٩٩

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ تمنعون عَنْ سَبِيلِ اللّه يعنى عن الإسلام الذي هو الموصل اليه تعالى شأنه مَنْ آمَنَ يعنى أراد الايمان منصوب على المفعولية من تصدون يعنى تصدون عن الايمان من أراد ان يؤمن كرر الخطاب و الاستفهام مبالغة فى التقريع و نفى العذر و اشعارا بان كل واحد من الامرين مستقبح فى نفسه مستقل باستجلاب العذاب تَبْغُونَها اى السبل عِوَجاً اى معوجة مصدر بمعنى المفعول او المعنى تبغون لها عوجا اى اعوجاجا- و جملة تبغون حال من فاعل تصدون- و كانت اليهود يلبسون على الناس الحق بتحريف صفة النبي صلى اللّه عليه و سلم و القول بان دين موسى مؤبد-

و بما يحرشون بين المؤمنين ليختلف كلمتهم و يأتون الأوس و الخزرج و يذكّرونهم ما كان بينهم فى الجاهلية من العداوة وَ أَنْتُمْ شُهَداءُ على ما تعملون او على ما فى التورية مكتوبا عندكم من نعت محمد صلى اللّه عليه و سلم و ان دين اللّه هو الإسلام وَ مَا اللّه بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩) و تختانون فى صد المؤمنين عن الايمان اخرج ابن إسحاق و ابو الشيخ و ابن جرير عن زيد مرسلا و ذكره البغوي انه مرّ شمّاس بن قيس اليهودي و كان شيخا عظيم الكفر شديد الطعن على المسلمين على نفر من الأوس و الخزرج فى مجلس جمعهم يتحدثون فغاظه ما راى من ألفتهم و صلاح ذات بينهم فى الإسلام بعد ان كان بينهم فى الجاهلية من العداوة و قال ما اجتمع ملا بنى قيلة بهذه البلاد لا و اللّه ما لنا معهم إذ اجتمعوا بها من قرار فامر شابّا من اليهود كان معه فقال اعمد إليهم و اجلس معهم ثم ذكّرهم يوم بعاث و ما كان قبله و انشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الاشعار و كان بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس مع الخزرج و كان الظفر فيه للاوس على الخزرج فتكلم القوم عند ذلك فتنازعوا و تفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب أوس بن قبطى أحد بنى حارثة من الأوس و جبار بن صخر أحد بنى سلمة من الخزرج فتقاولا ثم قال أحدهم لصاحبه ان شئتم و اللّه رددتها الان جذعة و غضب الفريقان جميعا و قالا قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة و هى حرة فخرجوا إليها و انضمت الأوس و الخزرج بعضها الى بعض على دعواهم التي كانوا عليها فى الجاهلية فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين فقال يا معشر المسلمين أ بدعوى الجاهلية و انا بين أظهركم بعد إذ كرّمكم اللّه فى الإسلام و قطع به عنكم امر الجاهلية و الف بينكم ترجعون الى ما كنتم عليه كفارا اللّه اللّه فعرف القوم انها نزغة من الشيطان و كيد من عدوهم فالقوا السلاح من أيديهم و بكوا و عانقوا بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سامعين مطيعين فانزل اللّه تعالى فى أوس و جبار و من كان معهما.

﴿ ٩٩