١٢٨ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ شى ء اسم ليس و لك خبره و اللام بمعنى الى كما فى قوله مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ و من الأمر حال من شى ء روى احمد و البخاري عن ابن عمر قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول اللّهم العن فلانا و فى رواية اللّهم العن أبا سفيان اللّهم العن الحرث بن هشام اللّهم العن سهيل بن عمرو اللّهم العن صفوان بن امية فنزلت هذه الاية الى آخرها فتيب عليهم كلهم و روى البخاري عن ابى هريرة نحوه قال الحافظ ابن حجر طريق الجمع انه صلى اللّه عليه و سلم دعا على المذكورين فى صلاته بعد ما وقع له من الأمر المذكور يوم أحد فنزلت الاية فى الامرين معا فيما وقع له و فيما نشأ عنه من الدعاء عليهم- و قال سعيد بن المسيب و محمد بن إسحاق لما راى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و المسلمون يوم أحد ما نال أصحابهم من جزع الاذان و الأنوف و قطع المذاكير قالوا لئن انا لنا اللّه منهم لنفعلن بهم مثل ما فعلوا و لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد فانزل اللّه تعالى هذه الاية- و قيل أراد النبي ان يدعوا عليهم بالاستيصال فنزلت هذه الاية و ذلك لعلمه تعالى فيهم بان كثيرا منهم يسلمون لكن يشكل ما رواه مسلم من حديث ابى هريرة انه صلى اللّه عليه و سلم كان يقول فى الفجر اللّهم العن رعلا و ذكوان و عصية حتى انزل اللّه تعالى هذه الاية فان قصة رعل و ذكوان كان بعد ذلك و هم اهل بير معونة بعث إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سبعين رجلا من القراء ليعلموا الناس القران و العلم أميرهم المنذر بن عمرو- فقتلهم عامر بن الطفيل فوجد من ذلك وجدا شديدا و قنت شهرا فى الصلوات كلها يدعو على جماعة من تلك القبائل باللعن و السنين- قال الحافظ ثم ظهرت لى علة فى حديث ابى هريرة هذه و ان فيه إدراجا فان قوله حتى انزل اللّه منقطع من رواية الزهري عمّن بلغه بيّن ذلك مسلم و هذا البلاغ لا يصح- و يحتمل ان يقال ان قصة رمل و ذكوان كان عقيب غزوة أحد باربعة أشهر فى صفر سنة اربع من الهجرة فلعلها نزلت فى جميع ذلك و تأخير نزول الاية عن سبب نزولها قليلا غير مستبعد- و ورد فى سبب نزول الاية ايضا ما أخرجه البخاري فى تاريخه و ابن إسحاق عن سالم بن عبد اللّه بن عمر قال جاء رجل من قريش الى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال انك تنهى عن الشي ء ثم تحول فحول قفاه الى النبي صلى اللّه عليه و سلم و كشف استه فلعنه و دعا عليه فانزل اللّه تعالى هذه الاية ثم اسلم الرجل فحسن إسلامه و هو مرسل غريب أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ان اسلموا أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فى الدنيا بالقتل و الاسر و فى الاخرة بالنار ان أصروا على الكفر فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨) تعليل للتعذيب قال الفراء كلمة او فى قوله او يتوب عليهم بمعنى حتى و قال ابن عيسى انها بمعنى الّا ان كقولك لا لزمنك او تعطينى حقى يعنى ليس مفوضا إليك من أمرهم من التعذيب او الانجاء شى ء حتى يتوب اللّه عليهم بإسلامهم فتفرح به او يعذبهم بظلمهم فتشفى منهم- و قيل يحتمل ان يكون او يتوب عليهم معطوفا على الأمر او على شى ء بإضمار ان و المعنى ليس لك من أمرهم او من التوبة عليهم او من تعذيبهم شى ء انما أنت عبد مامور بانذارهم و جهادهم و الأمر كله للّه قال التفتازانيّ فهو من قبيل عطف الخاص على العام و فى مثله بكلمة او نظر و أجيب بان هذا إذا كان الأمر بمعنى الشأن- و لك ان تجعل الأمر بمعنى التكليف و الإيجاب- و المعنى ليس ما تأمر به من عندك و ليس الأمر و إيجاب الواجبات بيدك و لا التوب عليهم و لا التعذيب قلت و لو كان نزول الاية متصلا بما قبله فالظاهر ان يكون قوله او يتوب عليهم معطوفا على قوله او يكبتهم و المعنى نصركم اللّه ببدر ليقطع و يهلك طائفة من الذين كفروا بالقتل او يكبت طائفة منهم بالهزيمة او يتوب على طائفة منهم بالإسلام او يعذب طائفة منهم بالأسر و أخذ الفدية فهو بيان لانواع احوال الكفار و قوله لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ جملة معترضة لمنعه عن الدعاء عليهم. |
﴿ ١٢٨ ﴾