٣٠ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً الظرف اعنى يوم متعلق بتود و ما موصولة ليست بشرطية لاجماع القراء على رفع تود و لو كانت شرطية لذهب بعضهم الى جزمه بناء على جواز الرفع و الجزم إذا كان الشرط ماضيا مع ان المروي عن المبرّد ان الرفع شاذ يعنى إذا كان الشرط ماضيا و الجزاء مضارعا و الموصول مع صلته مفعول لتجدو هى بمعنى تصيب فلا يقتضى الا مفعولا واحدا و محضرا حال منه و ما عملت من سوء معطوف على ما عملت من خير- و لعل المراد حينئذ بكل نفس هاهنا نفس مؤمنة خلطت عملا صالحا و اخر سيّئا- و اما من ليس له الا عمل صالح او الا عمل سى ء فيظهر حاله بالمقايسة و المفهوم- فاللّه سبحانه برأفته بحضر للمؤمن عمله الصالح على رءوس الخلائق دون عمله السوء بل تجده فى نفسه و تود ان لا يظهره اللّه او يظهره اللّه على الإخفاء و التستر كما فى الصحيحين عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ان اللّه يدنى المؤمن فيضع عليه كتفه و يستر فيقول أ تعرف ذنب كذا أ تعرف ذنب كذا فيقول نعم اى رب حتى قدره بذنوبه و راى فى نفسه انه قد أهلك قال سترتها عليك فى الدنيا و انا اغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته و اما الكافر و المنافق فينادى بهم على رءوس الخلائق هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللّه عَلَى الظَّالِمِينَ- و ان كان تجد بمعنى تعلم فحينئذ محضرا يكون مفعولا ثانيا له محمولا على ما عملت من خير و فيما عطف عليه يقدر مثله كما فى قوله علمت زيدا فاضلا و عمروا يعنى تجد الخير و الشر محضرين و كلمة لو مقحمة و ان مع اسمها و خبرها مفعول لتودا و هى بمعنى ليت حكاية لودادهم و ان مع اسمها و خبرها بمنزلة الاسم مع الخبر لليت و حذف مفعول تود لما يدل عليه ما بعده- و جاز ان يكون لو مصدرية و بعدها فعل مقدر فاعلها ان مع اسمها و خبرها و ذلك الفعل بتأويل المصدر مفعول لتود و ضمير بينه راجع الى اليوم او الى ما عملت من سوء تقدير الكلام حين تصيب كل نفس عملها الخير اى صحيفة عملها او جزاءه حال كونه محضرا و تصيب عملها الشر او تعلم جزاء خيرها و شرها محضرين عندها تود اى تتمنى مسافة بعيدة بينها و بين ذلك اليوم و هو له لما يرى من عملها السوء و ان كان ذلك مع ما يرى من صالح عمله فان طمع النفع لا يصير مطمح نظره عند خوف الضرر او بينها و بين عملها السوء او يتمنى ثبوت مسافة بينها و بينه- و الأمد الاجل و الغاية التي ينتهى إليها- قال الحسن يسر أحدهم ان لا يلقى عمله السوء ابدا و قيل يود انه لم يعمله و جاز ان يكون يوم متعلقا بقدير و وجه تخصيص القدرة باليوم مع شموله لجميع الازمنة وقوع الثواب او العذاب فى ذلك اليوم و المعنى و اللّه بكل شى ء من ثوابكم و عذابكم قدير يوم تجد- و جاز ان يكون يوم منصوبا بمضمر فيقدر اذكر- و الاولى ان يقدر يحذركم اللّه يوم تجد فلا يكون فى عطف و يحذركم خفاء و على هذه الوجوه تود حال مقدرة من الضمير فى عملت من سوء يعنى تجد ما عملت من سوء مقدرا حين ما عملت ذلك الوداد يوم القيامة- و جاز ان يكون تود خبرا لما عملت من سوء و يكون الواو فى و ما عملت من سوء للاستيناف و تمت الجملة الاولى على ما عملت من خير و جاز ان يكون الواو للعطف و تود بمنزلة المفعول الثاني لتجد محمولا على ما عملت من سوء اى تجد ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء هائلا بحيث تودّ انّ بينها و بينه أمدا بعيدا- عن عدى بن حاتم قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما منكم من أحد الا سيكلمه ربه ليس بينه و بينه ترجمان و لا حجاب يحجبه فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم من عمله و ينظر أشأم منه فلا يرى الا ما قدم و ينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار و لو بشق تمرة وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ جملة مستانفة للتحذير عن ترك الواجبات و إتيان السيئات كما ان ما سبق كان للتحذير عن موالاة الكفار فلا تكرار- و جاز ان يكون معطوفة على تود اى يهاب من هذه اليوم او من عمله السوء وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّه نَفْسَهُ بإظهار قهاريته يوم تجد- و لو كان الظرف متعلقا با ذكر جاز ان يكون هذه الجملة معطوفة على تجد اى اذكر يَوْمَ تَجِدُ و يوم يحذّركم اللّه بإظهار قهاريته و هذه الجملة لبيان المعاملة مع الكفار و قوله تعالى وَ اللّه رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (٣٠) اى بعباده المؤمنين لبيان المعاملة مع المسلمين و جاز على التأويل الاول ان يكون هذه الجملة فى مقام التعليل للجملة الاولى يعنى انما يحذّركم اللّه نفسه لانه رؤف بالعباد يريد إصلاحهم- اخرج ابن جرير و ابن المنذر عن الحسن مرسلا قال قال أقوام على عهد نبيّنا صلى اللّه عليه و سلم و اللّه يا محمد انا لنحب ربنا فانزل اللّه تعالى. |
﴿ ٣٠ ﴾