربوة في سورة المؤمنين بفتح الراء و الباقون بالضم و هما لغتان و هى المكان المرتفع المستوي الذي تجرى فيه الأنهار فلا يعلوه الماء و لا يعلوا عن الماء و انما قيد الجنة بهذه لان شجرها يكون احسن و ازكى أَصابَها وابِلٌ مطر عظيم القطر فَآتَتْ اعطت أُكُلَها قرا نافع و ابن كثير و ابو عمرو بإسكان الكاف للتخفيف و الباقون بالضم يعنى ثمرتها ضِعْفَيْنِ نصبه على الحال اى مضاعفا و مثلى ما كانت تثمر بلا وابل فالمراد بالضعف المثل كما أريد بالزوج فى قوله تعالى زوجين اثنين و قيل اربعة أمثاله اى مضاعفا بتضعيفين فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ أصابها او فاصابها طل أتت أكلها على قدر و على كلا التقديرين إصابة الوابل و عدمه لا تضيع تلك الجنة او المعنى فطل يكفيها لكرم منبتها و برودة هوائها- و الطل هو المطر صغير القطر- و معنى الاية اما بتقدير المضاف يعنى مثل نفقات الذين ينفقون كمثل جنة فكما ان تلك الجنة لا يضيع كذلك نفقات المؤمن لا يبطل بل اما ان ينضم اليه امور توجب تضاعف الاجر فحينئذ تضاعفت الأجود الى ما شاء اللّه تعالى او لا فحينئذ لا يبطل اصل العمل و يوجب الاجر- و اما بغير تقدير يعنى مثل المؤمن الذي ينفق كمثل جنة يعنى كما ان الجنة تثمر على حسب الوابل كذلك المؤمن المنفق يؤجر على حسب النفقة قل او كثر لا يضيع منها شي ء وَ اللّه بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥) هذه الجملة يتعلق بكلا الفريقين الذين يبطلون صدقاتهم بالمن و الأذى او ينفقون أموالهم رئاء الناس و الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات اللّه ففيه تحذير و ترغيب. |
﴿ ٢٦٥ ﴾