١٤٠ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ يوم أحد قرا حمزة و الكسائي و أبو بكر قرح بضم القاف حيث جاء و الباقون بالفتح و هما لغتان معناهما عض السلاح و نحوه مما يخرج البدن كذا فى القاموس و قال الفراء القرح بالفتح الجراحة و بالضم الم الجراحة فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ اى قوم الكفار من قريش قَرْحٌ مِثْلُهُ يوم بدر و هم لم يضعفوا عن معاودتكم للقتال فانتم اولى بذلك نزلت هذه الاية تسلية للنبى صلى اللّه عليه و سلم و المؤمنين حين انصرفوا من أحد مع الكآبة و الحزن و ليجتروا على عدوهم وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ يعنى اوقات النصر نُداوِلُها نصرفها بَيْنَ النَّاسِ يعنى كذلك جرت عادتنا فيكون النصر تارة لهؤلاء و تارة لهؤلاء و الأيام صفة لتلك و هو مبتدا خبره نداولها او الأيام خبر و نداولها حال و العامل فيه معنى الاشارة عن البراء بن عازب قال جعل النبي صلى اللّه عليه و سلم على الرجالة و كانوا خمسين رجلا عبد اللّه بن جبير فقال ان رايتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم و ان رايتمونا هزمنا القوم و أوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم فهزمهم قال و انا و اللّه رايت النساء يشتددن قد بدت خلا خلهن و اسوقهن رافعات ثيابهن- فقال اصحاب عبد اللّه بن جبير الغنيمة اى قوم الغنيمة ظهر أصحابكم فما تنتظرون فقال عبد اللّه بن جبير أنسيتم ما قال لكم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قالوا و اللّه لناتين الناس فلنصيبن من الغنيمة فلما أتوهم صرفت وجوههم فاقبلوا منهزمين فذاك قوله تعالى وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ إذ يدعوهم الرسول فى أخراهم فلم يبق مع النبي صلى اللّه عليه و سلم غير اثنى عشر رجلا فاصابوا منا سبعين- و كان النبي صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر مائة و أربعين سبعين أسيرا و سبعين قتيلا فقال ابو سفيان ا فى القوم محمد ثلاث مرات فنهاهم النبي صلى اللّه عليه و سلم ان يجيبوه ثم قال ا فى القوم ابن ابى قحافة ثلاث مرات ثم قال ا فى القوم ابن الخطاب ثلاث مرات ثم رجع الى أصحابه فقال اما هؤلاء قد قتلوا فما ملك عمر رضى اللّه عنه نفسه فقال كذبت و اللّه يا عدو اللّه ان الذين عددت لاحياء كلهم و قد بقي لك ما يسوءك فقال يوم بيوم بدر و الحرب سجال انكم ستجدون فى القوم مثلة لم آمر بها و لا تسؤنى ثم أخذ يرتجز اعل هبل اعل هبل فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم الا تجيبوه قالوا يا رسول اللّه ما نقول قال قولوا اللّه أعلى و أجل قال ان لنا العزى و لا عزى لكم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الا تجيبوه قالوا يا رسول اللّه ما نقول قال قولوا اللّه مولانا و لا مولى لكم رواه البخاري و غيره و فى رواية فقال ابو سفيان قد أنعمت هلم يا عمر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لعمر آته فانظر ما شأنه فجاءه فقال ابو سفيان أنشدك اللّه يا عمر ا قتلنا محمدا قال اللّهم لا انه يسمع كلامك الان قال أنت عندى اصدق من ابن قمية و ابر و قد قال ابن قمية لهم انى قتلت محمدا ثم قال ابو سفيان الا ان موعدكم بدر الصغرى على رأس الحول فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قل نعم هو بيننا و بينكم موعد و انصرف ابو سفيان الى أصحابه و أخذ فى الرحيل و روى هذا المعنى عن ابن عباس و فى حديثه قال ابو سفيان يوم بيوم و ان الأيام دول و الحرب سجال فقال عمر لا سواء قتلانا فى الجنة و قتلاكم فى النار- قال الزجاج الدولة يكون للمسلمين على الكفار لقوله تعالى إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ و انما كانت يوم أحد للكفار على المسلمين لمخالفتهم امر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وَ لِيَعْلَمَ اللّه الَّذِينَ آمَنُوا عطف على علة محذوفة و فائدة الحذف الإيذان بان العلة المحذوفة متعددة يطول ذكرها و اللام متعلق بنداولها اى نداولها لحكم و مصالح لا يحصى و ليعلم اللّه المؤمنين ممتازين عند الناس بالصبر و الثبات على الايمان من غيرهم و جاز ان يقال المعطوف عليه غير محذوف بل هو المفهوم من قوله تعالى وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها كانه قال داو لنا بينكم الأيام لان هذه عادتنا و ليعلم و الخلق و الافناء من قبيل مداولة الأيام- و القصد فى أمثاله و نقائضه ليس الى اثبات علمه تعالى و نفيه بل الى اثبات المعلوم فى الخارج و نفيه على طريقة البرهان لان علم اللّه تعالى لازم للمعلوم و بالعكس و نفى المعلوم مستلزم لنفى العلم كيلا ينقلب العلم جهلا فاطلق الملزوم و أريد به اللازم فمعنى الاية ليتحقق امتياز المؤمنين من غيرهم عند الناس- و قيل معناه ليعلم اللّه علما يتعلق به الجزاء و هو العلم بالشي ء موجودا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ اى يكرم ناسا منكم بالشهادة يريد شهداء أحد- او المعنى و ليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة بالثبات و الصبر على الشدائد- اخرج ابن ابى حاتم عن عكرمة قال لما ابطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فاذا رجلان مقبلان على بعير فقالت امراة ما فعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قالا حى قالت فلا أبالي يتخذ اللّه من عباده شهداء- فنزل القران على ما قالت وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَ اللّه لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) الكافرين المنافقين الذين لم يظهر منهم الثبات على الايمان جملة معترضة بين المعطوفين و فيه تنبيه على ان اللّه لا ينصر الكافرين على الحقيقة و انما يغلبهم أحيانا استدراجا لهم و ابتلاء للمؤمنين. |
﴿ ١٤٠ ﴾