٧

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ اى القران مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ التي أحكمت و أتقنت عباراتها بحيث لا يشتبه على سامع عالم باللغة منطوقه و لا مفهومه و لا مقتضاه اما بلا تأمل كقوله تعالى قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ و قوله تعالى وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ و قوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ و اما بعد طلب و تأمل من غير حاجة الى بيان من الشارع كقوله تعالى السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ يظهر شموله للطرّار بأدنى تأمل لوجود معنى السرقة فيه مع زيادة و عدم شموله للنباش لنقصان معنى السرقة فيه فان السرقة أخذ مال مملوك لغيره على سبيل الخفية و كفن الميت غير مملوك لاحد فان الميت باعتبار احكام الدنيا ملحق بالجماد لا يصلح للمالكية و حق الورثة لا يتعلق الا بعد التكفين و كقوله تعالى وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فانه بعد التأمل يظهر انه معطوف على المغسولات لضرب الغاية فيه و قوله تعالى ثَلاثَةَ قُرُوءٍ فانه بعد التأمل يظهر ان المراد به الحيضات دون الاطهار لان الطلاق مشروع فى الطهر فلا يتصور عدد الثلاثة بلا نقصان او زيادة الا فى الحيضات و قوله تعالى قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ يظهر بالتأمل ان المراد كون صفائها كصفاء القوارير كائنا من جنس الفضة فعلى هذا دخل فى المحكم الظاهر و النص و المفسر و المحكم و الخفي و المشكل على اصطلاح الأصوليين و ما ذكرنا من تفسير المحكم هو للمستفاد من قول ابن عباس و هو المعنى من قول محمد بن جعفر بن الزبير ان المحكم ما لا يحتمل من التأويل غير وجه واحد و ما قيل المحكم ما يعرف معناه و يكون حجة واضحة و دلائله لائحة هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ قال فى القاموس الام الوالدة و أم كل شى ء أصله و عماده و للقوم رئيسهم و كل شى ء انضمت اليه أشياء قلت الكتاب هاهنا اما بمعنى المكتوب اى المفروض كما فى قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ فالاضافة بمعنى اللام و الام بمعنى الوالدة او الأصل يعنى المحكمات هن والدات و اصول لما كتب علينا إتيانه او الكف عنه من الفرائض و المحرمات- و اما بمعنى القران فالاضافة حينئذ اما بمعنى من يعنى انها أم للاحكام من الكتاب يؤخذ منها الاحكام بلا حاجة بيان من الشارع و اما بمعنى اللام و المعنى انها عماد للقران و بمنزلة رئيس القوم لسائر الآيات يحتاج إليها غيرها و يضم إليها حتى يستفاد من غيرها المراد منها يردها الى المحكمات و كان القياس ان يقال أمهات الكتاب لكن أورد لفظ المفرد ليدل على ان المحكمات كلها بمنزلة أم واحدة لان الاحكام المفروضة تؤخذ من جميعها لا من كل واحدة منها و كذا مرجع المتشابهات الى مجموعها باعتبار بعضها لا الى كل واحدة منها وَ آيات أُخَرُ جمع اخرى معدول من الاخر او اخر من و لذا منع من الصرف للعدل و الوصف مُتَشابِهاتٌ التي يشتبه على السامع العارف باللغة المراد منه بحيث لا يدرك بالطلب و لا بالتأمل الا بعد بيان من الشارع بعبارة محكمة فان وجد البيان و التعليم من جهة الشارع و ظهر المراد منها سميت مجملا على اصطلاح الأصوليين كالصلوة و الزكوة و الحج و العمرة و اية الربوا و نحو ذلك و ان لم يوجد البيان و التعليم سميت حينئذ متشابها على اصطلاحهم و لا يجوز هذا القسم الا فيما لا يتعلق به العمل كيلا يلزم التكليف بما لا يطاق و ذلك كالمقطعات القرآنية و قوله تعالى يَدُ اللّه فَوْقَ أَيْدِيهِمْ و الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى و قد يظهر مراد تلك القسم من الآيات على بعض العرفاء بتعليم من اللّه تعالى بالإلهام كما عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها و اقتباس أنوار النبوة بعد شرح الصدر و ان كان ذلك المراد أحيانا بحيث لا يمكن تعليمه و تعلمه باللسان لعدم شمول خزينة العلم من العوام على مراده و لا على العلم بوضع لفظ بإزائه- و اما ما يتعلق به التكليف فلا يجوز تأخير بيانه عن وقت الحاجة كيلا يلزم التكليف بما لا يطاق-

فان قيل قال اللّه تعالى الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ و قال فى موضع اخر كتبا متشابها فكيف فرق هاهنا فقال مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ ...- وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ

قلنا حيث جعل القران كله محكما فمعناه انه متقن محفوظ عن فساد المعنى و دكاكة اللفظ لا يستطيع أحد معارضته و الطعن فيه- و حيث جعل كله متشابها أراد ان بعضه يشبه بعضا فى الحسن و الكمال- و فرق هاهنا من حيث وضوح المعنى و خفائه- فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ اى ميل عن الحق قال الربيع هم وفد نجران خاصموا النبي صلى اللّه عليه و سلم فى عيسى عليه السلام و قالوا له ا لست تزعم انه كلمة اللّه و روح منه قال بلى قالوا «١» حسبنا فانزل اللّه تعالى هذه الاية و قال الكلبي هم اليهود طلبوا علم أجل هذه الامة و استخراجه بحساب الجمل قال ابن عباس انّ رهطا من اليهود منهم حيى بن اخطب و كعب بن الأشرف و نظراؤهما أتوا النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال حيى بلغنا انه انزل عليك الم فننشدك اللّه انزل عليك قال نعم قال فان كان ذلك حقا فانى اعلم مدة تلك أمتك هى احدى و سبعون سنة فهل انزل غيرها قال نعم المص قال فهذه اكثر هى احدى و ستون و مائة سنة فهل غيرها قال نعم الر قال هذه اكثر هى مائتين و احدى و ثلاثون سنة فهل غيرها قال نعم المر قال هذه اكثر و هى مائتان واحدي و سبعون سنة و لقد خلطت علينا فلا ندرى ا بكثيره نأخذ أم بقليلة و نحن مما لا نؤمن بهذا فانزل اللّه تعالى هذه الاية و قال ابن جريح هم المنافقون و قال الحسن هم الخوارج كذا اخرج احمد و غيره عن ابى امامة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم- و كان قتادة إذا قرا هذه الاية فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ قال ان لم يكونوا الحرورية و السابية فلا أدرى من هم و قيل هم جميع المبتدعة و الصحيح ان اللفظ عام لجميع من ذكر و جميع اصناف المبتدعة عن عائشة قالت تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هذه الاية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ الى قوله أُولُوا الْأَلْبابِ قالت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فاذا رايت الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى اللّه فاحذروهم رواه البخاري- و عن ابى مالك الأشعري انه سمع النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول ما أخاف على أمتي الا ثلاث خلال و ذكر منها ان يفتح لهم الكتاب فيأخذه يبتغى تأويله و ليس «٢» يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللّه وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ

(١) فى الأصل قال.

(٢) و فى القران وَ ما يَعْلَمُ.

يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اى يتعلقون بالمتشابه الذي يحتمل ما يذهب اليه المبتدع تبعا لهواه من غير رجوع الى المحكمات من الآيات و الأحاديث و بلا حملها على ما يطابقها من المحكمات او السكوت مع الايمان و التسليم بمرادها- فالواجب رد المتشابهات الى المحكمات مهما أمكن حتى يتبين مراد المجمل فيعمل به كما فى الصلاة و الزكوة و الربوا او السكوت عن تأويله مع الايمان بها و التسليم بمرادها- فلما ثبت بإجماع الامة و محكم نصوص الأحاديث المتواترة ان المؤمنين يرون اللّه سبحانه فى الاخرة كما يرون القمر ليلة البدر فلا بد ان يؤمن به و يقول المراد بالروية و النظر فى قوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ هى النظر بالبصر و ما لم يثبت كذلك كما فى قوله تعالى يَدُ اللّه فَوْقَ أَيْدِيهِمْ و الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى يسكت فيه مؤمنا به و لا يحمل على ظاهره و يتبع المحكم من قوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ فيقول بكونه تعالى منزها عن صفات الممكنات و لا يتعب نفسه فى تأويل المقطعات فانه غير ماذون فيه ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ منصوب على العلية من قوله فيتّبعون «١» اى يفعلون ذلك لطلب ان يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك «٢» و التلبيس و مناقضة المحكم بالمتشابه و هذا وظيفة المنافقين كما حكى ان بعض اليهود لما راوا «٣» دولة الإسلام و استعلاءه حسدوا على ذلك و تيقنوا ان ذلك التأييد من اللّه تعالى للمسلمين لاجل دينهم فنافقوا و دخلوا فى الإسلام ظاهرا و اتبعوا المتشابهات بتأويلات زائغة و أظهروا المذاهب الباطلة فصاروا حرورية و معتزلة و روافض و نحو ذلك ابتغاء الفتنة وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ عطف على ابتغاء الفتنة اى طلبوا ان

(١) فى الأصل يبتعون. [.....].

(٢) اخرج الدارمي عن عمر بن الخطاب قال انه سيأتيكم ناس يجادلونكم بشبهات القران فخذوهم بالسنن فان اصحاب السنن اعلم بكتاب اللّه و عن ابى هريرة قال كنا عند عمر بن الخطاب إذ جاءه رجل يسئل عن القران ا مخلوق هو او غير مخلوق فقام عمر فاخذ بمجامع ثوبه حتى قاده الى على بن ابى طالب فقال يا أبا الحسن اما تسمع ما يقول هذا قال و ما يقول قال جاءنى يسئل عن القران ا مخلوق هو او غير مخلوق فقال على هذه كلمة سيكون لها ثمرة و لو وليت من الأمر ما وليت ضربت عنقه

و اخرج الدارمي عن سليمان بن يسار ان رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسئل من متشابه القران فارسل اليه عمر و قدا عدله عراجين النخل قال له و من أنت قال انا عبد اللّه صبيغ فقال انا عبد اللّه عمر فاخذ عرجونا من تلك العراجين فضرب به حتى دمئ رأسه فقال يا امير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجدني رأسى و عن ابى عثمان النهدي ان عمر كتب الى بصرة ان لا تجالسوا صبيغا- قال فلو جاء و نحن مائة لتفرقنا و عن محمد بن سيرين قال كتب عمر بن الخطاب الى ابى موسى الأشعري بان لا تجالس صبيغا و ان تحرم عطاءه و رزقه قال الشافعي حكمى فى اهل الكلام حكم عمر فى صبيغ ان يضربوا بالجريد و يحملوا على الإبل و يطاف بهم فى العشائر و القبائل و ينادى عليهم هذا جزاء من ترك الكتاب و السنة و اقبل على علم الكلام- منه رحمه اللّه.

(٣) فى الأصل راى- ابو محمد عفا اللّه عنه.

يأولوه على ما يشتهونه و قد يكون ابتغاء التأويل بناء على الجهل فقط و ذلك من بعض المتأخرين من المبتدعة و اما من الأوائل المنافقين منهم فكان الداعي على اتباع المتشابهات غالبا مجموع الطلبين وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ اى بيان المتشابه من الآيات على ما هو المراد منه عند اللّه تعالى إِلَّا اللّه اى لا يجوز ان يعلمه غيره تعالى الا بتوقيف منه و لا يكفى لمعرفته العلم بلغة العرب- فالحصر إضافي نظيره

قوله تعالى لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللّه- يعنى لا يعلم الغيب غيره تعالى الا بتوقيف منه- فهذه الاية لا تدل على ان النبي صلى اللّه عليه و سلم و بعض الكمل من اتباعه لم يكونوا عالمين بمعاني المتشابهات- كيف و قد

قال اللّه تعالى ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ فانه يقتضى ان بيان القران محكمه و متشابهه من اللّه تعالى للنبى صلى اللّه عليه و سلم واجب ضرورى لا يجوز ان يكون شى ء منها غير مبين له عليه السلام و الا يخلوا الخطاب عن الفائدة و يلزم الخلف فى الوعد- و الحق ما حققناه فى أوائل سورة البقرة ان المتشابهات هى اسرار بين اللّه تعالى و بين رسوله صلى اللّه عليه و سلم لم يقصد بها إفهام العامة بل إفهام الرسول و من شاء افهامه من كمل اتباعه بل هى مما لا يمكن بيانها للعامة و انما يدركها أخص الخواص بعلم لدنى مستفاد بنوع من المعية الذاتية او الصفاتية الغير المتكيفة-

وَ الرَّاسِخُونَ اى الذين رسخوا اى ثبتوا و تمكنوا فِي الْعِلْمِ بحيث لا تعترضه شبهة و هم اهل السنة و الجماعة الذين عضوا بالنواجذ على محكمات الكتاب و السنة و اقتفوا فى تفسير القران اجماع السلف الصالح من الصحابة و التابعين الذين هم خيار الامة ورد و المتشابهات الى المحكمات و تركوا الأهواء و التلبيسات- و قيل الراسخون فى العلم مؤمنوا اهل الكتاب-

قلت لا وجه لتخصيصهم- و قالت الصوفية العلية الراسخون فى العلم هم المنسلخون عن الهواء بالكلية بفناء القلب و النفس و العناصر المتفوضون فى التجليات الذاتية حيث لا يعتريهم شبهة المترنمون بما قالوا لو كشفت الغطاء ما ازددت يقينا اخرج الطبراني و غيره عن ابى الدرداء ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سئل عن الراسخين فى العلم قال من برّت يمينه و صدق لسانه و استقام قلبه و عفف بطنه و فرجه فذلك من الراسخين فى العلم قلت هذا شأن الصوفية ثم اختلف العلماء فى نظم هذه الاية فقال قوم الواو للعطف و المعنى ان تأويل المتشابه يعلمه اللّه و يعلمه الراسخون فى العلم فعلى هذا قوله تعالى يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ حال منهم يعنى قائلين امنّا نظيره قوله تعالى لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ الى ان قال وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ ثم قال وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ و هذا قول مجاهد و الربيع- و روى عن ابن عباس انه كان يقول فى هذه الاية انا من الراسخين فى العلم و عن مجاهد انا ممن يعلم تأويله- و ذهب الأكثرون الى ان الواو للاستيناف و تم الكلام عند قوله وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللّه فعلى هذا الراسخون فى العلم مبتدا و ما بعده خبره و هو قول أبيّ بن كعب و عائشة و عروة بن الزبير و رواية طاءوس عن ابن عباس و به قال الحسن و اكثر التابعين و اختاره الكسائي و الفراء و الأخفش و مما يؤيد هذا القول قراءة عبد اللّه بن مسعود ان تأويله الّا عند اللّه و الرّاسخون فى العلم يقولون امنّا به و قراءة أبيّ بن كعب و يقول الرّاسخون فى العلم امنّا به و من هاهنا قال عمر بن عبد العزيز انتهى علم الراسخين فى العلم بتأويل القران الى ان قالوا أمنا به كُلٌّ من المحكم و المتشابه و الناسخ و المنسوخ و ما علمنا المراد منه و ما لم نعلم مِنْ عِنْدِ رَبِّنا قلت فحال الراسخين فى العلم يبائن حال الزائغين قلوبهم من الأهواء المتبعين الآراء كلّما أضاء لهم و وافق النصوص آراءهم مشوا فيه و أمنوا به وَ إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ تأويلات النصوص و لم يوافق آراءهم قاموا و لم يؤمنوا به

قال البغوي هذا القول أقيس فى العربية و أشبه بظاهر الاية يعنى القول باستيناف الكلام و عدم العطف قلت وجه كون هذا القول أقيس و أشبه ان الاستثناء من النفي اثبات بإجماع اهل العربية و اللام فى الراسخون للاستغراق فلو كان قوله الراسخون فى العلم معطوفا على اللّه لزم ان يعلم تأويل المتشابهات كل راسخ فى العلم و ليس كذلك على ما يشهده البداهة و الرواية وَ ما يَذَّكَّرُ أصله يتذكر اى ما يتعظ بما فى القران إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ (٧) ذووا العقول السليمة فان سلامة العقل يقتضى ان يفوضوا ما لا علم لهم به الى المتكلم العليم الحكيم و لا يقعوا فى الجهل المركب و هم فى كل واد يهيمون- قالت الأكابر لا أدرى نصف العلم-.

﴿ ٧