٩٣

لتكذيبهم كُلُّ الطَّعامِ مصدر بمعنى المفعول معناه تناول الغذاء و المراد هاهنا الغذاء و اللام للعهد يعنى كل مطعوم من الطيبات التي حرم فى التورية بظلم من الذين هادوا فلا يشتمل ذلك الميتة و الدم و لحم الخنزير و غير ذلك من الخبائث كالسباع و نحوها كانَ حِلًّا مصدر يقال حل الشي ء حلّا نعت به فيستوى فيه المذكر و المؤنث و الجمع و الواحد

قال اللّه تعالى لاهنّ حلّ لهم يعنى كان ذلك المطعومات حلالا لِبَنِي إِسْرائِيلَ اى لاولاد يعقوب كما كان حلالا على يعقوب و أبويه ابراهيم و إسحاق إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ يعنى يعقوب عَلى نَفْسِهِ و هى لحوم الإبل و ألبانها و ذلك لانه كان به عرق النساء فنذر ان شفى اللّه له لم يأكل أحب الطعام اليه و كان ذلك أحبه اليه أخرجه احمد و الحاكم و غيرهما عن ابن عباس مرفوعا بسند صحيح- و كذا ذكر البغوي عن ابى العالية و عطاء و مقاتل و الكلبي و ذكر البغوي رواية جويبر عن ابن عباس انه لما أصاب يعقوب عرق النساء وصف له الأطباء ان يجتنب لحمان الإبل فحرمها يعقوب على نفسه و

قال البغوي قال الحسن حرم إسرائيل على نفسه لحم الجزور تعبد اللّه عز و جل فسال ربه ان يجيز ذلك له فحرمه اللّه على ولده و قال عطية انما كان ذلك محرما عليهم بتحريم إسرائيل فانه كان قد قال ان عافانى اللّه لم يأكله ولد لى و لم يكن محرما عليهم من اللّه تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ الظرف لا يجوز ان يتعلق بحرم إسرائيل كما هو الظاهر إذ لا فائدة حينئذ فى التقييد فان تحريم إسرائيل لا يتصور بعد نزول التورية و لو جعل متعلقا بكان حلا لزم قصر الصفة قبل تمامها فهو متعلق بمحذوف دل عليه ما سبق و هو كانه فى جواب متى كان حلّا و تقديره كان حلّا من قبل ان تنزّل التّورية فلما نزّل التورية حرم عليهم الطيبات بظلمهم قال اللّه تعالى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ و قال وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَ مِنَ الْبَقَرِ وَ الْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ و قال الكلبي كانت بنوا إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما حرم اللّه عليهم طعاما طيبا اوصب عليهم رجزا و هو الموت-

و قال الضحاك لم يكن شى ء من ذلك حراما عليهم و لا حرمه اللّه فى التورية و انما حرموه على أنفسهم اتباعا لابيهم ثم أضافوا تحريمه الى اللّه عز و جل فكذبهم اللّه- و هذا ليس بشى ء حيث قال اللّه تعالى حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ و قال حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما لما فى الصحيحين انه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعن اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها و أكلوا ثمنها قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

(٩٣) امر اللّه سبحانه رسوله بمحاجتهم بكتابه و تبكيتهم بما فيه من انه قد حرم عليهم بظلمهم ما لم يكن محرما قبل ذلك فبهتوا و لم يأتوا بالتورية- و فيه دليل على نبوته صلى اللّه عليه و سلم و كونه على ملة ابراهيم عليه السلام ورد على اليهود فى منع النسخ.

﴿ ٩٣