٢٨ لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ نهوا عن موالاتهم بقرابة او صداقة و نحو ذلك او عن الاستعانة بهم فى الغزو و سائر الأمور الدينية مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ فيه اشارة الى ان ولايتهم لا يجتمع ولاية المؤمنين لاجل منافاة بين ولاية المتعادين ففى ولاية الكفار قبح بالذات و قبح بالعرض بالحرمان عن ولاية المؤمنين- و ذكر البغوي قول مقاتل انها نزلت فى حاطب بن ابى بلتعة و غيره كانوا يظهرون المودة لكفار مكة و ذكر قول الكلبي عن ابى صالح انها نزلت فى المنافقين عبد اللّه بن ابى و أصحابه كانوا يتولون المشركين و اليهود و يأتونهم بالأخبار يرجون ان يكون لهم الظفر على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فانزل اللّه تعالى هذه الاية و نهى المؤمنين عن فعل مثل فعلهم- (فصل) الحب فى اللّه و البغض فى اللّه باب عظيم من أبواب الايمان عن ابن مسعود قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المرء مع من أحب متفق عليه و عن انس مرفوعا نحوه بلفظ أنت مع من أحببت متفق عليه و عن ابى موسى قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مثل الجليس الصالح و السوء «١» كحامل المسك و نافح الكير» (١) مثنوى- دور شو از اختلاط يار بد يار بد بدتر بود از مار بد. فحامل المسك اما ان يحذيك اى يعطيك- نهايه منه و اما ان تبتاع منه و اما ان تجد منه ريحا طيبة و نافح الكير اما ان يحرق ثيابك و اما ان تجد منه ريحا خبيثة متفق عليه و عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لابى ذر يا أبا ذر اىّ عرى الايمان أوثق قال اللّه و رسوله اعلم قال الموالاة فى اللّه و الحب فى اللّه و البغض فى اللّه رواه البيهقي فى الشعب و عن ابى ذر قال قال النبي صلى اللّه عليه و سلم ان أحب الأعمال الى اللّه تعالى الحب فى اللّه و البغض فى اللّه رواه احمد و ابو داود و فى الباب أحاديث كثيرة وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اى اتخاذهم اولياء فَلَيْسَ الضمير المرفوع عائد الى من يفعل مِنَ اللّه حال من شى ء قدم عليه لتنكيره فِي شَيْ ءٍ خبر ليس و التنكير للتحقير يعنى ليس هو كائنا فى شى ء حقير من ولاية اللّه او من دين اللّه يعنى كما ان ولاية الكفار لا يجتمع ولاية المؤمنين كذلك لا يجتمع ولاية اللّه ايضا- و لو قال مار بد تنها همين بر جان زند يار بد بر جان و بر ايمان زند - منه رح (٢) ضارب كير الحداد الذي يجعل من الطين- منه رح [.....] من دون اللّه و المؤمنين لافاد ذلك الفائدة مع الاختصار لكن المقصود كمال المبالغة فى البعد عن ولاية اللّه إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا استثناء مفرغ منصوب على الظرفية و هو من حيث المعنى متعلق بكلا الجملتين السابقتين و من حيث اللفظ بإحداهما مقدرا للاخرى كما هو داب التنازع يعنى لا يجوز موالاة الكفار فى شى ء من الأوقات الا وقت ان تتقوا منهم و من يفعل ذلك ليس هو من اولياء اللّه فى شى ء من الأوقات الا وقت الاتقاء- و الاتقاء افتعال من الوقاية يعنى وقاية نفسه من شرهم و يلزمه الخوف و لاجل ذلك قيل معناه الا ان تخافوا مِنْهُمْ تُقاةً كذا قرا الجمهور و قرا مجاهد و يعقوب تقيّة على وزن فعيلة و على التقديرين مصدر من غير باب الفعل يقال توقيته تقاة و تقى و تقية و تقوى و إذا قلت اتقيت كان مصدره اتقاء ثم المصدر جاز ان يكون بمعناه و يكون منصوبا على المصدرية و المعنى لا يجوز موالاة الكفار فى شى ء من الأوقات الا وقت ان تتقوا أنفسكم منهم اى من شرهم تقاة و جاز ان يكون بمعنى المفعول فالمعنى الا وقت ان تخافوا من جهتهم ما يجب اتقاؤه و مقتضى الاستثناء اباحة موالاتهم وقت الخوف من شرهم- و لا شك ان الضروري يتقدر بقدر الضرورة فلا يجوز حينئذ الا اظهار الموالاة دون ابطانها و لا يجوز حينئذ ان يستحل دما حراما او مالا حراما او ارتكاب معصية او يظهر الكفار على عورات المسلمين او يطلعهم على اسرار المؤمنين- و أنكر قوم التقية بعد ظهور الإسلام قال معاذ بن جبل كانت التقية فى جدة الإسلام قبل استحكام الدين و قوة الإسلام فاما اليوم فليس ينبغى لاهل الإسلام ان يتقوا من عدوهم- ثم بالغ سبحانه فى المنع عن ولاية الكفار و زاد على نفى ولاية المؤمنين و نفى ولاية اللّه عمن تولى بالكفار بالوعيد فقال وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ اى يخوفكم سخطه و عقابه فى موالاة الكفار و ذكر النفس ليعلم ان المحذر منه عقاب يصدر منه تعالى فلا يبالى بما يخاف أحدكم من الكفار فهذا وعيد شديد مشعر بتناهي المنهي فى القبح وَ إِلَى اللّه الْمَصِيرُ (٢٨) اى مصيركم اليه تعالى لا تقوتونه و هذا وعيد اخر. |
﴿ ٢٨ ﴾