١٧ الصَّابِرِينَ على خلاف النفس مانعيها عن الجزع فى المصائب و عن اتباع الشهوات و الرذائل حابسيها على الطاعات و الفضائل وَ الصَّادِقِينَ فى المقال و ادعاء الأحوال و جميع الدعاوى و الروايات و الشهادات- و اصدق الصدق شهادة ان لا اله الا اللّه و ان محمدا عبده و رسوله وَ الْقانِتِينَ الدائمين على الطاعات المشتغلين باللّه تعالى وَ الْمُنْفِقِينَ أموالهم فى مرضات اللّه- فاستوعب الكلام انواع الطاعات من الأخلاق و الأقوال و الأعمال البدنية و المالية وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (١٧) يعنى انهم مع ما هم فيه من الطاعات الظاهرة و الباطنة خائفون من اللّه يعترفون على أنفسهم بالتقصير فيستغفرون منه كيف لا و ان العباد لا يمكن ان يعبدوا كما ينبغى لكبريائه و عظمته- بل العبد إذا لاحظ الى انّ أفعاله مخلوقة للّه تعالى و انه تعالى منّ عليه بتوفيقه لعبادته و ارتضاه لنفسه حيث لم يتركه الى غيره علم ان كل ما صدر منه ان كان قابلا للقبول فهو مستوجب للشكر و الامتنان و لا يتصور أداء شكر نعمائه الا ان يتغمده اللّه بمغفرته و رضوانه يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا- «١» بَلِ اللّه يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ و خص الاسحار بالاستغفار لكونها اقرب للاجابة عن ابى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ينزل اللّه تعالى الى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل فيقول انا الملك من ذا الذي يدعونى فاستجيب له من ذا الذي يسئلنى فاعطيه من ذا الذي يستغفرنى فاغفر له متفق عليه و فى رواية لمسلم ثم يبسط يديه و يقول من يقرض غير عدوم و لا ظلوم حتى ينفجر الفجر قال البغوي حكى عن الحسن ان لقمان قال لابنه يا بنى لا تكونن أعجز من هذا الديك يصوت (١) و فى القران بعد أَنْ أَسْلَمُوا- قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللّه إلخ-. بالأسحار و أنت نائم على فراشك و عن زيد بن اسلم انه قال هم الذين يصلون الصبح فى الجماعة و قيد بالسحر لقربه من الصبح و قال الحسن مدوا الصلاة الى السحر ثم استغفروا قال نافع كان ابن عمر يحيى الليل ثم يقول يا نافع اسحرنا فاقول لا فيعاود الصلاة فاذا قلت نعم قعد يستغفر اللّه و يدعو حتى يصبح و توسيط واو العطف دليل على استقلال كل واحدة منها فى الكمال و كمالهم فيها او لتغائر الموصوفين بها فالصابرون الصوفية اصحاب القلوب و النفوس الزاكية و الغزاة و الشهداء و الصادقون العلماء الناطقون بالروايات الصادقة و القانتون الزهاد المصلون بطول القنوت الداعون اللّه خوفا و طمعا و المنفقون الأغنياء الصالحون من المؤمنين يكتسبون الأموال من الوجوه المباحة و ينفقونها فى سبيل اللّه و المستغفرون بالأسحار الذين يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ عن ابى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الذي نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب اللّه بكم و لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون اللّه فيغفر لهم رواه مسلم- و روى احمد و ابو يعلى من حديث ابى سعيد نحوه- قدم اللّه سبحانه فى الذكر الا فضل فالافضل-. |
﴿ ١٧ ﴾