١٧٢ الَّذِينَ اسْتَجابُوا للّه وَ الرَّسُولِ دعاءه بالخروج للقتال مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ الجراح يوم أحد الموصول منصوب على المدح او مبتدا خبره الجملة الواقعة بعده لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَ اتَّقَوْا من للبيان و المقصود من ذكر الوصفين المدح و التعليل دون التقييد لان المستجيبين كلهم كانوا محسنين متقين أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) و جاز ان يكون الموصول صفة للمؤمنين و تم الكلام على قوله مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ و ما بعده ابتداء و قال مجاهد و عكرمة خلافا لاكثر المفسرين انه نزلت هذه الاية فى غزوة بدر الصغرى و ذلك ان أبا سفيان يوم أحد حين أراد ان ينصرف قال يا محمد موعد ما بيننا و بينك موسم بدر الصغرى القابل ان شئت فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذلك بيننا و بينك ان شاء اللّه فلما كان العام المقبل خرج ابو سفيان من مكة فى قريش و هم الفان و معهم خمسون فرسا حتى نزل مجنة فى ناحية مر الظهران ثم القى اللّه الرعب فى قلبه فبدا له الرجوع فلقى نعيم بن مسعود الا شجعى و قد قدم معتمرا فقال له ابو سفيان يا نعيم انى و أعدت محمدا و أصحابه ان نلتقى بموسم بدر الصغرى و ان هذه عام جدب و لا يصلحنا الا عام نرعى فيه الشجر و نشرب فيه اللبن و قد بدا لى ان لا اخرج إليها و اكره ان يخرج محمد و لا اخرج انا فيزيدهم ذلك جرءة و لان الخلف من قبلهم أحب الىّ من ان يكون من قبلى فالحق بالمدينة فثبطهم و أعلمهم انى فى جمع كثير و لا طاقة لهم بنا و لك عندى عشرة من الإبل أضعها على يدى سهيل بن عمرو و يضمنها فضمنها سهيل- و اتى نعيم المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد ابى سفيان فقال اين تريدون فقالوا واعدنا أبا سفيان بموسم بدر الصغرى ان نقتتل بها فقال بئس الرأى رايتم أتوكم فى دياركم و قراركم فلم يفلت منكم إلا شريد فتريدون ان تخرجوا و قد جمعوا لكم عند الموسم و اللّه لا يفلت منكم أحد فكره بعض اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الخروج و استبشر المنافقون و اليهود و قالوا محمد لا يفلت من هذا الجمع فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى خشى ان لا يخرج معه أحد و جاء ابو بكر و عمرو قد سمعا ما سمعا و قالا يا رسول اللّه ان اللّه مظهر دينه و معزّ نبيه و قد واعدنا القوم موعدا لا نحب ان نتخلف فسر لموعدهم فو اللّه ان ذلك لخير فسرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بذلك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الذي نفسى بيده لاخرجن و لو وحدي فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه حسبنا اللّه و نعم الوكيل فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فى أصحابه و أتوا بدر الصغرى فجعلوا يلقون المشركين و يسئلونهم عن قريش فيقولون قد جمعوا لكم يريدون ان يرعبوا المسلمين فيقول المؤمنون حسبنا اللّه و نعم الوكيل حتى بلغوا بدرا و كانت موضع سوق لهم فى الجاهلية يجتمعون إليها يقوم لهلال ذى القعدة الى ثمان ليال خلون منه فاذا مضت ثمان ليال تفرق الناس الى بلادهم فاقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ينتظر أبا سفيان و قد انصرف ابو سفيان من مجنة الى مكة فلم يلق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه أحد من المشركين و واقفوا السوق و كانت معهم تجارات و نفقات فباعوا و أصابوا للدرهم درهمين و انقلبوا الى المدينة سالمين غانمين فحينئذ نزل قوله تعالى الَّذِينَ اسْتَجابُوا للّه إلخ و الصحيح هو القول الاول و اقتضاه صنيع البخاري و رجحه ابن جرير قلت و يؤيد القول الاول سياق الاية حيث قال اللّه تعالى الَّذِينَ اسْتَجابُوا للّه وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ مدحهم بانهم خرجوا للجهاد و استجابوا للّه و الرسول مع كونهم مجروحين متالمين بالجراحات و ليس ذلك الا فى غزوة حمراء الأسد و اما غزوة بدر الصغرى فكانت بعد سنة و حينئذ كانوا أصحاء سالمين و بعدية إصابة القرح ان لم يحمل على الفور فلا وجه لتخصيص هذه الاية بغزوة بدر الصغرى بل يصدق على غزوة الخندق و غيرها ايضا و اللّه اعلم. |
﴿ ١٧٢ ﴾