١٤ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الزين ضد الشين و هو كون الشي ء ذا حسن و جمال مستحقا للمدح محبوبا و ذا قد يكون بصفات نفسانية كالعلم و العقل و نحو ذلك او بدنية كالقوة و القامة و حسن المنظر او خارجية كاللباس و المركب و المال و الجاه- و التزيين جعل الشي ء كذلك اما فى الحقيقة كما فى قوله تعالى زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ او فى اعتقاد من زين له سواء كان الاعتقاد مطابقا للواقع كما فى قوله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ او غير مطابق له كما فى قوله تعالى زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ و الشهوة هى توقان النفس و كمال رغبتها الى الشي ء و المراد بالشهوات هاهنا المشتهيات فانها هى المزينات المحبوبات حقيقة لكن سميت بالشهوات و جعل موردا لتزيين حب الشهوات دون أنفسها مبالغة فى التوبيخ و ايماء على انهم انهمكوا فى محبتها حتى أحبوا شهواتها بل حب شهواتها كانّ تقدير الكلام حبب الى الناس حب محبة النساء و نحوها نظيره أحببت حبّ الخير و قال صاحب الكشاف سميت شهوات مبالغة فى التنفير عنها لان الشهوات علم فى الخسة شاهد على البهيمية إذ المقام مقام التنفير عنها و الترغيب فيما عند اللّه و قال بعض الأفاضل بل مبالغة فى التحذير عن مخالطتها و كمال التوجه إليها فانها لكمالها فى كونها مشتهيات تشغل اللاهي بكليته الى أنفسها و تقطعه عما عند اللّه و المزين هو اللّه تعالى لانه الخالق للجواهر و الاعراض و الافعال الاختيارية للعباد و الدواعي كلها- و لعله زينه ابتلاء «١» قال اللّه تعالى إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا و لكونه سببا لمجاهدة المؤمنين و باعثا لشكر النعمة و وسيلة الى السعادة الاخروية و موجبا لفضل البشر على الملائكة- و سببا لخذلان الكافرين و موجبا لاضلالهم يضلّ من يشاء و يهدى من يشاء و ايضا فى التزيين حكمة التعيش و بقاء النوع قال اللّه تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّه الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ و قيل المزين هو الشيطان فان الاية فى معرض الذم و قد نسب اللّه تعالى تزيين الأشياء تارة الى نفسه باعتبار الخلق حيث قال كذلك زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ و زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ و زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ و تارة (١) همه انداز من بتوانيست كه تو طفلى و جامه رنگين است : منه رح. الى الشيطان باعتبار كسبه إلقاء الوسوسة فى القلوب و الإلهاء حيث قال إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ و قوله لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ و زيّن لهم الشّيطن أعمالهم فصدّهم عن السّبيل مِنَ النِّساءِ وَ الْبَنِينَ وَ الْقَناطِيرِ جمع قنطار و هو المال الكثير بعضه على بعض سمى قنطارا من الاحكام يقال قنطرت الشي ء إذا أحكمته و منه سميت القنطرة- و قال معاذ بن جبل الف و مائتا اوقية و قال ابن عباس الف و مائتا مثقال او اثنا عشر الف درهم او الف دينار و قال سعيد بن جبير و عكرمة هو مائة الف و مائة منّ و مائة رطل و مائة مثقال و مائة درهم و عن السدى اربعة آلاف مثقال و قال الحكم القنطار ما بين السماء و الأرض و قيل ملا مسك ثور «١» و اختلف فى انه فعلال او فنعال الْمُقَنْطَرَةِ مأخوذة من القنطار للتأكيد كقولهم بدرة مبدرة يعنى الكثيرة المنضمة بعضها الى بعض و قال الضحاك المحصنة المحكمة و قال يمان المدفونة و قال السدىّ المضروبة و قال الفراء المضعفة فالقناطير أريد به جمع القنطار و بالمقنطرة جمع الجموع مِنَ الذَّهَبِ قيل سمى به لانه يذهب وَ الْفِضَّةِ قيل سمى بها لانها تنفض اى تتفرق وَ الْخَيْلِ جمع فرس لا واحد له من لفظه الْمُسَوَّمَةِ قال مجاهد يعنى المطهمة الحسان اى محكم الخلق حسن الجمال و تسويمها حسنها و قال سعيد بن جبير هى الراعية اى السائمة و قال الحسن و ابو عبيدة هى المعلمة من السيماء اى العلامة ثم منهم من قال سيماها الشية و اللون و هو قول قتادة و قيل الكي وَ الْأَنْعامِ جمع نعم و النعم جمع لا واحد له من لفظه و يطلق على الإبل و البقر و الغنم و قال ابو حنيفة رحمه اللّه يطلق على الدواب الوحشي ايضا و لذا فسر قوله فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ اى مثل ما قتل من النعم الوحش وَ الْحَرْثِ اى الزرع ذلِكَ المذكورات مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا اى يتمتع بها فى الدنيا ثم يفنى وَ اللّه (١) اخرج الحاكم و صححه عن انس عنه صلى اللّه عليه و سلم قال القنطار الف اوقية .. و اخرج احمد و ابن ماجة عن ابى هريرة عنه صلى اللّه عليه و سلم قال اثنا عشر الف اوقية- منه رح. عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤) اى المرجع الحسن الذي كانه عين الحسن ففيه كمال التحريض على استبدال ما فى الدنيا من الشهوات الفانية بما عند اللّه من المستلذات القوية «٢» الباقية-. (٢) عن قتادة فى هذه الاية ذكر لنا ان عمر بن الخطاب كان يقول اللّهم زينت لنا الدنيا و انبأتنا ان ما بعدها خير منها فاجعل حظنا فى الذي هو خير و أبقى- منه رح. |
﴿ ١٤ ﴾