١٣

قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ الخطاب لليهود على تقدير كون الاية السابقة فيهم يعنى قد كانت لكم يا معشر اليهود اية اى دليل «١» واضح على صدق ما أقول لكم انكم ستغلبون او خطاب للمشركين على تقدير كون الاية فيهم يعنى قد كانت لكم يا معشر الكفار اية معجزة و دليل «٢» على النبوة فِي فِئَتَيْنِ اى فرقتين انما يقال الفرقة فئة لان فى الحرب يفى ء بعضهم الى بعض الْتَقَتا يوم بدر للقتال فِئَةٌ مؤمنة يعنى رسول اللّه و أصحابه تُقاتِلُ العدو فِي سَبِيلِ اللّه فى طاعة اللّه كانوا ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا سبع و سبعون رجلا من المهاجرين و صاحب رأيتهم على بن ابى طالب و هو الصحيح و قيل مصعب بن عمير و مائتان و ستة و ثلاثون من الأنصار و صاحب رأيتهم سعد بن عبادة و كان فيهم سبعون بعيرا و فرسان فرس لمقداد «٣» بن عمرو فرس لمرثد بن ابى مرثد و أكثرهم رجالة و كان معهم من السلاح ست اذرع و ثمانية سيوف و فئة أُخْرى كافِرَةٌ و هم مشركوا مكة

(١) فى الأصل دليلا واضحا.

(٢) فى الأصل دليلا.

(٣) فى الأصل للمقداد.

كانوا تسعمائة و خمسين رجلا من المقاتلة رأسهم عتبة بن ربيعة بن عبد الشمس و فيهم مائة فرس و كانت حرب بدر أول مشهد شهده رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعد الهجرة بثمانية عشر شهرا فى رمضان سنه يَرَوْنَهُمْ قرا نافع و ابو جعفر- ابو محمد و يعقوب بالتاء على الخطاب فان كان الخطاب لليهود فالمعنى يا معشر اليهود ترونهم يعنى كفار مكة مِثْلَيْهِمْ اى مثلى المسلمين و ذلك ان جماعة من اليهود حضروا قتال بدر لينظروا على من يكون الدبرة فراوا المشركين مثلى عدد المسلمين و راوا النصرة مع ذلك للمسلمين

فان قيل كيف قال مثليهم و هم كانوا ثلاثة أمثالهم

قلنا لعل المراد كثرتهم و تكرار أمثالهم دون التثنية كما فى قوله تعالى ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يعنى كرة بعد اخرى- و ان كان الخطاب للمشركين فالمعنى ترونهم يا معشر الكفار اى المسلمين مثليهم و ذلك حين القتال و لا تناقض بين هذا و بين قوله تعالى فى سورة الأنفال وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لانهم قلّلوا فى أعينهم قبل القتال حتى اجترءوا عليهم فلما تلاقوا و شرعوا فى الحرب كثر المسلمون فى أعينهم حتى جبنوا و غلبوا

و قرا الجمهور بالياء على الغيبة و على هذا فالضمير المرفوع جاز ان يكون راجعا الى المشركين و المعنى يرى المشركون المسلمين مثلى المشركين او مثلى المسلمين و جاز ان يكون راجعا الى المسلمين يعنى يرى المسلمون المشركين مثلى المسلمين حيث قللّهم اللّه تعالى فى أعينهم حتى راوهم مثلى أنفسهم مع كونهم ثلاثة أمثالهم ليثبتوا لهم و تيقنوا بالنصر الذي وعدهم اللّه تعالى فى قوله فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ثم قللّهم اللّه تعالى حتى راوهم مثل عدد أنفسهم قال ابن مسعود نظرنا الى المشركين فرايناهم يضعّفون علينا ثم نظرنا إليهم فما رايناهم يزيدون علينا رجلا واحدا ثم قللّهم اللّه تعالى ايضا فى أعيننا حتى رايناهم عددا يسيرا اقل من أنفسنا حتى قلت لرجل الى جنبى نراهم سبعين قال أراهم مائة و الروية هاهنا بمعنى العلم حتى يكون مثليهم مفعولا ثانيا له إذا المعنى لا يساعد كونه حالا فعلى هذا قوله تعالى رَأْيَ الْعَيْنِ مبنى على المبالغة فى علمهم بكونهم مثليهم و تشبيه لهذا العلم بالعلم الحاصل بروية العين فاطلق رأى العين و أريد به العلم الحاصل به مجازا تسمية المسبب باسم السبب فهو منصوب على المصدرية و جاز ان يكون منصوبا بنزع الخافض اى كرأى العين وَ اللّه يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكر من التقليل و التكثير و غلبة القليل عديم القدرة على الكثير شاكى السلاح لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (١٣) اى لذوى العقول- و قيل لمن راى الجمعين-.

﴿ ١٣